“الوكالة اليهودية في أبوظبي”ٰ؛ قلب صهيوني بثياب حاخامات دينيّة.. أي خطر يختبئ خلف وجودها؟
السياسية – رصد
جهاراً نهاراً؛ ودون خوفٍ أو وجل؛ تُعلن الوكالة اليهودية أنّها ستُباشر أعمالها من مكتبها الذي ستفتتحه في دويلة الإمارات ليكون هذا المكتب منبراً للصهاينة في المنطقة العربية، حيث يقول رئيس الوكالة اليهودية إسحاق هرتسوغ إنّ الوكالة ستستثمر في التعليم اليهودي في الإمارات، كبداية للعلاقات الخليجية مع الكيان الإسرائيلي.
وتقول الأخبار الواردة من الوكالة إنّها وبالتنسيق مع الجالية اليهودية “المحلية” في الإمارات، ستعمل على إنشاء تعليم يهودي والحفاظ على الهوية اليهودية، وبناء المخيمات الصيفية لليهود، كما شكر رئيس الوكالة هرتسوغ الحاخام يهودا سارنا الحاخام الأكبر للجالية اليهودية في الإمارات، “لتعاونه ولكتابته فصلاً آخر في تاريخ الشعب اليهودي”، حسب قوله، فما هي الوكالة اليهودية، وماذا تُريد؟
ما هي الوكالة اليهودية؟
الوكالة اليهودية لإسرائيل هي أكبر منظمة يهودية غير ربحية في العالم، تمّ تأسيسها في عام 1929 كفرع فعّال للمنظمة الصهيونية العالمية، وتهدف هذه المنظمة إلى تشجيع الهجرة إلى فلسطين المحتلة وجلب اليهود وعائلاتهم من مختلف بقاع العالم إلى فلسطين، حيث إنّها ومنذ العام 1948، جلبت أكثر من ثلاثة ملايين مهاجر، مع توفير سكن في المُستوطنات المُنتشرة في جميع أنحاء فلسطين المحتلة، بالإضافة لتسهيل استيعاب المهاجرين اليهود في تلك المُستوطنات، مع ضمان توفير خدمات ما قبل الهجرة ومن ثم السكن الانتقالي بعد الهجرة بالإضافة لدروس اللغة العبرية.
وبموجب القانون فإنّ الوكالة اليهودية منظمة شبه حكومية، لكنها لا تتلقى تمويلاً أساسياً من حكومة الكيان، إذ يتمُّ تمويلها من قبل الاتحادات اليهودية في أمريكا الشمالية المعروفة بـ (JFNA)، والكيرين هايسود بالإضافة للجاليات والاتحادات اليهودية الكبرى، والمؤسسات والجهات المانحة حول العالم.
مبعوثو الوكالة
يُشكّل سُفراء الوكالة أو ما يُعرف بـ “المبعوثين” اليد الضاربة لهذه الوكالة، ووفقاً لما تُعلنه الوكالة اليهودية فإنّها تقوم بإرسال “مبعوثين” من الشباب ممن أكملوا الخدمة العسكرية والدراسة الجامعية، لمدة عامين إلى المجتمعات اليهودية المُنتشرة في العالم، بهدف تمكين قيادات جديدة من شأنها تعميق الروابط بين المجتمعات التي يعيشون بها والكيان الإسرائيلي، حيث تتمثل أهداف المبعوث في تعميق الوجود اليهودي الموالي للكيان مع المجتمعات التي يعيشون بها، وذلك بالشراكة مع المنظمات الطلابية، وتحت قيادة المنظمات اليهودية وقنصليات الكيان ومراكز الجالية اليهودية.
ويجتمع المبعوثون في الدول التي يعملون بها في المراكز اليهودية والمراكز المجتمعية والمعابد ونوادي الشباب، كما يقومون بإنشاء مدارس صيفيّة في المجتمعات المُرسلين إليها، وتُشكّل هذه النوادي مصدراً مركزيّاً لتكريس الفكر الصهيوني التلمودي في المجتمعات المحلية.
لماذا يجب الوقوف ضدّها؟
تحت ستار العمل المُجتمعي ورعاية الشباب؛ وبالنظر إلى تاريخ الوكالة اليهودية الأسود، يتضح لنا أنّ الهدف من افتتاح مركز لها في الإمارات هو محاولة بث روح الفتنة بين دول العالم الإسلامي، إذ تقوم الحركة الصهيونية ومن خلفها حكومة الكيان بمحاولة كتابة تاريخ جديد للعلاقة بين المسلمين والصهاينة على اعتبار أنّهم يُمثلون اليهود، بهدف تكوين ذاكرة جمعيّة لدى المسلمين لا ترتبط بفلسطين أو الصراع مع الصهاينة.
ومن جهةٍ أخرى فإنّ هذه الوكالة تهدف ومن خلال وجودها في دولة الإمارات المُفترض أنّها دولة مسلمة أن توحي لبقية الشباب في العالم الإسلامي أنّ لا مُشكلة بين الصهاينة والمسلمين، والدليل على ذلك عمل هذه الوكالة ووجود عدد كبير من اليهود يعملون هناك (يُقدر عدد اليهود العاملين في دولة الإمارات ما بين 1000 و1500 يهودي)، وأنّ المُشكلة تكمن في المناهج التعليمية التي أنشأت أجيالاً تُعادي اليهود، مع غضّ الطرف عن أنّ المشكلة ليست مع اليهودية كدين إنّما مع المُتطرفين منهم ممن احتلوا فلسطين وطردوا شعبها.
أكثر من ذلك؛ فإنّ السماح لهذه الوكالة بالعمل في الإمارات بات يتماشى مع سياسة الإمارات المُعادية للإسلام السياسي، إذ يعتقد الجانبان (الكيان والإمارات) أنّ مواجهتهما المُقبلة ستكون مع هذه التيّارات، خصوصاً بعد أن تبيّن للشعوب العربية والإسلامية أنّ الأنظمة الحاكمة منذ الأربعينيات وما بعدها أصابها الترهل والشيخوخة، وبات من الواضح أنّ القوّة الصاعدة هي التيارات الإسلامية المُعادية للمشروع الصهيوني، والذي بدأ منذ انتصار الثورة الإسلامية في إيران، وما تبعها من تشكيل حركتي الجهاد الإسلامي وحماس ومن ثمّ وصول الإخوان المسلمين للسلطة في أكثر من بلدٍ عربي، ليتمثل عمل تلك الوكالة وبالاشتراك مع حُكّام الإمارات على تخويف العالم من “التیار الإسلامي”المناهض للصهاینة للوقوف ضدّ تلك التيارات التي تُهدد عرش الإمارات كما تُهدد الوجود الصهيوني على أرض فلسطين.
ومن المُتوقع أنّ تُموّل الوكالة كُتّاباً وصحفيين لكتابة مقالات صحفيّة من شأنها تحويل الرأي العام العربي والإسلامي عن قضية فلسطين باتجاهات أخرى، وتصوير الصهاينة على أنّهم حمائم سلام، وهو الأمر الذي اتبعته الوكالة في ثلاثينيات القرن الماضي، حيث قام “مبعوثو” الوكالة بتزويد الصحف ووكالات الأنباء بمواد صحفية دعائيّة تُروج للصهيونية لنشرها وتوزيعها خاصة على الصحف الصادرة في البلاد العربية.
وفي النهاية لا بُدَّ من الإشارة إلى أنّ الوكالة اليهودية وفي السنوات التي سبقت تأسيس الكيان الإسرائيلي وبعدها؛ أشرفت على إنشاء أكثر من 1000 مُستوطنة في فلسطين التي كانت تحت الانتداب البريطاني، كما لعبت الوكالة دوراً مركزياً في تأسيس الكيان الإسرائيلي ونشأته، كما أنّ المُتطرف ديفيد بن غوريون شغل منصب رئيس لجنتها التنفيذية منذ عام 1935، وبصفته هذه أعلن في 14 أيار 1948 إنشاء الكيان الإسرائيلي، ليُصبح بعدها أول رئيس وزراء للكيان.
واليوم؛ بات لازماً على المُثقفين العرب والمُسلمين التنبيه إلى خطورة وجود هذه الوكالة على أرضٍ إسلامية، وفضح أهدافها المُستمدة من تعاليم بعض الحاخامات المُتطرفين التي تحضُّ على مُعاداة العرب والمُسلمين على اعتبار أنّهم مُعادون للدين اليهودي، مع التأكيد على أهميّة المراكز الفكرية والمؤسسات الثقافية العربية والإسلامية على دراسة مخاطر الفكر الصهيوني الإرهابي الذي تقوم عليه حكومة الكيان الإسرائيلي والذي يُروّج له بعض الحاخامات المُتطرفين.
المصدر : موقع الوقت التحليلي
المادة الصحفية : تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع