الجسر البري فرصة أخرى لضرب قتلة النساء والأطفال
السياسية || محمد محسن الجوهري*
من سنن الله الكونية، أن مؤامرات العدو تنتهي -على الدوام- ضده، بل وتكون سبباً في حدوث الأمر الذي كان يخشاه قبل المؤامرة والذي من أجله لجأ إلى افتعال احتياطاته، سواءً ما كان سياسياً منها، أو ما يتعلق بالجانب الأمني.
وكما هو معروف، فإن اليمن بدأ بتنفيذ حصاراُ بحرياً ضد سفن العدو الصهيوني، نصرةً للشعب الفلسطيني وفي إطار الواجب الجهادي الذي يمليه علينا ولاؤنا لله، وانتماؤنا إلى دينه العظيم، بعد أن أمعن أعداؤه اليهود في إبادة الشعب الفلسطيني بغزة، رداً على ممارسته لحقوقه المطالبة بالحرية والاستقلال، وتحرير عشرات الآلاف من أسراه ومعتقليه.
كان وقع العمليات اليمنية في البحر الأحمر ثقيلاً على العدو الصهيوني وعلى عملائه في الرياض وأبوظبي، فلجأ إلى إنشاء جسرٍ بريٍ يربط ميناء دبي بالأراضي الفلسطينية المحتلة، وعبر السعودية والأردن، في كفرٍ علني بكل مبادئ الإسلام والعروبة من أنظمة البلدان الثلاثة، واصطفاف جريء في صف اليهود لضمان استمرار عملياتهم الإجرامية ضد مسلمي غزة، وهي المرة الأولى التي يُعلن فيها آل سعود عن توجهاتهم اليهودية بشكلٍ مباشر، بعد عقود من خدمتهم للكيان في السر، وعبر طرق ملتوية.
إلا أن تلك الخطوة الخبيثة تحولت إلى فرصة لضرب الكيان نفسه، وعبر شريان الحياة الذي يتنفس به، وهاهي عملية جسر الكرامة التي نفذها المجاهد الأردني، "ماهر الجازي" تؤكد أن الكيان ماضٍ في طريق الهلاك بلا رجعة، وأن أسباب الحياة هي أسباب الموت بالنسبة لليهود، وهذه من سنن الله في الأرض، وبها عبرة كبيرة لمن يشك في حتمية زوال إسرائيل.
عملية جسر الكرامة التي حدثت بتاريخ 8 سبتمبر 2024، وأسفرت عن مصرع ثلاثة من جنود العدو، أسست لمرحلة جهادية، وتأتي في إطار التحرك الشعبي لردع الإجرام اليهودي، بعيداً عن الأنظمة العميلة والتي عجزت عن تأمين العدو بشكلٍ كامل، وقد يدفع الخونة من آل سعود وآل نهيان ثمن ذلك غالياً، فالعدو الصهيوني معتاد على معاقبة عملائه رداً على كل عملٍ بطولي ضده، كما حدث في العام 2002 عندما حاصر السلطة الفلسطينية في رام الله كإجراءٍ عقابي على العمليات الاستشهادية في تل أبيب وسائر المغتصبات.
وللتأكيد بأن القادم أسوأ، فإن الكثير من اليمنيين إلى جانب كل الأحرار من أبناء الأمة، يحملون العداء للكيان الصهيوني، ويرون في التطبيع فرصة لنقل الموت إلى الصهاينة، وذلك جزءٌ من واجبهم الجهادي إزاء الصلف اليهودي، وتماديهم بقتل النساء والأطفال، كما أن تواجد اليهود في الدول المطبعة فرصة أخرى للأخذ بثأر أطفال ونساء غزة، فأبواب الجهاد مشرعة على الدوام، ما دام وهناك عقيدة جهادية.
يشار إلى أن الأردن تمتلك حدوداً برية مع فلسطين المحتلة، تبلغ 335 كم على الأقل، نحو 100 منها مع الضفة الغربية، والتي كانت تحت الحكم الأردني حتى عام 1967، وتصلح كل تلك الحدود لإمداد الشعب الفلسطيني الأعزل بما يدافع به عن نفسه وأرضه في وجه الصلف الصهيوني، سيما عبر محافظات مادبا والبلقاء وإربد، الواقعة على الضفة الشرقية لنهر الأردن، ويسهل بذلك تهريب السلاح إلى محافظات الضفة الغربية الإحدى عشر.
وقد أثبت نشامى الأردن أنهم على قدرٍ عالٍ من الشهامة والبصرية الجهادية، وأنهم مستمرون في نصرة الشعب الفلسطيني -رغم التطبيع الرسمي- وما عملية معبر الكرامة، وقبلها اعتقال النائب الأردني عماد عدوان في أبريل 2023، ، أثناء محاولته إدخال شحنة من الأسلحة الخفيفة إلى الضفة الغربية عبر المعبر نفسه، إلا عينات طفيفة على مخزون الأردن الجهادي، خاصة أن منفذي تلك العمليات هم من السكان الأصليين لشرق الأردن، وليسوا لاجئين فلسطينيين، وهذا مؤشر آخر على فشل الرهان الصهيوني في زرع التفرقة المناطقية بين أبناء الضفتين، وأنهما على الصعيد عينه عندما يتعلق الأمر بالجهاد ضد اليهود المحتلين.
* المقال يعبر عن رأي الكاتب