السياسية || تقرير: صباح العواضي

مثلتْ جبهةَ اليمنِ تحديا هاما في مسارِ معركة "طوفانِ الأقصى" وأحدثتْ تسونامي في البحرينِ الأحمرِ والعربي وكذلكَ المحيطُ الهندي بعد إعلانِ القوات المسلحة اليمنية استهداف السفن المملوكة كليا أو جزئيا لأفراد أو كيانات إسرائيلية، والسفن التي ترفعُ العلم الإسرائيلي، أو المملوكة لأفراد أو كيانات أمريكيةٍ أو بريطانية، أو التي تبحر رافعةَ علم الولايات المتحدة أو بريطانيا ومؤخرا السفنَ المتجه نحو طريقِ الرجاء الصالحِ إلى الموانئ المحتلة إسنادا للمقاومة والشعب الفلسطيني في قطاعِ غزة بعد تقديمِ أمريكا الدعم المباشر للكيان وانخراطها كليا في عمليات الإجرامِ الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني وشنها عدوانا معَ بريطانيا على الشعب اليمني ضمن عملية ما يسمى "حمايةَ الازدهار".
ومثل خطاب قائدِ الثورة السيد عبد الملكْ بدر الدين الحوثي الذي أعلن فيه عنْ تقديم الدعمِ للمقاومة الفلسطينية في حالٍ تدخلتْ أمريكا بطريقة مباشرة، منعطفا هاما في مسارِ القضية المحورية الفلسطينية لدى الشعبِ اليمنيِ ما أدى إلى إحداث نقلة نوعية في تاريخِ اليمن حيثُ برزت كقوة إقليمية هزتْ عرش ثلاثي الشر وحققتْ شعبيةٌ عالميةٌ.

تأثير الضربات المباشرة على الاقتصاد "الاسرائيلي"

اتخذت عمليات القوات المسلَّحة اليمنية منحيين هامين في إِسنَاد الشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة وضمن تَنسِيق الساحات فِي مِحوَر المقاومة الأول: بِاسْتهْداف مينَاء "أُمُّ الرَّشْراش" المُحتل المسمى حاليا "ايلات" بصواريخ عَابِرة الألْف الأمْيال مُتجاوزة 2200 أَلْف مِيل.
فيما كان المنحى الثَّاني للقوات اليمنية الداعمة للمقاومة الفلسطينية والشعب الفلسطيني باسْتهْداف السُّفن اَلمُتجه نَحْو الموانئ المحْتلَّة والْبريطانيَّة والْأمْريكيَّة حَيْث بلغ عدد الصَّواريخ والْمسيرات اَلتِي تمَّ إِطْلاقهَا 479 صَارُوخا مُنْذ بِداية العمليَّات على العدوِّ الصَّهْيونيِّ.

وَحذَّر قَائِد الثَّوْرة السَّيِّد عَبْد اَلمَلِك بَدْر الدِّين اَلحُوثي ثُلَاثي اَلشَّر عن مُفَاجآِت سَتأتِي بِصورة فَاعِلة ومؤثِّرة لَا يتوقَّعهَا نهائيا على مستَوى العمليَّات العسْكريَّة اليمنية، وقررت مُعظَم شركات الملاحة العُزوف عن المرور من باب المنْدب فِي البحْر الأحْمر تنْفيذًا للرغْبة الأمْريكيَّة بعد إِعلَان المخاطر على الملاحة البحرية العالميَّة والهدف ليس كما تدعي واشطن حماية الملاحة الدولية بل حماية إسرائيل.

ورغْم إِعلَان اليمن فِي أَكثَر مِن مُنَاسبَة وَفِي أَكثَر مِن خِطَاب لِقائد الثَّوْرة السَّيِّد عَبْد اَلمَلِك بَدْر الدِّين اَلحُوثي أنَّ المخاطر لَا تَشمَل بَقيَّة السُّفن العابرة مِن باب المنْدب لَكِنهَا قَررَت اَلخُضوع لِلْقرَار الأمْريكيِّ مِمَّا زاد فِي نَفَقات الملاحة البحْريَّة العالميَّة نَتِيجَة لِتغْيِير تِلْك السُّفن طريقهَا نَحْو الرَّجَاء الصَّالح لِتخْسر مَلايِين الدُّولارات.

إِلَّا أنَّ اليمن بَعْد مُرُور سِتَّة أَشهُر مِن طُوفان الأقْصى وَخمْسَة أَشهُر مِن مُسَاندَة قِطَاع غَزَّة فجر المفاجأة اَلتِي لَم يَحسُب لَهَا العدوّ حِسابًا ولم يَتَوقَّع هَذِه اَلخُطوة بَعْد إِعلَان قُوَّاتِنَا المسلَّحة اِسْتهْداف سُفُن تَحالُف اَلشَّر الثُّلاثيِّ اَلمُتجه نَحْو الرَّجَاء الصَّالح مِمَّا زاد مِن إِطبَاق الحصَار الاقْتصاديِّ على الكيَان "الإسْرائيليِّ".

حصار المقاومة الاسلامية للموانئ العدو في البحر المتوسط

يعتَمِد كيان الاحْتلال الإِسْرائيلي على حَركَة الملاحة البحْريَّة فِي وارداته وصادراته بِنسْبة 97٪ خاصة على مِينَاء أَشدُود فِي الجنوب وَحِيفَا فِي الشَّمَال وكانَا أَكبَر مِيناءيْنِ فِي الأراضي المحْتلَّة، ويسْتخْدمان لِنَقل اَلْمَواد الاسْتهْلاكيَّة مِن أَغذِية وَمَواد أَساسِية بِالْإضافة إِلى السِّلع الكماليَّة، أَمَّا مِينَاء أم الرشراش "إِيلَات" فَيطِل على البحْر الأحْمر وَيقَع على رَأْس اَلجِهة الشَّماليَّة لِخليج العقَبة ويسْتغل فِي نَقْل النِّفْط حاليًّا بَعْد أَغلَق مِينَاء عسْقلَان بِسَبب تَوجِيه المقاومة الفلسْطينيَّة الصَّواريخ خِلَال عَمَليَّة طُوفان الأقْصى وسماع صفَّارَات الإنْذار بصورة يومية مِمَّا أَدَّى إِلى تَجنُّب ناقلَات النِّفْط الاقْتراب مِن الميناء.
وَيعَد مِينَاء أم الرشراش "إِيلَات" في الأراضي المحتلة نُقطَة دُخُول رَئيسِية لِبَعض الواردات مِن شَرْق آسْيَا كالسَّيَّارات وصادرات البوتاس.. إِلى جَانِب مِينَاء "تلِّ أبيب" و"الْخضيْر" و"يافَا" وَ"عكا" القديميْنِ في فلسطين المحتلة.


عمليات مشتركة

العمليَّات العسْكريَّة اليمنيَّة المساندة للشعب الفلسْطينيِّ فِي قِطَاع غَزَّة ومقاومته الباسلة اَلتِي ساهمتْ فِي الحصَار الاقْتصاد الإسْرائيليِّ وضغطتْ على شِرْيَان الحيَاة فِي قَطْع الأساسيَّات مِن النِّفْط والْغذاء تَزَامنَت مع عمليَّات مِحوَر المقاومة الإسْلاميَّة "الفلسْطينيَّة والْعراقيَّة واللُّبْنانيَّة" على الموانئ فِي البحْر المتوسِّط أُوفِّي شَمَال الكيَان المحاذي مع لُبْنان.

مِينَاء أَشدُود
يَبعُد عن غَزَّة 30 كِيلومتْرًا وَتسمِع فِيه صفَّارَات الإنْذار بِانْتظام كإشارة إِلى اِنطِلاق الصَّواريخ مِن الأراضي الفلسْطينيَّة، لِتتقَلَّص حَركَة اَلمُرور فِيه على الأرْصفة بِشَكل مَلحُوظ بَعْد أن كَانَت تُعَالِج مَا بَيْن 800 أَلْف و900 أَلْف حَاوِية سنويًّا، أو 21 مِلْيون طُنِّ مِن البضائع فِي 2022 وَكَان يَستقْبِل 15 سَفِينَة فِي اليوْم أَصبَحت اليوْم تُرْسُون فِيه خَمْس سُفُن فقط.

مِينَاء حِيفَا
يقع فِي شَمَال الأراضي المحْتلَّة وَأَعلنَت "المقاومة الإسْلاميَّة فِي العرَاق" عن اِسْتهْدافه بِالطَّائرات المسيرة أَكثَر مِن مَرَّة وَأَوردَت وَسائِل إِعلَام عبرية أنَّ الكيَان اَلمُحتل يدرُس إِمْكانيَّة شِرَاء مِينَاء فِي جَزِيرَة قُبرُص، في خطوة تَهدِف لِإيجَاد حُلُول لِتأْمِين المواصلات والنَّقْل والْخدْمات اللُّوجسْتيَّة عَبْر البحْر فِي حال ظُهُور سِينارْيوهات أَمنِية أو تهْديدات لِمينَاء حِيفَا، كمَا سَيكُون الميناء مُنشَأَة لِتفْتِيش حاويَات السُّفن اَلتِي تَنقُل المساعدات إِلى غزة، إِلى الميناء اَلذِي تَعتَزِم الولايات المتَّحدة بِناءه هُنَاك وفْقًا مَوقِع "وَاينِت" العبري.

مِينَاء أُمِّ الرَّشْراش "إِيلَات"
شَهِد الميناء تراجعًا بِواقع 85 بِالْمِئة فِي نَشاطِه بَعْد اِسْتهْداف اَلقُوات المسلَّحة اليمنيَّة بِصواريخ مُتَطورَة وَفِي السِّيَاق نَقلَت "وِكالة رُويْتَرْز" عن اَلرئِيس التَّنْفيذيِّ لِمينَاء "إِيلَات" فِي الكيَان الإسْرائيليِّ جَدعُون غُولْبَر أنَّ الميناء مُتَوقف حَتَّى إِشعَار آخر بَعْد تَسرِيح مُعظَم العاملين وسط اِنهِيار الميناء كُلِّيًّا.

وَلكَي نَفهَم تَأثِير العمليَّات العسْكريَّة اليمنيَّة اَلتِي اِسْتهْدفتْ 73 سَفِينَة في البحرين الاحمر والعربي، سَنلقِي نَظرَة عَامَّة على اِقتِصاد الكيَان قَبْل وبعْد عَمَليَّة طُوفان الأقْصى والْإسْناد اليمَنيِّ لِلْمقاومة والشَّعْب الفلسْطينيِّ فِي غزة.

اقتصاد الكيان "الاسرائيلي" قبل وبعد عملية "طوفان الأقصى"
اسْتطاعتْ إسرائيل بَعْد سبْعين عامًا مِن نَهْب واغْتصاب وَسرِقة الأراضي الفلسْطينيَّة واسْتحْواذهَا على اَلكثِير مِن اَلأُصول الفلسْطينيَّة اَلذِي مَثَّل رَافِد مُهِم لِاقْتصادهَا، مِن إِقامة ثَانِي أَكبَر اِقتِصاد فِي الشَّرْق اَلْأَوسط حَيْث بلغ حَجْم الاحْتياط 521 6 مِلْيارات دُولار رَغْم صِغر عدد سُكَّانِهَا الَّذين لَم يتجاوزوا عَشرَة مِلْيون نَسمَة.

وبلغتْ الصَّادرات السِّلعيَّة 73.58 مِليَار دُولار فِي 2022 بِارْتفاع سَنوِي 22.3%، وَفْق بيانَات مُؤتَمَر اَلأُمم المتَّحدة لِلتِّجارة والتَّنْمية (أُونكْتاد). وبلغتْ قِيمة الواردات السِّلعيَّة 107.26 مِلْيارات دُولار فِي 2022، وَيعَد العدوّ الأمْريكيُّ أَكبَر وُجهَة لِلصَّادرات إلى الكيَان الإسْرائيليَّ إِذ اِسْتحْوذتْ على مَا قِيمته 18.67 مِليَار دُولار فِي 2022.

وبعْد طُوفان الأقْصى ومَا تَلَاه مِن الهجمات الإسْرائيليَّة على قِطَاع غَزَّة قَالَت وِزارة ماليَّة العدو الإسْرائيليَّ، إِنَّ الكيان سَجلَ عجْزًا فِي الميزانيَّة بلغ 4.2 % مِن النَّاتج المحَلِّيِّ الإجْماليِّ فِي 2023 مُقَارنَة بِفائض قَدرِه 0.6 % فِي عام 2022، عَازِيا الأمْر إِلى زيادة الإنْفاق الحكوميِّ لِتمْوِيل الحرْب.

وَقدَّر مُحَافِظ بَنْك إِسْرائيل المرْكزيِّ تَكلِفة الحرْب على غَزَّة بِنَحو 210 مِلْيارات شِيكل (56 مِليَار دُولار) لِلدِّفَاع والتَّعْويضات لِلَّذين نَزحُوا مِن بُيوتِهم فِي الجنوب، بِسَبب عمليَّات المقاومة الفلسْطينيَّة أو الشَّمَال بِسَبب الصَّواريخ اَلتِي تسْتهْدفهم مِن حِزْب اَللَّه فِي لُبْنان.

ومع انطلاق عَمَليَّة "طُوفان الأقْصى" ثُمَّ العدوان الإسْرائيليَّ على غَزَّة، تَرَاجعَت غَالبِية القطاعات الاقْتصاديَّة فِي كيان الاحْتلال الإِسْرائيلي، وسط حَالَة طُوارِئْ دَخلَت فِيهَا حكومة المتطرف نتنياهو والْقطاع اَلْخاص، لِتدارك الخسائر. وبعْد أن تَراجَع سِعْر صَرْف الشِّيكل أَمَام الدُّولار لِأدْنى مُسْتوًى لَه، عِنْد 4.08 شِيكل / دُولار، فِي الأسْبوع الثَّالث لِلْحرْب، عاد وَصعِد لِمسْتويات عَشيَّة العدوان مَطلَع نُوفمْبر الماضي، عِنْد 3.84 شِيكل. ويعْتَبر قِطَاع السِّياحة الأكْثر رِفْدًا لِلْكيَان يليه قِطَاع التِّكْنولوجْيَا، يليه قِطَاع الزِّراعة.


السِّياحة


كَانَت السِّياحة فِي الكيَان الصَّهْيونيِّ تَشهَد موْسمًا اِسْتثْنائيًّا فِي عام 2023 مع تحْقيقه مُعدلَات نُمُو كَبِيرَة وَتَعاف أَكبَر، حَيْث اِسْتقْبلتْ مَا يَقرُب مِن 3.01 مَلايِين سَائِح، مِمَّا أَدَّى إِلى ضخِّ 4.85 مِلْيارات دُولار فِي الاقْتصاد الإسْرائيليِّ، لَكِن عَمَليَّة "طُوفان الأقْصى" كان لَهَا وقع الصَّدْمة على السِّياحة فِيمَا تَبقَّى مِن اَلْعام المنْصرم والْعَام الحاليِّ، وتراجعتْ حَركَة السِّياحة فِي أُكتُوبَر الماضي، بِنسْبة 76 بِالْمِئة وإلْغَاء غَالبِية رِحْلَات الطَّيران مِن وَإلَى اَلقُدس المحْتلَّة وَحسَب تَقرِير شَهرِي لِمكْتب الإحْصاء لِلْكيَان "الإسْرائيليِّ"، فَإِن 89.7 أَلْف سَائِح زَارُوا الكيان خِلَال أُكتُوبَر، مُعْظمهم دَخلُوا إِلى البلَاد قِبل اليوْم السَّابع مِن ذات الشَّهْر (قَبْل طُوفان الأقْصى). مَا يُظْهِر حَجْم الضَّرر اَلذِي تَعرَّض لَه ذَلِك القطَاع بِسَبب عَمَليَّة "طُوفان الأقْصى".
وَبَينمَا لَم تُظْهِر بيانَات السِّياحة لِشَهر نُوفمْبر الماضي، إِلَّا أنَّ التَّوقُّعات تُشير إِلى تراجعهَا بِحدَّة عن مُسْتويات أُكتُوبَر 2023.
وَتَوقعَت صَحِيفَة جِيروزالْم بُوسْتْ العبرية أن يُوَاصِل قِطَاع السِّياحة الإسْرائيليِّ اِنْتكاسته فِي اَلْعام 2024، وسط شُكُوك كَبِيرَة وعراقيل ستفْرضهَا فَترَة مَا بَعْد الحرْب.

قِطَاع التِّكْنولوجْيَا

يَعمَل فِي قِطَاع التِّقْنيَّة في الكيَان الصهيوني، اَلذِي يُعَد أحد أهمِّ القطاعات الاقْتصاديَّة، 6 آلاف شَركَة وتشكِّل 18 % مِن النَّاتج المحَلِّيِّ، ونحْو نِصْف صادرَات البلَاد، و30% مِن عائدَات الضَّرائب. ولم يَسلَم مِن تداعيات الحرْب بَعْد اِسْتدْعاء قُوَّات الاحْتياط البالغ عَددُهم 3000 أَلْف جُنْدِي مُعْظمهم يَعمَل فِي هذَا القطَاع، وَأَظهرَت بيانَات أَولِية أنَّ الشَّركات الإسْرائيليَّة النَّاشئة فِي قِطَاع التِّكْنولوجْيَا الفائقة جَمعَت 1.5 مِليَار دُولار فِي الرُّبْع الأخيرة مِن عام 2023، بِانْخفاض قَدرِه 15 % عن الرُّبْع الثَّالث، وَهُو أَدنَى مُسْتوًى مُنْذ 5 سَنَوات، مِمَّا يُشير إِلى تَأثُّر قِطَاع التِّكْنولوجْيَا الفائقة مِن الحرْب اَلتِي تخوضهَا فِي غَزَّة، وجمعتْ الشَّركات النَّاشئة الإسْرائيليَّة نَحْو 7 مِلْيارات دُولار فِي عام 2023 مُقَابِل مَا يَقرُب مِن 16 مِليَار عام 2022. مِمَّا يَعنِي اِنخِفاض واردَات هذَا القطَاع.

قِطَاع الزِّراعة

تَعرِف المنْطقة المحيطة بِقطاع غَزَّة بِاسْم "رُقعَة اَلخُضار الإسْرائيليَّة " وَتحوِي مَزارِع لِلدَّواجن والْماشية ومزارع لِلْأسْماك. ونقلتْ صَحِيفَة "غُلوبْس" الاقْتصاديَّة التَّابعة لِلْكيَان الإسْرائيليِّ عن رئيس اِتِّحاد المزارعين، عَميَت يَفْراح، قَولُه إِنَّ 75 % مِن الخضْراوات المسْتهْلكة فِي إِسْرائيل تَأتِي مِن غِلَاف غَزَّة، إِضافة إِلى 20 % مِن الفاكهة، و6.5 % مِن اَلحلِيب.

وبعْد العدوان الصَّهْيونيَّة على قِطَاع غَزَّة تَعرضَت المنْطقة لِتأْثِير مادِّيٍّ كبير فِي الكيَان "الصَّهْيونيِّ" بِشَكل عامٍّ وَعلَى مِنطَقة حُدُود قِطَاع غَزَّة وَشَمال البلَاد على وَجْه اَلخُصوص، مِمَّا ضَيِّق مِن مُستَوَى الأمْن الغذائيِّ الإسْرائيليِّ. وَأَعلنَت "مُهْدرِين" - وَهِي شَركَة اِسْتثْمار زِراعيٍّ ومصْدر رَئيسِي لِلْحمْضيَّات وَغيرِها مِن المنْتجات الزِّراعيَّة فِي "إِسْرائيل" عن خَسارَة تَفوُّق 160 مِلْيون شِيكل (43.8 مِلْيون دُولار) لِلرُّبْع الثَّالث مِن عام 2023، وسط توقُّعَات بِمزيد مِن التَّأْثيرات السَّلْبيَّة، بِسَبب الحرْب على غَزَّة.

ويشْهد العدوّ "الإسْرائيليُّ" مَوجَة غَلَاء بعْدمَا رَفعَت أهمَّ الشَّركات المصنَّعة والْمسْتوْردة لِلْأغْذية فِيهَا بَعْض أَسعَار المنْتجات بِنسْبة تَتَراوَح مَا بَيْن 15 و25 %، مرْجعه السَّبب إِلى تداعيات الحرْب على غَزَّة.

وَتعَد الأسْعار فِي الكيان الصهيوني أَعلَى 27 % فِي دُوَل مُنَظمَة التَّعاون الاقْتصاديِّ والتَّنْمية، بيْنمَا بَلغَت الفجْوة فِي صِناعة اَلْمَواد الغذائيَّة 37 %، وترْتَفع إِلى 51 % مُقَارنَة بِالاتِّحاد الأوروبِّيِّ وتشْهد الأسْواق "الإسْرائيليَّة" نقْصًا لَافتًا فِي السِّلع الكهْربائيَّة، وسط أَزمَة الواردات مَا دفع الأسْعار إِلى الصُّعود إِلى مُسْتويات تَفُوق كثيرًا مُسْتوياتهَا فِي الأسْواق العالميَّة بِسَبب طُول الرِّحْلات وارْتفاع كُلفَة التَّأْمين، مَا يَرفَع الأسْعار فِي الأسْواق الإسْرائيليَّة.

ورغْم مُرُور نَحْو سِتَّة أَشهُر من العدوان الإسرائيلي على غَزَّة وَمرُور نَحْو خَمسَة أَشهُر على بَدْء اِسْتهْداف السُّفن الإسْرائيليَّة وَغيرِها اَلتِي تُبْحِر نَحْو الكيَان اَلمُحتل "إِسْرائيل"، لَا يَزَال الإسْرائيليُّون يدْفعون أَكثَر لِلْحصول على المنْتجات.

وذكرتْ صَحِيفَة "كالْكاليسْتْ" الاقْتصاديَّة التَّابعة لِلْكيَان الإسْرائيليِّ نقْلا عن أَرقَام أَولِية لِوزارة ماليَّة الاحتلال، أنَّ كُلفَة الحرْب اَلتِي يخوضهَا الكيَان الصَّهْيونيُّ أَمَام حَركَة حَمَاس فِي قِطَاع غَزَّة ستبْلغ "مَا يَصِل إِلى 200 مِليَار شِيكل (51 مِليَار دُولار)".

وَقالت الصحيفة العبرية إنَّ نِصْف اَلكُلفة سَتكُون فِي نَفَقات الدِّفَاع، اَلتِي تَصِل إِلى نَحْو مِليَار شِيكل يوْميًّا (254.7 مِليَار دُولار أَميرِكي). وستتراوح كُلفَة الخسائر فِي الإيرادات بَيْن 40 و 60 مِليَار شِيكل أُخرَى (10 – 15 مِليَار دُولار)، إِلى جَانِب مَا بَيْن 17 و20 مِليَار شِيكل (4.3 – 5 مِلْيارات دُولار) ستتكبَّدهَا "إِسْرائيل"، على شَكْل تعْويضات لِلشَّركات، و10 إِلى 20 مِليَار شِيكل لِإعادة التَّأْهيل.

الكيَان الصَّهْيونيُّ يعيش اليوْم وضْعًا مأْساويًّا لَا يَحسُد عليْه. فَمِن جِهة اِسْتمْرار التَّظاهرات الدَّاخليَّة اِحْتجاجًا عن سِياسَات نتنْياهو وممارساته وَمِن جِهة أُخرَى فَإِن 134 أسيرًا إِسْرائيلي لَا زَالَت حَركَة المقاومة الإسْلاميَّة حَمَاس تَحتَفِظ بِهم وَتعجِز "إِسْرائيل" عن إِطلَاق سَراحِهم، وان هُنَاك مِئَات اَلأُلوف مِن المسْتوْطنين المهجَّرين فِي الجبْهة الشَّماليَّة، وَهُم عاجزون عن إِرْجاعهم إِلى مساكنهم وقد لَا يرْجعون إِلى الأبد إِضافة إِلى أنَّ الاقْتصاد الإسْرائيليَّ خَاصَّة فِي هَذِه الجبْهة أَصبَح مَشلُول تمامًا وبشكْل عامٍّ فَإِن حَالَة الاكْتئاب وَحالَة إِليَاس تَعُم كُلَّ الشَّارع.

وقَالَت صَحِيفَة "تَايِمز أُوف إِسْرائيل" إِنَّ الولايات المتَّحدة الأمْريكيَّة فَشلَت فِي رَدْع اَلقُوات المسلَّحة اليمنيَّة ووقْف اِسْتهْدافهَا المساندة لِغَزة، سَوَاء فِي البحْر أو بِاتِّجَاه إِسْرائيل. ونشرتْ الصَّحيفة تقْريرًا قَالَت فِيه إِنَّه "على الرَّغْم مِن بَذْل قُصَارَى جُهْدِها، فَشلَت الولايات المتَّحدة وحلفاؤهَا فِي مَنْع الجيْش اليمَنيِّ مِن تَعطِيل تَدفُّق الشَّحْن فِي البحْر الأحْمر، أحد أَكثَر الممرَّات البحْريَّة اِزْدحامًا فِي العالم".

فَإلَى أيِّ مدًى يَستطِيع العدوّ الإِسْرائيلي تَحمِل تداعيات عمليات الاسناد اليمني ومحور المقاومة في ظل تصاعد تَّكاليف الحرْب على الموازنة والاقْتصاد؟.. سُؤَال تَصعُب الإجابة عليْه كُلمَا طال أمد الحرْب.