يحيى.. مثلُه يبقى ويحيا
زينب إبراهيم الديلمي*
قائدٌ لم يعرف العدوّ من قبله سميًّا، خاض في مسيرة حياته ملاحم عظيمة تبقى مُؤرَّخة في الأذهان، كان أعجوبة الاستثناءات، وسلطان الشّراسة الذي طارد جرذان الصّهاينة بهندسته لمعركة (طُـوفَان الأقصى)، وتمكّن من بث موجات الرعب في أثير آذانهم وقلوبهم الممتلئة خشيةً وخوفًا.
لم يكن كسائر النّاس في تفضيل الحياة الدنيا وزينتها الزائلة حتمًا، فقد اختار حياة الجهاد وتحمّل الصّعاب؛ وُصُـولًا إلى العُقبى التي يتمنّاها كُـلّ امرئ منّا، شريطة أنّ تتجلّى سمات الشّهداء في مُحيّا الأرواح التي تتعرّج ما بين الاستقامة والانحراف.
تفرّد بهذه السّمات كسائر القادة العظماء الذين سبقوه في العروج، وفدوا وافتدوا، وجاهدوا واستشهدوا؛ حفاظًا على حياض الأوطان، وثرى المُقدّسات، فهو يعتبر أنّ المقاومة هي كُـلّ عائلته، وكل شيء بالنّسبة له.. أنّ أرض الزيتون هي مسؤوليّته ومسؤوليّة كُـلّ من عشق ترابها وحصادها المثمر بثمار الصّبر، والصّمود، والتضحيات الباسلة.
هو حديثٌ عن أسيرٍ أرعب سجّانيه وجلاّديه بعزيمته الفولاذيّة، حديثٌ عن مجاهدٍ أخذ النّصر بقوّة من آهات الملهوفين، وفوهات صواريخ الميادين، عن قائدٍ امتطى جواد الشجاعة وكسر شوكة المتوحش الصّهيوني، حديثٌ عن مشتبكٍ رمى عصا الفداء أمام مُسيّرات النتن وأزلامه، وظلّ يهشّ بها عن دماء الآلاف من الأحرار؛ حتّى آخر رمقٍ يرمش بعين الاشتياق إلى الشهادة التي سعى لها طويلًا، وقد نالها مرفوع الرأس، شامخ الكيان، مُفرِد جناح الفخر والاعتزاز بختام مسيرة الحياة المؤقتة.
إنّه الشهيد يحيى السّنوار، القائد العملاق، والأُسطورة الجهاديّة الخالدة.. يحيى الذي أحيا في وجدان الأُمَّــة مركزيّة القدس في بوصلتهم، يحيى الذي ستشهد له صحف أعماله وتاريخه العظيم أنّه لم يمت بفراش الخنوع، ولا بحوادث السّير، بل بموت الأذكياء الذي هو حياة سرمديّة.
إنّه لعزيزٌ علينا أنّ نفقد أشاوس الميدان مثل القائد السّنوار في أشدّ المراحل حساسيّة، لكنّ نجيعه القاني ولَّد فينا ألف سنوار يتعطّش لدماء السّرطان الصّهيوني الذي سنجتثّه اجتثاثًا لا رجعة له في جسد أمّتنا الإسلاميّة، ومثلك يا يحيى يبقى ويحيا.
* المصدر : موقع انصار الله
* المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه