في الجمعة الأخيرة قبيل رمضان.. الطبيب الصهيوني غولدشتاين كان يعرف ما يفعل”!
السياسية:
تعد المجزرة التي نفذها الطبيب اليهودي من أصل أمريكي باروخ غولدشتاين، في الحرم الإبراهيمي في 25 فبراير عام 1994، مثالا على المضاعفات الكارثية للكراهية حين تجد من يصفق لها ويمجدها.
في الساعة الخامسة فجر يوم 25 فبراير 1994، دخل رجل ملتح يرتدي زي نقيب في الجيش الصهيوني إلى قاعة للصلاة في الحرم الإبراهيمي الواقع في القسم القديم من مدينة الخليل الفلسطينية. كان الرجل يحمل بندقية رشاشة ومسدسا وقنبلة يدوية. ما أن دخل المسجد حتى فتح النار على المصلين.
قتل المهاجم 29 مصليا بينهم أطفال، وأصاب 150 آخرين، وكان يمكن أن يكون عدد الضحايا أكبر بكثير لوجود حوالي 800 شخص يؤدون صلاة الفجر في تلك الجمعة الأخيرة قبيل حلول شهر رمضان المبارك، إلا أن بعض المصلين انتهز فرصة انشغاله بتغيير مخزن بندقيته للمرة الرابعة وانقض عليه وتمكن أحدهم من ضربه بأسطوانة لإطفاء الحرائق، وجُرد من سلاحه وانهال عدد من المصلين عليه ضربا حتى الموت.
اتضح أن مطلق النار يدعى باروخ غولدشتاين، وهو طبيب يبلغ من العمر 37 عاما كان عاد إلى “إسرائيل” من الولايات المتحدة في عام 1982، وانخرط في صفوف الجيش الإسرائيلي وعمل طبيبا عسكريا برتبة نقيب.
سيرة غولدشتاين الذاتي تفيد بأنه كان تلميذا لمئير كاهانا، الحاخام المتطرف والمعروف بكراهيته الشديدة للفلسطينيين منذ كان في الولايات المتحدة، وقد انضم إلى رابطة الدفاع اليهودية التي أسسها. بعد وصوله إلى “إسرائيل” واصل أنشطته السياسية، وفي عام 1988 احتل المركز الثالث في القائمة الانتخابية لحزب كاخ، الذي منع من المشاركة في الانتخابات عام 1994 لأنه يتبنى أفكار “الكراهية”.
شارك غولدشتاين عدة مرات في مظاهرات عنيفة ضد الاتفاقيات أوسلو، وظهر فيها وهو يضع نجمة صفراء سداسية على صدره، ولا يفتأ يردد أن الوقت قد حان لتصفية الحسابات مع العرب.
مهنة الطب الإنسانية لم تردع غولدشتاين، وتؤكد تقارير أنه كان يرفض بشكل قاطع معالجة غير اليهود، بما في ذلك الدروز الذين يخدمون في الجيش الصهيوني .
بعد مقتل باروخ ، نشرت مقابلة أجرتها معه قبل تسعة أيام من المجزرة وسائل إعلام أمريكية، أعلن فيها هذا الطبيب “استحالة التعايش مع الفلسطينيين”، واشتكى من أن “الجيش الصهيوني لا يعطي اليهود الفرصة للانتقام من العرب وتخويفهم، وحين سئل عما إذا كانت هذه الآراء تتعارض مع مهنته وواجباته كطبيب، أجاب غولدشتاين: “وقت للقتل ووقت للعلاج”.
عقب المجزرة حدثت مصادمات بين الفلسطينيين واليهود في الضفة الغربية وفي قطاع غزة، وأيضا في القدس الشرقية، اسفرت الصدامات عن مقتل 9 فلسطينيين وإصابة أكثر من 200 آخرين.
رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية في ذلك الوقت ياسر عرفات، أدان بشدة مذبحة المسجد الإبراهيمي، مشددا على أن عملية السلام برمتها مهددة.
كما أدانت الحكومة الصهيونية المجزرة، ووصف رئيس الوزراء الصهيوني إسحق رابين خلال اتصال هاتفي أجراه مع الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات ما جرى بأنه “جريمة قتل شنيعة وإجرامية”.
شكلت “إسرائيل” لجنة تحقيق في ملابسات الهجوم ترأسها القاضي مئير شمغار، وعضوية إليعازر غولدبرغ وعبد الرحمن الزعبي والبروفيسور مناحيم يعاري والجنرال موشيه ليفي، وتوصلت إلى أن غولدشتاين تصرف بمفرده، وصدر عنها عدة توصيات أمنية.
غولدشتاين دفن أمام حديقة مائير كاهانا التذكارية في مستوطنة كريات أربع الواقعة قرب الخليل، وسرعان ما تحول قبر القاتل إلى مزار لآلاف من الصهاينة، كما اعتبره العديد من المستوطنين والحاخامات والسياسيين المتطرفين “قديسا” و”بطلا”، ونسجت روايات زعمت أن المجزرة التي ارتكبها “كانت ضربة وقائية”.
بني كنيس قرب قبره كما كتبت على شاهد قبره عبارة تقول: “القديس باروخ غولدشتاين، الذي ضحى بحياته من أجل شعب إسرائيل والتوراة المقدسة والأرض الإسرائيلية”.
في عام 1999، بعد اعتماد قانون يحظر إقامة نصب تذكارية للإرهابيين، وفي أعقاب قرار صدر عن المحكمة العليا، استخدم الجيش الصهيوني الجرافات لتدمير الكنيس ومكان العبادة في قبر غولدشتاين.
الخبير السياسي الأمريكي جان لوستيك كان نقل ميريام أرملة غولدشتاين قولها: “لم يكن باروخ مختلا عقليا، لقد كان يعرف بالضبط ما كان يفعله. لقد خطط للقيام بذلك من أجل إنهاء محادثات السلام. لقد فعل ذلك من أجل شعب “إسرائيل””.
الحاخام “إسرائيل” أرييل قال في تأبين منفذ مجزرة الحرم الإبراهيمي: “الشهيد المقدس، باروخ غولدشتاين، هو الآن شفيعنا في الجنة. لم يتصرف غولدشتاين كشخص وحيد، فقد سمع صرخة أرض “إسرائيل”، التي يسرقها المسلمون منا يوما بعد آخر. لقد تصرف ليعطي إجابة على صرخة الأرض هذه”!
هذا الحاخام اختتم تأبينه معلنا أن “اليهود يرثون الأرض ليس على أساس أي اتفاق سلام، ولكن فقط من خلال سفك الدماء”.
* المصدر: موقع روسيا اليوم
* المادة نقلت حرفيا من المصدر