السياسية:

كجزء لا يتجزأ من الحرب الشاملة التي يشنها كيان العدو الصهيوني على الوجود الفلسطيني في قطاع غزة يسارع هذا الكيان اللقيط من خطواته التهويدية بهدف خلق وقائع جديدة تستهدف الضفة الغربية المحتلة بشكل عام ومدينة القدس والمسجد الأقصى بشكل خاص، والتي ترسخ وتعزز مشروعه الاستيطاني على حساب الشعب الفلسطيني.

فمع استمرار الحرب الصهيونية المدمرة على قطاع غزة، بدأت سلطات العدو الصهيوني بتنفيذ جميع مخططاتها الاستيطانية المؤجلة ضد الضفة الغربية والقدس المحتلتين، من خلال سعيها في إنشاء حي جديد لليهود بالقدس الشرقية المحتلة، ما من شأنه أن يزيد تهميش مساحة الأراضي الفلسطينية، تزامناً مع تسهيل اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى، وحمايتهم بهدف الاستيلاء على بيوت المقدسيين وإزالة أي معالم معمارية أو تراثية تشير إلى عروبة وإسلامية تلك المنازل والأحياء.

وفي هذا الإطار.. فإن القرار الصهيوني الصادر أخيراً من أجل بناء حي جديد لليهود في القدس الشرقية، يحمل اسم “نوفيه راحيل”، ويقع على مسافة أمتار قليلة من منازل الفلسطينيين في قرية “أم طوبا” المحتلة، جنوب شرق القدس يندرج ضمن خطة لفرض تهويد وصهينة مدينة القدس بشكل كامل جنباً الى جنب مع زياد الضغوط الممنهجة لجعل حياة الفلسطيني هامشية في كافة مناحي الحياة.

وبحسب صحيفة “هآرتس” الصهيونية، تنص خطة ما تسمى بوزارة العدل الصهيونية، المسؤولة عن هذا الملف، وشركة عقارات يسيطر عليها نشطاء من اليمين المتطرف، على بناء هذا الحي، الذي تشمل مرحلته الأولى بناء 650 وحدة سكنية.

وتقول “هآرتس” إن الحي الجديد هو الرابع الذي تعمل عليه وحدة “الوصي على أملاك الغائبين” في ما تسمى بوزارة القضاء الصهيونية، خلال السنوات الأخيرة في شرق القدس.. مشيرةً إلى أن الوزارة تستغل قانون إجراءات القضاء والإدارة الذي سُنّ في 1970، ونص على أنه يحق لليهود الذين كانوا أصحاب ممتلكات وأراضٍ في شرق القدس قبل عام 1948، المطالبة باستعادتها.

أما المستوطنات الثلاث الأخرى فهي: مستوطنة “كيدمات صهيون” بين حي رأس العامود المقدسي والجدار الفاصل، ومستوطنة “جفعات شاكيد” المقررة إقامتها على أراضي قرية أم صفا شمالي رام الله، وأخيراً مستوطنة “إميت حاييم حتينا” المخطط إنشاؤها قرب “أم طوبا” كذلك.

واللافت أن تقرير “هآرتس” أشار أن هناك خطة للعمل وبسرعة كبيرة على البناء لليهود في شرق القدس المحتلة، بجانب التوسع في الاستيطان بالضفة الغربية المحتلة، منذ بدء الحرب على غزة، بما يقدر بنحو 3000 وحدة سكنية، وهو ما رصدته منظمات صهيونية غير حكومية من بينها منظمة “السلام الآن” الصهيونية غير الحكومية التي ذكرت، في تقرير لها، أن المستوطنين أنشأوا عدداً قياسياً من البؤر الاستيطانية العشوائية في الضفة الغربية المحتلة العام الماضي.. مبرزةً أن الكثير منها أقيم بعد بداية الحرب على غزة.

ومن الأهمية الإشارة إلى أن خطة العدو الصهيوني في هذا الشأن إنما تخدم أهدافه التهويدية في مدينة القدس، خاصة أنه بجانب التوسع في الاستيطان بالضفة الغربية، جرى تعبيد 18 طريقاً جديدة لتسهيل تنقل المستوطنين، ما يعني فرض سيطرتهم على مساحات أكبر في الضفة، وزيادة حصار الوجود الفلسطيني هناك، ويضيف صعوبات إلى حياة المدنيين فيها، بالنظر إلى تشديد السلطات الصهيونية حواجز الطرق، ومنع الفلسطينيين من الوصول إلى مناطق تواجد المستوطنين.

ووسط هذا السعي المحموم لتعزيز الاستيطان، وافق رئيس وزراء كيان العدو الصهيوني بنيامين نتنياهو على قرار ما يسمى بوزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير الذي يقيد وصول المصلين الفلسطينيين من الداخل والضفة والقدس إلى المسجد الأقصى خلال شهر رمضان المبارك.

وتنص خطة بن غفير، على منع المصلين القادمين من الضفة والداخل المحتل من الدخول إلى المسجد الأقصى لآداء الصلاة، بحجة “أسباب أمنية” ولمنع اندلاع مواجهات بين الفلسطينيين وقوات العدو.

ووصف الفلسطينيون القرار الجديد بأنه تهويد للمسجد.. معبرين عن خشيتهم من أن تمهد القيود المفروضة على دخولهم إلى الأقصى الطريق لتقسيمه بين المسلمين واليهود، على غرار تقسيم الحرم الإبراهيمي في الخليل خلال التسعينيات.

وفي هذا السياق حذر مجلس الإفتاء الأعلى في فلسطين، من تداعيات قرار منع دخول فلسطينيي الضفة الغربية إلى المسجد الأقصى، وتقييد دخول فلسطيني القدس وأراضي الـ48 إلى المسجد الأقصى المبارك، لأداء الشعائر الدينية خلال شهر رمضان المبارك، وذلك رضوخًا للضغوط اليمينية المتطرفة.

وأوضح مجلس الإفتاء في بيان صحفي، أن المسجد الأقصى المبارك يمر حالياً بواقع مؤلم وخطير.. داعيا إلى أخذ هذا القرار على محمل الجد، فالخطر داهم، والعدوان شرس، والبجاحة تستعر، وهذا القرار الذي اتُخذ من أعلى المستويات السياسية، يفضح سياسة سلطات الاحتلال في فرض الأمر الواقع في المسجد الأقصى المبارك، ويهدف إلى إفراغ المسجد الأقصى من رواده، تنفيذا لمخطط التهويد فيه وبناء هيكلهم المزعوم، ويمثل امتدادا للحرب الشاملة التي تشنها قوات العدو الصهيوني على كل ما هو فلسطيني، وإلى فرض أمر واقع تهويدي على الأرض الفلسطينية .

وحمّل المجلس سلطات العدو الصهيوني عواقب هذه القرارات البغيضة التي تزيد نار الكراهية والحقد في المنطقة وتؤجج الصراع فيها.

بدوره، حذر قاضي قضاة فلسطين محمود الهباش، من نية العدو الصهيوني، تقييد دخول الفلسطينيين إلى المسجد الأقصى في شهر رمضان المبارك، سواء من داخل أراضي الـ48، أو المقدسيين، أو الضفة الغربية.

وقال الهباش في بيان صحفي: إن مثل هذا الإجراء من شأنه أن يفجر الأوضاع بشكل لا يتوقعه أحد، أو يمكن السيطرة عليه.. واصفا الخطوة بأنها إمعان في إشعال للحرب الدينية.

وأكد أن إقدام سلطات العدو الصهيوني على عزل المسجد الأقصى المبارك ومنع المسلمين من الوصول إليه وبالذات في شهر رمضان المبارك، لن يمر ولن تستطيع حكومة الإرهاب المتطرفة فرضه، ما دام هناك فلسطيني واحد على هذه الأرض فالمسجد مسجد الفلسطينيين والقدس مدينتهم وعاصمتهم، ودرة تاج المسلمين جميعًا، ولن يتم التفريط فيها أبدا مهما بلغت التضحيات.