السياسية || محمد محسن الجوهري*

أعلن الجيش الصهيوني مؤخراً عن مصرع قائد اللواء 401 العقيد إحسان الدقسة وهو درزي فلسطيني، من مواليد دالية الكرمل، بمحيط مدينة حيفا، شمالي الأراضي العربية المحتلة سنة 1948، أي أنه ينتمي لما يُسمى عرب "إسرائيل"، أو عرب 48، وقد أثار الأمر تساؤلات حول طبيعة المجندين العرب داخل جيش الاحتلال.

ولم يكن الدقسة أول فلسطيني يلقى مصرعه على يد مجاهدي غزة، فقد سبقه الجندي أحمد أبو لطيف وهو من سكان مدينة الرهط في النقب، وكان فرداً في وحدة الاستطلاع بجيش الكيان، وقضى نحبه في يناير 2024 بكمين جنوب قطاع غزة، وهو الجندي نفسه الذي أجرت معه صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية لقاءً مطلع العدوان الإسرائيلي على غزة، وقال إنه يتشرف بكونه جندياً يخدم في جيش الكيان ضد حركة حماس.

وليس هناك إحصائية دقيقة لعدد الجنود العرب الملتحقين بجيش الكيان، ولكن مصادر إعلامية تقدر عددهم بأقل من عشرة آلاف فرد، وأغلبهم من عرب الداخل الفلسطيني، وينتمون إلى كل الطوائف العربية من مسلمين ومسيحيين، ممن يعيشون ظروفاً مادية صعبة جعلتهم عرضة للاستقطاب الصهيوني، ومن ثَّم تفعليهم ضد أبناء شعبهم في غزة والضفة.

ولم يترك الإعلام المتصهين الفرصة لتشويه سمعة الشعب الفلسطيني، وإظهارهم كمرتزقة ومأجورين، في محاولة لتعميم تلك الخصلة على الفلسطينيين كافة، وهذه وسيلة أخرى من وسائل الحرب النفسية التي قد تنطلي على بعض المخدوعين، أما الحقيقة فواضحة للجميع ومن النادر أن نرى شعباً بعظمة الشعب الفلسطيني خاصة في غزة، حيث يقاتل رجال الرجال في ظروفٍ غير طبيعية ضد أكثر جيوش الأرض عتاداً وتقانة، ويلقنونه - رغم ذلك - دروساً موجعة، وضربات مميتة قلَّ نظيرها في الحروب الحديثة.

ويبقى ذلك الخائن الفلسطيني رغم قبح جريمته، أشرف بكثير من الخائن العربي الذي ذهب للتطبيع طوعاً، وبلا مبررات حقيقية، فقط ليشبع غريزة الدناءة في نفسه ويقدم مصالحه وثرواته رخيصة للصهاينة مقابل أن يرضوا عليه وصدق الله حين قال: " الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا".

أما عن بلادنا اليمن، فحدث ولا حرج ويكفينا أن حكومةً برئيسها وكامل أفرادها والتنظيمات السياسية المشاركة فيها فرت إلى الرياض عام 2015، لتؤيد من هناك العدوان السعودي الغاشم على مواطنيها، وتقدم له كل الدعم لاحتلال البلاد ورفع علمي السعودية والإمارات على التراب اليمني.

وكما بات من الواضح، فإن السعودية والإمارات تتحركان بتوجيهاتٍ صهيونية، كما في اليمن وسائر البلاد الإسلامية وذلك لإثارة الفتن والاقتتال الداخلي، ويحجمان عن التحرك عندما يكون المستهدف هو الشعب الفلسطيني العربي المسلم.

وليس محمود عباس إلا دنبوعاً آخر باع نفسه للشيطان، كما أن الأحزاب السياسية العميلة في اليمن لها ما يوازيها في فلسطين، وبأسماء مختلفة، ولكنها في جوهرها عميلة للصهاينة، وتبرر ذلك بأعذار باردة لا أساس لها من الصحة، كحماية الديمقراطية والنظام الجمهوري، وتتجاهل أي خطر فعلي منشأه الكيان وأذنابه في المنطقة.

فالخائن لا دين له، ولا شرعية للخونة وإن كثروا، ونتذكر هنا مصير جيش لبنان الحر الذي قاتل إلى جانب "إسرائيل" لسنوات عديدة، قبل أن تتخلى عنه عام 2000، وتنسحب من لبنان تاركة أغلب أفراد ذلك الجيش فريسة سهلة للمقاومة والدولة اللبنانية، وذلك المصير لن يستثني حتى المطبعين، فهم أيضاً في دائرة الاستهداف، أما على يد أحرار الأمة، أو على يد الكيان الصهيوني نفسه.

* المقال يعبر عن رأي الكاتب