بقلم : صوني إنجل راسموسن وصالح الباطاطي
ترجمة: انيسة معيض- سبأ
الغيضة، اليمن – من أجل كسب السكان المحليين في هذا الركن الهادئ نسبياً في بلد ممزق، مولت المملكة العربية السعودية المدارس، ووسعت المرافق الطبية ووعدت بقوارب جديدة للصيادين.
كما استولى جيش المملكة على البحر والمطارات وجلب المئات من الجنود السعوديين لتنفيذ المشاريع، الامر الذي أدى إلى إثارة المعارضة بين سكان محافظة المهرة اليمنية، وعاصمتها الغيضة.
مع تزايد الضغوط الدولية على التحالف الذي تقوده السعودية لوقف الحرب المدمرة في اليمن، فإن انعدام الثقة العميقة بين السكان هنا يصعب جهود الرياض لغرس الولاء بين السكان المحليين وبالتالي كبح القوى المعادية، وخاصة الحوثيين المدعومين من إيران، من استغلال فوضى اليمن وتهديد المملكة.
بعض الأشخاص في المهرة يتهمون المملكة العربية السعودية بقيامها بتنفيذ مشاريع تنموية لترسيخ مصالحها الإستراتيجية العسكرية والأمنية من خلال السيطرة على البنية التحتية الرئيسية في اليمن.
وقال نائب محافظ المهرة السابق علي بن سالم الحريزي الذي ساعد في تنظيم احتجاجات ضد الوجود السعودي في المحافظة “نحن تحت الاحتلال السعودي. “نحن لا نحتاج إلى السعوديين”.
وقال العميد. الجنرال علي شكري، قائد الجيش السعودي في المهرة: إن مبادرات التنمية السعودية تهدف إلى تبني النوايا الحسنة وتلبية الاحتياجات المحلية وقد قررت القيام بذلك نتيجة لتنافس الجماعات كجماعة الحوثي، الجماعة المدعومة من إيران أو المتطرفين الإسلاميين مثل القاعدة. وقال: انه إذا كانت هناك فجوة، فسياتي شخص ما ويملأ هذه الفجوة.
وبعد أكثر من ثلاث سنوات من الحرب، لم يعد اليمن عرضة للهجوم فحسب بل على شفا الانهيار.
لقد ألحتا كلا من المملكة السعودية والإمارات العربية المتحدة بأن تحالفهما العسكري سيكون حاسما بحيث يلحق الهزيمة بالحوثيين الذين استولوا عام 2014 على العاصمة صنعاء. وقد قتلت الغارات الجوية للتحالف آلاف المدنيين ودمرت البنية التحتية الحيوية ، بما في ذلك المستشفيات. اصبح اليمن الآن موطنا لأكبر تفشي لمرض الكوليرا على الإطلاق. لقد مات ما يقرب من 85000 طفل من الجوع منذ بداية الحرب ، وفقاً لمنظمة انقذوا الاطفال الدولية، وهي منظمة غير حكومية.
وفي ديسمبر، أصدر مجلس الشيوخ الأمريكي قرارًا يقضي بوقف الدعم الأمريكي للحرب. في حين أن محافظة المهره قد تجنبت الكثير من الدمار الذي شهدته أماكن أخرى في اليمن ، فإن المحافظة تعتبر مؤشر على كيفية وقف السكان المحليين الدور الكبير للقوى الإقليمية.
ومنذ أبريل ، تظاهر مئات الأشخاص بصورة منتظمة ضد بسط السيطرة من قبل السعوديين”الغزاة”. وفي نوفمبر، قتل جنود يمنيين مدعومين من السعودية شخصين على الأقل عندما فتحوا النار عليهم اثناء المظاهرة.
وقال راجح سعيد باكريت ، حاكم محافظة المهرة المدعوم من السعودية ، إن القتلى كانوا إرهابيين تم أطلاق النار عليهم أثناء مهاجمتهم نقطة تفتيش. لكن السيد هريزي قال إن القتلى كانوا متظاهرين عاديين.
في الغيضة، استخدم السعوديون المطار، الذي استولوا عليه في أواخر عام 2017، لينقل الجنود داخل وخارج البلاد. كما أنهم يديرون برنامجهم التطويري بمساعدة من الجيش، مما يعزز الانطباع لدى السكان المحليين بأن المساعدات السعودية جزء من الجهود الحربية للمملكة.
وتقول الرياض إن جيشها يعمل أيضاً في منطقة المهرة لمنع تهريب المخدرات عبر البحر العربي ومن ثم يتم تهريبها إلى السعودية وكذا الأسلحة التي يستخدمها الحوثيون في شمال اليمن لمحاربة الرياض وحلفائها، وتحسين الأمن للشعب اليمني. عززت المملكة العربية السعودية خفر السواحل اليمنية وأقامت نقاط تفتيش للحد من تهريب الأسلحة.
وقال مسؤل حكومي يمني رفيع المستوى مقرب من الرئيس المدعوم من السعودية عبد ربه منصور هادي، إن الحكومة اليمنية ليس لديها أي رأي أو سيطرة على توسع السعودية في المهرة. وقال المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه خوفا من الانتقام من قبل السعودية, ان الرياض تستغل الوضع الفوضوي في البلاد.
وقال المسؤول “نحن متحالفون مع التحالف الذي تقوده السعودية لكننا لا نقبل أي انتهاك لسيادتنا”. واضاف: “هدف التحالف هو إعادة الحكومة الشرعية” ، “وليس نشر الجيش في المناطق السلمية”.
ولكسب المتشككين، فإن السعودية تجمع بين جهود التنمية ومكافحة التهريب بمنح تامة، مثل الوقود الذي تكون الحاجة إليه ملحة، والكتب المدرسية، ومحطة تنقية المياه، والمرافق الطبية الجديدة. قال الجنرال السعودي شكري: “إذا كنت تبني مستشفيات ومدارس، وتخلق فرص عمل، فسيقولون:” نحن محظوظون لوجودكم هنا”.
في مرفأ نشطون الواقع في بحر العرب، جنوب الغيضة، هناك لافتات ضخمة تحمل صورة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ووالده الملك سلمان، أمام ناقلتي وقود، مما لا يدع مجالاً للشك فيما يتعلق بمن هو المسؤول عن المنح.
الوقود في ناقلات النفط هو جزء من تعهد سعودي بتوزيع 60 مليون دولار من المشتقات النفطية شهريًا إلى محطات توليد الطاقة في 10 مقاطعات عبر اليمن. استلمت المهرة 4800 طن في نوفمبر، وفقا للمدير العام لشركة النفط الإقليمية محسن بلحاف.
تم تسليم الوقود تحت مظلة البرنامج السعودي للتنمية والإعمار في اليمن، والذي تم إطلاقه في مايو 2018، والذي يدير مشاريع البنية التحتية والصحة في ست محافظات يمنية.
وخلال زيارة قام بها في أواخر ديسمبر، زار مسؤولون من البرنامج الذي يحيط به الإعلام اليمني والسعودي في الغالب مدرسة في منطقة الغيضة لبدء توزيع 192 ألف كتاب مدرسي. واصطف مئات التلميذات اللواتي يرتدين الحجاب الأبيض لاستقبال الزوار. وأشاد المدير العام للتعليم في المهرة، سمير هاشا، بالمبادرة السعودية.
وهناك آخرون كانوا أقل حماسا. وفي مستشفى الغيضة، حيث وصل مسؤولو التنمية السعودية في موكب عسكري يرافقهم حراس مدججون بالسلاح، قال طبيب إن هناك احتياجات أكثر إلحاحًا وفورية من إنشاء مركز الغسيل الكلوي الذي يجري بناؤه حاليًا بتمويل سعودي، والذي قال إنه لن يكون جاهزا لسنوات .
في محاولتها لجذب السكان في المهرة، والقيام بدور مهيمن في التجارة والأمن، تحاول الرياض الضغط على سلطنة عمان، حسبما يقول النقاد، التي حافظت على علاقات ودية مع أبناء شرق اليمن.
استولت السعودية على الطريق السريع الرئيسي، والمعابر الحدودية والموانئ للحد من التجارة من الدولة الصغيرة الغنية بالنفط. يتهم المسؤولون السعوديون سلطنة عمان بالتغاضي عن تهريب الأسلحة الإيرانية عبر أراضيها إلى الحوثيين، وهو اتهام يتشاطروه مع المسؤولون الأمريكيون.
لم ترد وزارة الخارجية العمانية وسفارتها في لندن، التي تقوم بالتعامل مع الاستفسارات الإعلامية الأجنبية، للمطالبة بالتعليق.
وهناك مسار آخر لدخول الأسلحة عبر البحار، حيث تقول الأمم المتحدة والجيش السعودي إن إيران ترسل مكونات الصواريخ ليتم تركيبها في الأراضي التي يستولي عليها الحوثي. وقد رفضت إيران مراراً الاتهامات بأنها تدعم الحوثيين ماديًا وعسكرياً، لكنها تعترف بتأثرها بالحوثيين، وقد التقت مع القوى الأوروبية لمناقشة وقف إطلاق النار في اليمن.
يزعم بعض المسؤولين السعوديين أن الاحتجاجات الأخيرة تعكس في الواقع رد فعل عنيف بين أولئك الذين لديهم حصص في تجارة التهريب في الإقليم، بما في ذلك الصيادين المحليين.
قال الجنرال السعودي شكري “عندما أتينا، أوقفنا التهريب ، لذلك اوقفنا مدخلاتهم “، “البعض منهم ليسوا سعداء”.
صحيفة: وول ستريت جورنال, الامريكية *