الربيع العربي في ذكراه العاشرة: ھل تحققت “أحلام” الثائرين؟
السياسية – رصد:
ناقشت صحف عربية مرور عشر سنوات على الاحتجاجات في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، والتي أدت إلى الإطاحة بالعديد من الحكام، فيما عُرف بـ “الربيع العربي”.
وفي 17 ديسمبر/كانون الأول 2010 أضرم محمد البوعزيزي النار في جسده في تونس، احتجاجا على صفعه من قبل الشرطة، فتفجرت الاحتجاجات في تونس، ومنها امتدت إلى مصر، وليبيا، واليمن، وسوريا.
“الكرامة والديمقراطية”
يقول المعطي منجب في صحيفة القدس العربي اللندنية: “انطلقت من تونس منذ عشر سنوات المظاهرات الشعبية المطالبة بالكرامة والديمقراطية، وذلك إثر حرق بائع متجول فقير لنفسه بعد صفعه وإهانته ومصادرة متاعه من لدن عناصر الشرطة. اعتبر الشباب التوانسة ذلك نداء موجها لضميرهم الجمعي من لدن مواطن مظلوم قهره نظام حكم متكبر. استجاب الشارع بقوة لنداء الألم والنار فكانت معارك دموية دامت أسابيع أربعة تواجهت فيها الشرطة والشباب”.
ويضف الكاتب: “هكذا وعند الخطر الماحق الذي أصبح يهدد السلطويات العربية مجتمعة تحولت وبسرعة بعض الاتجاهات الدينية المشاركة في الانتفاضة العربية – والتي أدمجت الديمقراطية في خطابها- إلى عدوّة للرياض وأبو ظبي على الرغم من نفسها. هذا رغم التحالفات السابقة، بين الاتجاهات الدينية حاكمةً أو معارضة، ضد القومية والعلمانية. هكذا لخبطت الانتفاضة التي عمت سنة 2011 عدة بلدان عربيةٍ مهمةٍ المشهدَ السياسي بالمنطقة: شارك المعارضون، علمانيون ودينيون، جنبا إلى جنب في مقاومة الاستبداد بالشارع وصهر الدمُ تحالفهم الجديد”.
ويقول مختار الدبابي في صحيفة العرب اللندنية إنه “من البداية أسقط كثيرون مفاهيم طوباوية على ثورة تونس، فمنهم من رآها ثورة للياسمين كأنما ولدت من بين دفات الكتب، ومنهم من رآها ربيعا عبريا كناية على تدخل العامل الخارجي، وعلى أنها مؤامرة صهيونية، وهو التفسير الذي تلجأ إليه فئة من المثقفين العرب للتغطية على عجزها في فهم الظروف التي قادت الاحتجاجات التي انطلقت بعد حرق أحد الشبان لنفسه في مثل هذا اليوم من 2010 ثم توسعت لتنتقل بسرعة من تونس إلى دول عربية مختلفة”.
ويرى الكاتب أنها “لم تكن ثورة على الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، ولم تكن بها شعارات سياسية، لكن النخب غطّت على حقيقة تلك الثورة وحرّفت مطالبها إلى ثورة على الاستبداد أو معركة من أجل الحريات. وهذا لا يعني بالمطلق تبرير عجز النظام السابق عن فتح الباب أمام التعدد السياسي والإعلامي وتحويله إلى عنصر داعم لاستمرار سلطته مثلما يتم توظيفه الآن على نطاق واسع لحرف اهتمام الناس بقضاياهم الحقيقية وتحويل الأنظار إلى الصراعات السياسية”.
ويضيف الدبابي: “لقد تم اختطاف الثورة من لحظة توصيفها بأنها معركة ضد بن علي، وذلك حين استعانت مختلف التيارات والمجموعات السرية بأدبياتها القديمة في فهم ظاهرة طارئة ومعقدة، فأخرجت تلك الانتفاضة السريعة من واقع الناس ومطالبهم إلى واقع سياسي مأزوم قائم على الصراع والنفي بين مختلف الخصوم السياسيين”.
“التهاون والخذلان”
في صحيفة الشروق التونسية، تقول ريم بالخذيري إن “تونس تحتفل بالذكرى العاشرة لاندلاع ثورة 17 ديسمبر. عشر سنوات من بناء تأسيسي بدأه التونسيون من أجل الحرية، والكرامة، والعدالة الاجتماعية. سقط المئات من الشهداء رافعين شعارات خيّل إلينا أنها ستكون الخلاص من تراكمات عقود من القمع، والاضطهاد، والكرامة لكنها بقيت فقط وقودا انتخابيا لأحزاب وحكومات فشلت في تحقيق تطلعات شعبها”.
وتتساءل ريم: “ماذا بقي لنا من لهيب الحراك الاجتماعي؟ … نِسب الفقر التي تجاوزت عشرين في المئة، وشعب لا يتجاوز مدخوله 3 دولارات يوميا والذي يجعلنا في أعلى ترتيب الشعوب الاكثر تعاسة في العالم؟ أم هو ارتفاع منسوب العنف داخل مجلس النواب، وانصراف ممثّلي الشعب عن هموم مَن انتخبهم واختارهم واصطفاهم للدفاع عن مصالحه”.
وتمضي الكاتبة: “هذا التهاون والخذلان الذي حصده الشعب التونسي من الطبقة السياسية يمهّد بما لايدع مجالا للشك لثورة دموية تكون ضحيتها الدولة التونسية التي جاهد من أجل بنائها الآباء المؤسسون، و على رأسهم الحبيب بورقيبة”.
وتختتم ريم: “لذلك فإني أوجّه نداء أخيرا لكل القوى الديمقراطية و التقدمية، إلى مَن يؤمن بالدولة الوطنية الاجتماعية من أجل توحيد الجهود، والخطاب، وتكوين جبهة سياسية فكرية مدنية تكون قاطرة من أجل إعادة بناء الدولة على أسس المطالب الثورية لثورة 17 ديسمبر”.
ويقول سفیان رجب في الصباح التونسية: “الیوم وبعد 10 سنوات على الثورة … ھل تحقق حلم الثائرين والمحتجين وانصلح حال البلاد ونال ھذا الشعب ما طالب به من كرامة وتشغيل وتنمية؟”
ويجيب سفيان: “الواقع یقول عكس ذلك حیث زاد الوضع سوءًا، وزاد الاقتصاد تدهورًا، والنمو انحدارًا، والبطالة ارتفاعًا … لتسقط الدولة في مدیونیة خطيرة، لیرتفع الدین العام بنسبة 95 في المئة بین عامي 2010 و2020 .وتتوقف الانتدابات والاستثمارات وترتفع البطالة من 12 في المئة قبل الثورة إلى 18 في المئة حاليا”.
ويضيف الكاتب: “قبل الثورة كان حلم الشباب خاصة وكل تونسيّ عامة ھو بلوغُ نسبة من الرفاهية والعدالة الاجتماعية، والحق في التشغيل، والتنمية. وكان الحلم مشروعًا بسقوط الدكتاتورية وفرار وسجن الفساد ووصول حكام جُدد فتحوا المجال أمام الشباب ليحلم بالتحول من البطالة إلى العمل ومن الفقر إلى الرفاھیة”.
ويتابع سفيان: “لكن خاب المسعى بعد عقد من الزمن، وكان الحلم سرابا، وازداد الأمر سوءًا لیفقد ھذا الشباب كل أمل في دولته … أرقام ومؤشرات اقتصادية سلبية، تلك حصيلة عقد من الثورة كان الأمل أن تكون أفضل للبلاد وللمواطن. لكن الفشل السياسي، وضعف الحكومة، والفساد، والمحسوبیة أوصلوا الدولة إلى شبه إفلاس”.
* المصدر: بي بي سي عربية
* المادة تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع