ملتقى الحوار السياسي الليبي يبدأ أعمال جولته الثانية في تونس
السياسية: مرزاح العسل
بدأت في العاصمة التونسية، اليوم الاثنين، أعمال الجولة الثانية لملتقى الحوار السياسي الليبي عبر الاتصال المرئي، بعد نحو أسبوع من اختتام الجولة الأولى في تونس، بمشاركة 75 مكوناً ليبياً اختيروا بعناية وتحت إشراف أممي.
وبحسب وكالة الأنباء الليبية فقد أعلنت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عن انطلاق أعمال الجولة الثانية لملتقى الحوار السياسي الليبي عبر الاتصال المرئي.. ونشرت البعثة اليوم على صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي صورا لجانب من أعمال الملتقى، بحضور الممثلة الخاصة للأمين العام للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا ستيفاني وليامز وفريق البعثة.
وتستكمل الجلسة الافتراضية اليوم مناقشة آليات الترشح للحكومة الجديدة التي ستناط بها مهمة إجراء الانتخابات حدد موعدها في ديسمبر من العام المقبل، بالإضافة إلى المجلس الرئاسي.
كما أنه من المرجح عند الانتهاء من استكمال البند الخاص بآليات الترشح، أن تكون هناك جلسة مباشرةٌ تجمع أعضاء لجنة الحوار للتصويت على اختيار الشخصيات التي ستكون على رأس الحكومة والمجلس الرئاسي.
وقال عضو المجلس الأعلى للدولة الليبي وملتقى الحوار السياسي، عبد القادر حويلي، في تصريح لوكالة أنباء “الأناضول”: إن البعثة الأممية حدّدَت آليات اختيار رئيس المجلس الرئاسي ونائبيه ورئيس الوزراء ونائبيه، على أن يكون أحدهما امرأة.
وتزامناً مع انطلاق أعمال الملتقى فقد هدّدت “فرنسا وبريطانيا وإيطاليا وألمانيا”، اليوم، بفرض عقوبات على الجهات التي تعرقل المفاوضات بين الطرفين الليبيين التي تهدف إلى إنشاء مؤسسات انتقالية إلى حين إجراء انتخابات في ديسمبر 2021م.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن الدول الأوروبية الأربع في بيان مشترك نشرته الرئاسة الفرنسية، القول: “نحن مستعدّون لاتخاذ تدابير ضد الجهات التي تعرقل منتدى الحوار السياسي الليبي، والمسارات الأخرى لعملية برلين، وكذلك ضد الجهات التي تواصل نهب الأموال الحكومية وارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان في البلاد”.
وكانت أعمال الجولة الأولى لملتقى الحوار السياسي الليبي التي عقدت في تونس في الـ9 من شهر نوفمبر الجاري قد اُختتمت الأحد الماضي، بإعلان تحديد موعد إجراء الانتخابات في ديسمبر 2021 في البلاد.. كما توافق المجتمعون آنذاك على تحديد صلاحيات المجلس الرئاسي والحكومة، لكن عدة ملفات لا تزال عالقة، أبرزها تحديد شروط الترشح للمناصب السيادية.
ويشارك في الملتقى 75 مكوناً ليبياً اختيروا بإشراف أممي، من مختلف المكونات الرئيسية للشعب الليبي بعد تعهدهم بعدم توليهم أية مناصب تنفيذية لاحقا، ويمثلون نواباً وأعضاء بالمجلس الأعلى للدولة (نيابي استشاري)، وأعياناً وممثلين عن الأقاليم الثلاثة (طرابلس وبرقة وفزان).
ووجهت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة ستيفاني وليامز، رسالة للزعماء الليبيين والشعب الليبي.. مفادها، أن ما تم إنجازه في محادثات التسوية السياسة يتطلب قدراً كبيراً من الشجاعة، لاتخاذ خطوات ملموسة لإنهاء الأزمة في بلادهم.
ودعت وليامز المسئولين الليبيين والشعب الليبي، إلى عدم السماح “لمن يصرون ويحاربون بجميع الوسائل على إبقاء الوضع على ما هو عليه بأن يقوموا بعمليات التضليل بالأخبار والحملات الملفقة وأن يسرقوا من الليبيين هذه الفرصة”.
وأشارت في حوار لها مع موقع أخبار الأمم المتحدة، إلى أن اتفاق وقف إطلاق النار، وانطلاق الملتقى السياسي الليبي، والانتخابات المقبلة، ودور المرأة، النفط والتدخل الأجنبي، من بين أمور أخرى.
وأعربت عن شكرها لوفدي اللجنة العسكرية المشتركة الليبية (5+5)، اللذين وقعا على الاتفاق بين حكومة الوفاق والقيادة العامة للجيش الوطني الليبي.
في السياق ذاته وصل نحو 100 عضو في أعضاء مجلس النواب الليبي بشقيه في طرابلس وطبرق إلى مدينة طنجة المغربية استعدادا لاجتماع مشترك بين النواب الليبيين من المقرر أن يبدأ اليوم في مدينة طنجة، والمشاركة في المشاورات بين أعضاء المجلس حول الأزمة السياسية في ليبيا والحلول المقترحة لتوحيد المؤسسات السيادية والقيادية.
وكان أعضاء من مجلس النواب المجتمعون في طرابلس قد توجهوا في وقت سابق أمس إلى المملكة المغربية لعقد اجتماع تشاوري مع زملائهم في طبرق تعقبه “جلسة رسمية بنصاب كامل داخل ليبيا”، بحسب بيان لمجلس النواب المنعقد في طرابلس.
ومن المقرر أن عقد جلسة رسمية كاملة النصاب في إحدى المدن الليبية يحدد موعدها وزمانها عقب الاجتماع التشاوري.. وتهدف هذه الخطوة لإيجاد أرضية للتفاهم وعقد جلسة موحدة للمجلس النيابي المنقسم بين طبرق وطرابلس، وذلك في أعقاب نجاح تفاهمات بوزنيقة التي تمت بين مجلسي النواب والأعلى للدولة.
وتعكس التطورات السياسية المتسارعة، رهانات مُتعددة اختلطت فيها المصالح الشخصية والمحلية مع مخاوف متصاعدة من تهميش دور البرلمان، وخلق جسم بديل له بدأت هندسة هيكله في جلسات حوار تونس.
وتتضح الرهانات بأهداف متباينة من خلال تحركات مكثفة على أكثر من صعيد، للبحث عن توافقات وتفاهمات جدية لإنهاء الانقسام البرلماني، استعدادا لمرحلة جديدة بدأت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا برسم ملامحها.
وتوقع عضو البرلمان المنعقد في طرابلس عبد الله اللافي، أن يتم خلال هذا الاجتماع تحديد موعد ومكان عقد الجلسة البرلمانية العامة المُرتقبة.. لافتا إلى أنه قد تُعقد في سرت أو غدامس، وذلك في صورة توصل اجتماع طنجة إلى تفاهمات بهذا الشأن.
ويرى مراقبون أن تحرك البرلمانيين الليبيين في هذا التوقيت بالذات لإنهاء الانقسام، يعود بالأساس إلى تزايد المخاوف من استبعادهم من العملية السياسية القادمة، التي تعمقت بوجود مؤشرات حول تحويل مجموعة الـ75 الذين شاركوا في حوار تونس إلى ما يشبه الجسم البديل للبرلمان.
وتردد صدى تلك الاتهامات في شرق وغرب ليبيا وسط تحذيرات تصاعدت حدتها مع تصريحات وليامز التي لوحت فيها بفرض عقوبات على كل من يحاول عرقلة تقدم حوار تونس الذي انتهى في جولته الأولى بالاتفاق على تنظيم انتخابات ليبية عامة في 24 ديسمبر 2021.
ولم تكتف وليامز بذلك، وإنما دعت في تصريحات سابقة لها ما وصفتهم بالديناصورات السياسية إلى التفاعل مع الحوار وإلا كان مآلها الانقراض، وذلك في إشارة مباشرة إلى بعض الشخصيات الليبية المهترئة سياسيا والتي ما زالت تبحث عن مناصب سياسية.
ودعت في بيان لها المشاركين في الحوار إلى بحث الخيارات التي عرضتها، وذلك من أجل إيجاد حل للمضي قُدما في اختيار السلطة التنفيذية لتطبيق خارطة الطريق المؤدية إلى الانتخابات في 24 ديسمبر 2021.
وتنص تلك الخيارات المُتعلقة باختيار المجلس الرئاسي، على أن تتم تسمية المُرشحين من خلال المجمعات الانتخابية بما لا يقل عن 5 تزكيات لكل مرشح من نفس الإقليم أو 4 للجنوب و5 للشرق و7 للغرب.
ويتم التصويت عبر جولتين داخل المجمعات الانتخابية، ويصبح الفائزون في السباقات الثلاثة أعضاء مختارين في المجلس الرئاسي، وإذا تمت تسمية مرشح واحد فقط في إقليم ما، يعتبر هذا المرشح فائزا تلقائيا في ذلك الإقليم.
وبالنسبة لاختيار رئيس الحكومة، اقترحت بعثة الأمم المتحدة أن تتم تسمية المرشحين من خلال جميع أعضاء ملتقى الحوار السياسي الليبي بغض النظر عن الإقليم بما لا يقل عن 15 تزكية من أعضاء الملتقى، ويتم التصويت عن طريق الجلسة العامة عبر جولتين، والفائز يتم اختياره لمنصب رئيس الحكومة.
هذا ويعاني ليبيا البلد الغني بالنفط صراعاً مسلحاً منذ سنوات، إذ يتنازع مسلحي خليفة حفتر بدعم من دول عربية وأجنبية، مع الحكومة على الشرعية والسلطة، ما أسفر عن مقتل وإصابة الكثير من المدنيين الليبيين، بجانب دمار مادي هائل .
وينتظر الليبيون بشوق كبير وشغف وقلق شديدين أسماء القيادة السياسية الجديدة التي سيخرج بها ملتقى الحوار السياسي في مرحلته الثانية، بعد العقبات التي تعرقل طريق حل الأزمة على المستويين الاقتصادي والعسكري.
من جهة ثاني حذرت مصادر ليبية متطابقة من إمكانية عودة الحرب إلى واجهة المشهد في ليبيا، في وقت بدأ فيه أعضاء ملتقى الحوار السياسي، الجولة الثانية من أعمال الملتقى عبر الفيديو.
وأعلن الجيش الليبي التابع لحكومة الوفاق، الأحد، عن رصده تحشيدات عسكرية وصفت بـ”الكبيرة” من جانب اللواء المتقاعد خليفة حفتر، في مدينة بنغازي، متجهة إلى غرب البلاد.
وفي تصريح صوتي لوسائل الإعلام الليبية، قال المتحدث الرسمي باسم غرفة عمليات تحرير سرت- الجفرة التابعة لحكومة الوفاق، عبد الهادي دراه: إن الجيش الليبي رصد “تحشيدات كبيرة لمليشيات حفتر تمتد من منطقة الهواري إلى منطقة سيدي فرج في بنغازي، وجهتها إلى غرب البلاد”.
وأضاف دراه، إن “مليشيات حفتر في مدينة سرت ومناطق الجفرة تقوم بتحشيدات متزامنة”.. مشيرا إلى أنه لم يعرف حتى الآن الهدف من هذه التحشيدات، لكن رجح أن “يخرق حفتر وقف إطلاق النار”، الموقع بين وفدي اللجنة العسكرية المشتركة في 23 أكتوبر الماضي.
وأوضحت مصادر برلمانية من طبرق مقربة من حفتر، أن التحشيدات الحالية التي يجريها مسلحي حفتر تهدف إلى الاستعداد لـ”مرحلة إذا ما فشل الحوار السياسي”، في إشارة للجولة الثانية لملتقى الحوار السياسي التي بدأت صباح اليوم، بعد انتهاء الجولة الأولى الأسبوع قبل الماضي من دون التوصل إلى نتائج.
وفيما لم ترشح حتى الآن أي معلومات بشأن الجلسة الأولى من الجولة الثانية لملتقى الحوار السياسي، تناقلت وسائل إعلام ليبية، بشكل واسع، تصريحاً لعضو مجلس نواب طبرق وعضو ملتقى الحوار، زياد دغيم، يقول فيه: إنه وعددا من أعضاء الملتقى سيطلبون “إيقاف أعمال الملتقى إلى حين انتهاء التحقيق حول مزاعم الرشاوى والمناصب والتهديد”.
وأضاف دغيم في تصريح تلفزيوني: إنهم “سيعملون حتى تتم إعادة الثقة للشعب الليبي في الملتقى ومخرجاته”.
وتهدف الجولة الثانية لملتقى الحوار الليبي إلى إكمال جهود التوافق على آليات وشروط اختيار شاغلي المناصب في السلطة الجديدة، والبدء في اختيارها لرئاسة مجلس رئاسي جديد وحكومة منفصلة، بعد فشل الجولة الأولى للملتقى في ذلك.
سبأ