السياسية:

استولى الجيش في ميانمار على السلطة بعد اعتقال الزعيمة المدنية أونغ سان سو تشي وأعضاء كبار آخرين في حزبها الحاكم.

وقال بيان بثه التلفزيون العسكري إن كل السلطات منحت للقائد الأعلى للجيش وأعلنت حالة الطوارئ لمدة عام.

وجاء الانقلاب في أعقاب الفوز الساحق الذي حققته الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية التي ترأسها سو تشي في الانتخابات.

وحثت سو تشي أنصارها على “عدم قبول ذلك” و “الاحتجاج على الانقلاب”.

وقالت في رسالة كتبتها قبيل اعتقالها إن تصرفات الجيش أعادت البلاد إلى عهد الديكتاتورية.

وقال الجيش في الساعات الأولى من صباح اليوم الاثنين إنه سلم السلطة إلى القائد العام للقوات المسلحة، مين أونغ هلينغ، بسبب “تزوير الانتخابات”.

وانتشر الجنود في شوارع العاصمة ناي بي تاو وفي المدينة الرئيسية يانغون.

وكانت ميانمار ، التي عرفت باسم بورما، خاضعة لحكم القوات المسلحة حتى عام 2011، عندما أنهت الإصلاحات الديمقراطية بقيادة أونغ سان سو تشي الحكم العسكري.

كيف كان رد الفعل؟

أدانت الولايات المتحدة الانقلاب، قائلة إن واشنطن “تعارض أي محاولة لتغيير نتائج الانتخابات الأخيرة، أو إعاقة التحول الديمقراطي في ميانمار”.

ودعا وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكين، إلى إطلاق سراح جميع المسؤولين الحكوميين وقادة المجتمع المدني.

وقال إن الولايات المتحدة “تقف إلى جانب شعب بورما في تطلعاته إلى الديمقراطية والحرية والسلام والتنمية. ويجب على الجيش التراجع عن هذه الإجراءات على الفور” .

وفي بريطانيا أدان رئيس الوزراء، بوريس جونسون، الانقلاب و”السجن غير القانوني” لأونغ سان سو تشي.

وحثت وزيرة الخارجية الأسترالية ماريس باين “الجيش على احترام سيادة القانون” و “الإفراج الفوري عن جميع القادة المدنيين وغيرهم ممن اعتقلوا بشكل غير قانوني”.

وحثت اليابان، والهند، والاتحاد الأوروبي السلطات في ميانمار على احترام الديمقراطية.

وقالت الصين، التي لها حدود مشتركة مع ميانمار، إنها تريد من جميع الأطراف احترام الدستور ودعم الاستقرار.

ودعت بكين الاثنين جميع الأطراف في ميانمار إلى “حل خلافاتهم” بعد أن استولى الجيش على السلطة واعتقل الزعيمة المنتخبة ديمقراطيا أونغ سان سو تشي.

وقال وانغ ون بين، المتحدث باسم وزارة الخارجية، في مؤتمر صحفي إن “الصين جارة صديقة لميانمار وتأمل في أن تحل مختلف الأطراف في ميانمار خلافاتها بشكل مناسب في إطار الدستور والقانون لحماية الاستقرار السياسي والاجتماعي”.

لكن تايلاند وكمبوديا، وهما دولتان مجاورتان أخريان، قالتا إن استيلاء الجيش على السلطة مسألة داخلية في ميانمار.

ما هو الوضع على الأرض؟

تعطلت الاتصالات، والإنترنت عبر الهواتف المحمولة وبعض خدمات الهاتف في المدن الكبرى، وقالت محطة الإذاعة الحكومية إم آر تي في إنها تواجه مشكلات فنية وهي متوقفة عن البث.

ويبدو أن خطوط الهاتف والاتصال بالإنترنت محدودة في أكبر مدينة في البلاد والعاصمة السابقة يانغون، مع قطع العديد من مقدمي الخدمات خدماتهم.

وحُظر تلفزيون بي بي سي وورلد نيوز ، إضافة إلى محطات البث الدولية الأخرى أثناء توقف بث المحطات المحلية.

وشوهد الناس وهم يصطفون أمام آلات الصرف الآلي في يانغون، وسط توقعات بحدوث أزمة نقدية في الأيام المقبلة.

أوقفت البنوك مؤقتا جميع الخدمات المالية، وفقا لجمعية بنوك ميانمار.

وكان حزب “الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية” الذي تتزعمه سوتشي قد فاز في الانتخابات، التي جرت في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي وحصد مقاعد تمكنه من تشكيل الحكومة، لكن الجيش قال إن التصويت كان مزوّراً.

“اعتقال قيادات الحزب الحاكم”

وكان المتحدث باسم حزب الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية “ميو نيونت” قد قال في وقت سابق، في اتصال مع وكالة رويترز للأنباء، إن “سو تشي والرئيس وين مينت وقادة آخرين اعتقلوا في الساعات الأولى من الصباح”، متوقعاً اعتقاله أيضاً. وطلب من الشعب “ألّا يرد بتهور وأن يتصرف وفق القانون”.

كما داهم الجنود منازل وزراء في عدة مناطق واقتادوهم، بحسب أفراد من عائلاتهم.

وكان من المفترض أن يجتمع البرلمان الجديد يوم الإثنين للمرة الأولى، لكن الجيش كان يدعو إلى تأجيل الجلسة.

ويقول مراسل بي بي سي في جنوب شرق آسيا، جوناثان هيد، إن الانقلاب يبدو أنه انتهاك واضح للدستور الذي صاغه الجيش منذ أكثر من عقد من الزمان، والذي وعد باحترامه مرارا حتى يوم السبت الماضي فقط.

ويقول مراسلنا إن احتجاز القادة السياسيين مثل السيدة سو تشي خطوة استفزازية وخطيرة للغاية، وقد تلقى معارضة قوية.

ماذا جرى خلال الانتخابات؟

فاز حزب الرابطة الوطنية بنسبة 83 في المائة من مقاعد البرلمان، في الانتخابات التي جرت في 8 تشرين الثاني / نوفمبر، والتي نظر إليها كثيرون على أنها استفتاء على حكومة أون سان سوتشي المدنية.

وهي الانتخابات الثانية التي تجرى منذ انتهاء الحكم العسكري عام 2011.

لكن الجيش اعترض على النتائج وقدّم شكاوى لدى المحكمة العليا ضدّ كلّ من الرئيس ورئيس اللجنة الانتخابية.

وكانت المخاوف بشأن انقلاب عسكري تصاعدت بعد تهديد الجيش “بالتحرك” ضدّ عملية التزوير المزعومة. ورفضت اللجنة الانتخابية المزاعم بشأن التزوير.

من هي أون سان سوتشي؟

ابنة بطل الاستقلال في ميانمار، الجنرال أونغ سان، الذي أغتيل عندما كانت في الثانية من عمرها، وذلك قبيل أن تفوز ميانمار باستقلالها عن المستعمر البريطاني عام 1948.

وكان ينظر إلى سوتشي على أنها منارة لحقوق الإنسان، ناشطة دفعتها مبادؤها إلى التخلي عن حريتها لتحدي جنرالات الجيش الذين حكموا ميانمار لعقود.

مُنحت أون سان سوتشي عام 1991 جائزة نوبل للسلام وكانت لا تزال قيد الإقامة الجبرية في منزلها، ووصفت بأنها “مثال بارز على قوة من لا حول ولا قوة لهم”.

وقادت “حزب الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية” إلى فوز كاسح في أول انتخابات تنافسية علنية في ميانمار منذ 25 عاماً.

لكن دستور ميانمار منعها من أن تصبح رئيسة لأن ابنيها يحملان جنسية أجنبيّة. لكن تعد سوتشي، البالغة من العمر 75 عاما، الزعيمة الفعلية للبلاد.

ومنذ أن تسلمت منصب مستشارة الدولة في ميانمار، تصدّر الحديث عن معاملة أقلية الروهينجا المسلمة في البلاد.

عام 2017، هرب مئات الآلاف من الروهينجا إلى بنغلاديش المجاورة بسبب قمع الجيش لهم إثر هجمات دامية على مراكز الشرطة في ولاية راخين.

وواجت سوتشي الاتهام من مناصريها السابقين في العالم، بعدم القيام بأي فعل لإيقاف عمليات الاغتصاب والقتل والإبادة الجماعية المحتملة، بسبب رفضها إدانة الجيش والاعتراف بعدد من فظائع الحرب.

وحاجج البعض بأنها سياسية براغماتية، تحاول أن تحكم بلدا، فيه خليط من الأعراق، ذا تاريخ معقّد. لكنّ دفاعها الشخصي في محكمة العدل الدولية في لاهاي عام 2019، عن الأفعال التي قام بها الجيش، سرّع في انهيار ما بقي من سمعتها الدوليّة.

لكن “السيدة” كما تلقب، لا تزال تحظى بشعبية كبيرة في بلدها بين الغالبية البوذية التي تحمل القليل من الشفقة تجاه الروهينجا.
وكالات