اتفاق الطائف وسيلة لضرب الوحدة اللبنانية
السياسية || محمد محسن الجوهري*
لا نعرفُ -ربما- كثيراً من خفايا السياسة اللبنانية، لكننا نحن اليمنيين أدرى الناس بخبث النوايا السعودية، وحقيقة رعايتها للسلام في البلاد العربية كافة، وما نراه في السودان لدليلٌ عملي على رعاية السعودية للاقتتال الداخلي هناك، ولم تكن مفاوضات جدة الأخيرة إلا مقدمة لجولات أخرى من العنف المسلح بين الفرقاء السودانيين.
كما أن تاريخ اليمن حافل بالتدخلات الكارثية لآل سعود، وكانت كل اتفاقية للسلام في الرياض أو جدة أو الطائف، وسيلة لتأجيج الصراع وتعميق الخلافات، كما رأينا بعد المبادرة الخليجية واتفاق الرياض، وقبلها مؤتمري حرض والطائف، وانتهت كلها باقتتال داخلي، وجولات لا متناهية من العداءات المتوارثة، وفي أحسن الأحوال قد تقود السعودية لحلٍ سياسي مؤقت، شريطة أن تبقى الدولة اليمنية فاشلة، كحكومتي المرتزقة عبدربه منصور هادي ورشاد العليمي من بعدهم.
وليس فقط في اليمن، فكلنا نتذكر اتفاق مكة بين فتح وحماس في فبراير 2007، وأعقبه موجة من العنف بين الفصائل الفلسطينية -في يونيو من العام نفسه-، ما أدى إلى مقتل وجرح قرابة الألف من شباب فتح وحماس، إضافة إلى فصل الضفة عن القطاع، كما أسهمت في إضعاف الموقف الفلسطيني في الدفاع عن القدس واللاجئين والمسجد الأقصى، والأسرى والمعتقلين، ومواجهة الجدار والاستيطان.
وبالعودة إلى اتفاق الطائف بين الفرقاء اللبنانيين، والموقع عليه في سبتمبر 1989، فهو أشبه بمسمار جحا بعد أن شرعن الوصاية السعودية على لبنان، ولم يساهم في تحرير أراضيه وحمايتها من العدوان الإسرائيلي، بل أسهم في خلق دولة فاشلة، وفرقاء متناحرين، وكله لصالح الكيان الصهيوني، ومشاريعه التوسعية في لبنان.
وكما هو معروف، فإن حزب الله لم يكن جزءاً من الحرب الأهلية في لبنان (1975-1989) ولكن السعودية سارعت لرعاية اتفاق الطائف بعد أن أدركت فشل العدو الصهيوني في الصمود أمام ضربات حزب الله، وحاولت إقامة دولة فاشلة موالية لها لتكون حجر عثرة أمام أي وفاقٍ حقيقي في لبنان، كما فعلت لاحقاً في اليمن، عندما تبنت المبادرة الخليجية لإبقاء البلاد تحت الوصاية السعودية القائمة منذ اغتيال الرئيس إبراهيم الحمدي، رحمه الله.
ومن المسلم به أن المملكة أنفقت بسخاء على المشاركين في مؤتمر الطائف، ووفرت لهم الكثير من الاستثمارات، مقابل أن يشرعنوا تدخلها في الشأن اللبناني، وهو أمر معتاد من قيادة المملكة، حيث يمتلك آل سعود ثلة من المرتزقة في كل وطن عربي، ويجري استمالتهم بالمال والمصالح مقابل أمن واستقرار شعوبهم، ومثل هؤلاء موجودون في كل بلد، ولا فرق بين الدنبوع عندنا والحريري عنده، باستثناء المظهر الخارجي، وطريقة نطق كلمة "الديمقراطية".
ما عدا ذلك فالحال هو نفسه، وإثارة الحديث عن اتفاق الطائف يهدف فقط لضرب حزب الله من الداخل، ولا مجال لأن يدافع عن لبنان في مواجهة العدوان الصهيوني، كما أن لكل المنادين به امتيازات مالية من الرياض، مقابل خيانتهم لوطنهم، وتسليمه للاحتلال بلا مواجهة.
* المقال يعبر عن رأي الكاتب