مسيّرات حزب الله.. سلاح واجه الهيمنة الجوية التقليدية لـ”إسرائيل”
السياسية:
مروة ناصر*
برزت الطائرات المسيّرة كسلاح فعّال في عمليات المقاومة الإسلامية في لبنان التي نفّذتها ضد أهداف الاحتلال المتنوّعة ما بين المواقع والمقار والمرابض والتجهيزات التجسسية، إضافة إلى انتشار الجنود في عمق شمالي فلسطين المحتلّة، وذلك في إطار مساندتها لغزّة ومقاومتها، ورداً على الاعتداءات الإسرائيلية على القرى اللبنانية.
تجاوز منظومة الاعتراض الإسرائيلية
التهديد الذي تشكّله مسيّرات حزب الله بالنسبة للكيان الإسرائيلي، توقّف موقع “Breaking Defense” الأمريكي المتخصّص في الشؤون العسكرية، لقراءته وتحليله، وأكّد أنه “إذ دخل حزب الله الحرب بقوّة فإنّ دوراً كبيراً سيبرز للطائرات من دون طيّار بما سيشكّل تحدياً جوياً صعباً لإسرائيل”، وذلك في تقرير له بتاريخ 20 أكتوبر 2023.
وأكد الباحث في “معهد الشرق الأوسط” بجامعة “سنغافورة” جان لوب سمعان في حديثٍ مع الموقع الأمريكي، أنّ “المسيّرات هي بين الترسانة الكبيرة لحزب الله التي تتمتّع بالجودة والتنوّع، والتي يمكن أن تغطي بسهولة على الدفاع الجوي الإسرائيلي”.
الاعتراف بقدرات حزب الله في مجال المسيّرات واستخدامها، جاء أيضاً في حديث الخبير العسكري، أندرياس كريغ، لـ “Breaking Defense”، إذ قال إنّ “تكنولوجيا الطائرات من دون طيار التابعة لحزب الله متطورة للغاية”.
ومستنتجاً الدروس من الحرب في ناغورنو كاراباخ ، وفي أوكرانيا، حيث كانت المواقع الثابتة والتجمّعات الكبيرة للقوات عرضة لخطر الطائرات من دون طيّار، شدّد الموقع العسكري على أنّ مسيّرات حزب الله يمكن أن توفّر له قدرات المخابرات والمراقبة والاستطلاع، وتنفيذ المهمات الهجومية.
وفي بحث عن تساؤل “ما هي فرص الدفاعات الجوية الإسرائيلية للتعامل مع المسيّرات؟”، أكد الموقع العسكري أنه في حال أطلق حزب الله عدداً كبيراً من الطائرات من دون طيار مع تغطية بالنيران السريعة، فيمكن أن يتم تجاوز القبّة الحديدة ونظام الاعتراض بالليزر الجديد الذي تحاول “إسرائيل” إدخاله إلى الخدمة.
وأوضح أن ثغرات يواجهها نظام الاعتراض التابع للاحتلال الإسرائيلي، إذ إنّ “القبة الحديدية” صمّمت بشكل أساسي للتعامل مع التهديد الصاروخي، وعلى الرغم من أنها طُوّرت من أجل التصدّي للطائرات المسيّرة، إلا أنه لم يتمّ اختبارها بالفعل بعد. وبشأن منظومة الليزر، لفت الموقع إلى أنّ “Iron Beam” التي تستخدم تلك التقنية لمواجهة هجمات الطائرات من دون طيار، لم تنضج بعد.
المسار التطوري
في الشهر الثاني من العام 2022، كشف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أن المقاومة “بدأت منذ مدة طويلة تصنيع الطائرات المسيّرة في لبنان”، وقال “شبابنا اللبنانيون المقاومون يملكون من العقول والفهم والذكاء والقدرة والإرادة والتصميم والعزم على اكتساب أي خبرة، يمكن أن يتصوّرها أحد، وموجودة في هذا العالم”.
وقبل ذلك، تحدّث تقرير صادر عن “مركز أبحاث ALMA” العبري، عام 2021، أن حزب الله لديه نحو 2000 طائرة من دون طيار، والعديد منها طائرات متطوّرة وصنّعها بنفسه، وأضاف أنّ الحزب أطلق المسيّرات منذ ما قبل حرب تموز عام 2006.
حلّقت مسيّرة حزب الله المسمّاة “مرصاد” في أجواء فلسطين المحتلّة عام 2004، ضمن “المواجهة المشروعة للخروقات والاعتداءات الصهيونية على السيادة اللبنانية”، وفق ما شدّد عليه بيان المقاومة آنذاك. و”مرصاد”، متميّزة بـ 3 أجيال، وهي مهمات المراقبة والتجسّس ذاتها، ويمكن إطلاقها عبر مدرج متحرّك أو بوساطة حشوة صاروخية دافعة، وفق تقديرات الإعلام الإسرائيلي.
وعبرت المسافة من جنوبي لبنان في اتجاه “ديمونا” في النقب المحتل جنوبي فلسطين، عام 2012، المسيّرة “أيوب” التابعة للقوة الجوية في المقاومة الإسلامية، ونواتها إيرانية لكنّ تجميعها لبناني على يد الشهيد في حزب الله حسين أنيس أيوب.
وأحدثت مسيّرة “حسان” خرقاً في أنظمة الرصد الإسرائيلية، حيث حلّقت المسيّرة التي حملت اسم الشهيد المهندس حسّان اللقيس، صاحب الدور في تطوير هذا السلاح، لنحو 40 دقيقة فوق شمالي فلسطين المحتلة متجاوزةً مرّة ردارات الاحتلال عند الحدود، ومرّة ثانية، القبة الحديدية و”الباتريوت” والرادارات في الجبهة الداخلية للاحتلال والتي تفعّلت لكن من دون جدوى، لتعود المسيّرة بسلام من حيث أطلقت من لبنان، مع كلّ ما حصدته من مخزون معلوماتي.
استخدم حزب الله سلاح المسيّرات أيضاً في رسائل الردع، إذ أرسل المسيّرات مختلفة الأحجام إلى حقل “كاريش” في البحر المتوسط، وكانت على اسم الشهيدين المهندسين جميل سكاف ومهدي ياغي، لمنع الاعتداءات الإسرائيلية على المياه الإقليمية اللبنانية والثروات النفطية للبلد، وتحت ضغط التهديد العسكري ذهب الاحتلال لترسيم الحدود البحرية مع لبنان.
إضافة إلى هذه المسيّرات، تحدّث مركز الأبحاث الإسرائيلي عن امتلاك حزب الله مسيّرات “شاهد 129″، “مهاجر”، و”كرّار”.
لم تكتفِ المقاومة بإدخال هذه الطائرات إلى الخدمة الميدانية بالتزامن مع “طوفان الأقصى”، بل عمدت أيضاً إلى سحب ورقة “التفوّق” المزعومة إسرائيلياً، فأسقطت العديد من مسيّرات الاحتلال التي اخترقت الأجواء اللبنانية، معلنةً بذلك عن تطوّرٍ في وحدة الدفاع الجوي في صفوفها.
ليقرّ الباحث في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، فابيان هينز، أنه أمام تطوّر قدرات المقاومة في المسيّرات والدفاع فإن حزب الله “واجه الهيمنة الجوية التقليدية لإسرائيل”، وذلك في حديثه مع موقع ” Breaking Defense”.
* المصدر: الميادين نت
* المادة نقلت حرفيا من المصدر