قلم: موهيتين أتامان

(صحيفة “ديلي صباح” التركية- ترجمة: نجاة نور، الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)

اليمن من أفقر دول العالم العربي, حيث لطالما كان يعاني من العديد من الصعوبات منذ عقود.

كانت إدارة علي عبد الله صالح قبل الربيع العربي فاسدة، مما دفع الشعب اليمني للنزول إلى الشارع.

وفي النهاية أطاحوا بحكومة صالح في عام 2012 عندما وصلت موجات الثورات العربية إلى البلد.

ثم حاول نائبه عبد ربه منصور هادي تشكيل “حكومة وحدة” مع الفصائل السياسية الأخرى عقب الانتخابات الرئاسية التي أجريت في العام نفسه, ومع ذلك، لم يتمكن من تأمين الاستقرار السياسي داخل البلد.

عارضت دول المنطقة قيام اليمنيين بتشكيل حكومة وحدة مستقرة، فقامت كلاً من إيران والسعودية بتمويل وتشجيع الفصائل المتصارعة وتحريضهم على بعضهم البعض.

رفض الحوثيون المدعومون من إيران قبول حكومة الوحدة برئاسة هادي، وشنوا تمردا في سبتمبر 2014، ثم استطاعوا السيطرة في النهاية على العاصمة صنعاء.

وبمجرد سيطرة الحوثيين على صنعاء، شنت المملكة العربية السعودية هجوماً عسكرياً على العاصمة في مارس 2015.

قتل الآلاف من الأبرياء في قصف التحالف بقيادة السعودية، والذي استهدف العديد من المواقع التاريخية وكذلك المساجد.

ومنذ ذلك الحين، اندلعت حرب أهلية شرسة بين القوات الموالية للحكومة المدعومة من السعودية وميليشيات الحوثي المدعومة من إيران.

ومع احتدام الحرب الأهلية، كانت الدولة الضعيفة بالفعل تواجه مشكلة أخرى مع ظهور وباء الكوليرا, حيث أبلغت اليمن عن ما يقرب من مائة ألف حالة, وفي غضون فترة زمنية قصيرة للغاية، دخلت البلد في أزمة إنسانية حادة.

تفشي الفقر والجوع:

يكافح في اليمن كلا من الحكومة والشعب الأزمات الاقتصادية، في محاولة للخروج من الفقر المتفشي على مستوى البلد.

ظل الشعب اليمني محروماً من المياه النظيفة والأغذية والتعليم والخدمات الصحية على مدى السنوات العديدة الماضية وحتى الوقت الحاضر.

الآن وبشكل مُلح، يحتاج 80٪ من الشعب اليمني إلى المساعدات الإنسانية, حيث يقدر أن 20 مليون شخص لا يحصلون على الغذاء الصحي، و 18 مليوناً يفتقرون إلى المياه النظيفة، كما أنهم غير قادرين على تلقي الرعاية الصحية الكافية.

يعيش 10 ملايين شخص تحت وطأت الجوع الشديد في اليمن، بالإضافة إلى نزوح حوالي 4 ملايين شخص, حيث اضطروا إلى مغادرة منازلهم في مناطق الصراع.

علاوة على الآثار غير المباشرة للحرب الأهلية، يعاني الناس من آثارها المباشرة أيضاً، والتي تشمل العنف المنهجي ضد الأبرياء والمدنيين العُزل.

طوال فترة الحرب، تم استهداف المواقع المدنية المزدحمة مثل الاسواق والمدارس والمستشفيات والمساجد والمقابر، وزادت التقارير عن ارتفاع العنف ضد العزل، بما في ذلك النساء بشكل كبير.

لم تدمر الحرب البنية التحتية الاقتصادية للبلد فحسب، بل أدت أيضاً إلى قلب حياة اليمنيين الاجتماعية.

الأسباب الجذرية:

ما هي الأسباب الرئيسية للحرب الأهلية والكارثة الإنسانية في اليمن؟ بدايةً، يُعد التفرقة السياسة اليمنية أحد المساهمين الرئيسيين في الوضع الحالي، حيث أدى إلى عزل الجهات الفاعلة الداخلية سياسياً.

تستثمر الأطراف المقاتلة بكثافة في القطاع العسكري وتدفع رواتب مرتفعة للميليشيات التي تخوض الحرب الأهلية.

لذلك، يمكن تحميل الفصائل الداخلية مسؤولية الأزمة الإنسانية الحالية، بما في ذلك الحوثيون والمليشيات الموالية للحكومة والقاعدة والجماعات التابعة لها.

ومع تزايد التفرق و التقسيم داخل البلد، بدأ الفاعلون السياسيون الذين يمثلون الأقلية الشيعية الزيدية والأغلبية السنية التقليدية في التفرقة بين بعضهم البعض، حيث لجئوا في النهاية إلى العنف.

طوال فترة الحرب، أدت هذه الجماعات إلى تفاقم الأزمة الإنسانية، حيث قامت بحكم الأمر الواقع بغوص البلد في العديد من الكيانات السياسية وأقامت كل مجموعة نقاط تفتيش في المنطقة الخاضعة لسيطرتها.

ثانياً، يجب تحميل الدول الثلاث المتدخلة، وهي السعودية وإيران والإمارات، مسؤولية الأزمة الإنسانية.

من الواضح أن هذه الدول الثلاث لا تريد حلاً للأزمة، حيث يتضح هذا من خلال استغلالها خطوط الصدع السياسية المحلية واستغلال الموارد من أجل مصالحها الوطنية.

استثمرت القوى الإقليمية ووكلائها على الأرض في قتل الشعب اليمني بدلاً من الاهتمام به، وللأسف لن ترسم المسار الصحيح, عندما يتعلق الأمر بتحقيق أهدافهم.

المشكلة العالمية:

ثالثاً، القوى العالمية التي كانت تقدم السلاح لدول المنطقة ووكلائها في اليمن مسؤولة أيضاً عن الأزمة الإنسانية.

كما أن كل القوى العالمية والرأي العام العالمي غير مبالين إلى حد كبير بمأساة اليمن.

لم تفعل المؤسسات العالمية مثل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والمنصات الإقليمية مثل جامعة الدول العربية أي شيء تقريباً لمنع الكارثة.

فقط بعد عدة دعوات جادة من مؤسسات الأمم المتحدة، بدأت بعض الدول الغربية في فرض حظر أسلحة على الدول المنخرطة، بما في ذلك الإمارات والسعودية.

بشكل عام، يجب على الجهات الفاعلة الدولية التحرك بأسرع ما يمكن لإنهاء هذه الأزمة الإنسانية الملحة.

وبخلاف ذلك، سوف تستمر التكلفة الإنسانية والسياسية والأمنية لهذه الكارثة في الارتفاع، مما يؤثر على دول المنطقة والمجتمع الدولي.

* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.