السياسية || محمد علي القانص*

برزت كتيبة جنين التابعة لسرايا القدس بعد أكثر من أحد عشر شهراً من الحرب على قطاع غزة في مشهد يشفي صدور قوم مؤمنين ويؤكد صدق الوعد الإلهي بزوال الصهيونية العالمية، وذلك أثناء ظهورها في عرض عسكري أقامته في شوارع وأزقة مدينة جنين، متوعدة قوات الكيان الصهيوني المؤقت بصولات وجولات شديدة البأس ومواجهات لم تكن في الحسبان.

المشهد رغم بساطته وعدم تنظيمه في ساحة واسعة، كما تفعل بعض جيوش العالم الكبرى التي أثبتت فشلها أثناء مواجهتها المباشرة مع المقاومة الفلسطينية واليمانية والعراقية واللبنانية، إلا أن المشهد مفعم بالعزة والشموخ والإباء منقطع النظير.

أفراد كتيبة جنين في عرضهم العسكري يحملون إيماناً وشجاعة ومعنويات ورؤوساً تعانق السماء لشدة بأسها الذي لا يمكن أن يقاس، فهم يملكون أرواحاً مملوءة بحب الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، وقلوباً تواقة للقاء المولى عز وجل بوجوه بيضاء لا سواد عليها، لأنهم يواجهون مَن أمر الله تعالى بمواجهتهم وجهادهم (اليهود والنصارى).

يضاف العرض إلى قائمة من المشاهد العسكرية العظيمة التي سطرتها المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة ضد قوات الكيان الصهيوني المؤقت التي تشن حرب إبادة جماعية لم يسبق لها مثيل منذ أن خلق الله الأرض.

بالتزامن مع العرض العسكري الذي يدل على تمسك المقاومة بالله والجهاد في سبيله، يظهر وزير خارجية مصر- الذي لا يستحق أن يذكر اسمه- بموقف هزيل وانبطاحي ويعلن أن بلاده أنفقت مبالغ ضخمة لبناء سياج أمني عازل في الحدود المصرية الفلسطينية، مؤكداً أن بلاده لم تدعم حركة حماس حتى بقطعة سلاح واحدة، وموضحاً أنهم قاموا بتدمير أنفاق رفح الحدودية التي تعتبر المتنفس الوحيد الذي يفترض أن تقوم حكومة القاهرة بمد أبناء غزة بالغذاء والدواء على الأقل عبر هذا المنفذ المهم الرابط بين البلدين، إلا أن موقف تلك الحكومة كان عكس ذلك.

وزير خارجية مصر لو قرأ قول الله تعالى "ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم"، بيقين وربط الآية المباركة بأحداث الصراع مع اليهود عبر التاريخ، لأدرك أنه مهما قدم من تنازلات لليهود إلا أن هدفهم وثقافتهم، إقامة دولة يهودية تمتد من الفرات إلى النيل، وأن سقوط غزة يعنى بكل تأكيد سقوط القاهرة بالدرجة الأولى والعرب والمسلمين بالدرجة الثانية.

وبالمقارنة بين العرض العسكري لمجموعة من الفتية الذين آمنوا بربهم والمتوكلين عليه وبين مواقف الأنظمة العربية سنجد فرقاً كبيراً يجعل من تلك الجيوش مجرد دُمى يلعب بها الأمريكي والإسرائيلي كيف يشاء، وبالخصوص موقف مصر الجارة الكبرى لفلسطين، والتي تمتلك جيشاً قوياً يعد من أقوى الجيوش العربية حسب تصنيفات البشر، ولكنه لا يساوي بعدته وعتاده روحية مجاهداً واحداً من مجاهدي حماس بشكل خاص ومحور المقاومة بشكل عام؛ إذ إن الكثير من أبناء هذه الأمة كانوا ينتظرون موقفاً قوياً وسبّاقاً للجيش المصري بخصوص ما يجري من حرب إبادة جماعية على قطاع غزة العزة والكرامة والصمود الأسطوري الذي أثار دهشة العالم بأسره.

الحديث يطول ولكن الخلاصة هي أن المقاتل الذي يمتلئ قلبه بحب الله ورسوله والذين آمنوا، ويتمسك بالقرآن الكريم وتوجيهاته وتعليماته لا يمكن أن يقارن بجيوش وأنظمة أصبحت الدنيا أكبر همها، ومبلغ سعيها وغاية رغبتها، حتى أضلت السبيل وتولت من كُتبت عليهم الذلة والمسكنة وباءوا بغضب من الله ورسوله.

* المقال يعبر عن رأي الكاتب