مصير مجهول لاتفاق وقف اطلاق النار.. من استياء “أنصار الله” إلى التحركات العسكرية السعودية
السياسية – رصد :
مع بقاء أقل من أسبوعين على انتهاء اتفاق وقف إطلاق النار في اليمن الذي استمر لمدة شهرين بين حركة “أنصار الله” اليمنية والرياض، يقول مسؤولون في صنعاء إن انتهاكات وقف إطلاق النار من قبل الجانب الآخر قد زادت خلال الايام القليلة الماضية. ولقد دخلت خطة الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار وإنهاء الصراع في اليمن حيز التنفيذ في 13 أبريل الماضي وستنتهي في 13 يونيو القادم.
ورغم أن مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن سبق أن أكد إمكانية تمديد الاتفاق بموافقة الطرفين، إلا أن تصاعد انتهاكات وقف إطلاق النار من قبل تحالف العدوان السعودي واستياء صنعاء من عدم التزام الرياض بمبادئ اتفاق وقف إطلاق النار، قد يتسبب في إنهاء هذا الاتفاق وعدم تمديده.
وفي غضون ذلك، وفي إجراء مهم وحاسم بشأن مصير تمديد أو إنهاء اتفاق وقف إطلاق النار الذي دام شهرين، أفادت وسائل إعلام يمنية عن زيارة وفد دبلوماسي من صنعاء إلى العاصمة الأردنية، والتي حسب المصدر، قد أعربت اللجنة العسكرية اليمنية عن أملها في أن تمهد محادثات الضمانات، الطريق لفتح ممرات إنسانية ووقف انتهاكات وقف إطلاق النار، بما ينهي الحصار ويوقف العدوان وينهي الاحتلال السعودي في اليمن.
اتهامات متبادلة بانتهاك اتفاق وقف اطلاق النار
على الرغم من تراجع القتال إلى حد كبير منذ بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار الذي دام شهرين، اتهمت فصائل مختلفة بعضها البعض بانتهاك وقف إطلاق النار، حيث أبلغت حكومة صنعاء عن انتهاكات واسعة النطاق لوقف إطلاق النار من قبل تحالف العدوان السعودي. ومن ناحية أخرى، احتجت صنعاء في الأسابيع الأخيرة على عدم التزام الجانب السعودي ببنود اتفاق وقف إطلاق النار.
وفي هذا الصدد، أعرب “مهدي المشاط”، رئيس المجلس السياسي الأعلى اليمني، عن أسفه للسلوك المخيب للآمال للتحالف السعودي في عدم الامتثال لبنود وقف إطلاق النار، قائلا إنه “منذ تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، شهدنا آلاف الانتهاكات التي تم ارتكابها من قبل تحالف العدوان السعودي، بما في ذلك أكثر من 35 عملية تقدم عسكري”. ومن ناحية أخرى، ادعى “عبده مجلي” المتحدث الرسمي باسم القوات اليمنية التابعة للسعودية في تصريح صحفي: “منذ بداية وقف إطلاق النار الأممي وحتى اليوم، بلغت انتهاكات قوات صنعاء 4276 خرقا على كل جبهات ومحاور المعركة في تعز وحجة والضالع وصعدة والحديدة”.
ويأتي هذا الادعاء في الوقت الذي انتهك فيه السعوديون مرارًا وتكرارًا وقف إطلاق النار في الأيام الأخيرة. حيث أفادت وسائل إعلام يمنية، مساء يوم الاثنين الماضي، عن تدمير الدفاعات الجوية اليمنية، لطائرة تجسس صينية الصنع من طراز CH4 تابعة للقوات الجوية السعودية في سماء صنعاء. وحسب بيان صادر عن القوات المسلحة اليمنية، فقد أسقطت الطائرة دون طيار بصاروخ أرض جو محلي الصنع أثناء قيامها بعمليات عدائية في المجال الجوي للعاصمة صنعاء. وأعلن العميد “يحيى سريع” المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية، قبل يومين، عن تدمير طائرة مسيرة تابعة للقوات الجوية السعودية في منطقة حيران بمحافظة حجة. وكتب على صفحته على تويتر أن الطائرة المسيرة من نوع “كاريال” صنعت في تركيا، ولقد أسقطت بصاروخ أرض جو أثناء قيامها بمهمة معادية وانتهاك لوقف إطلاق النار.
هذا والتقى رئيس وأعضاء الفريق الوطني، الثلاثاء، برئيس وأعضاء الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة لبحث خروقات العدوان للهدنة الإنسانية والعسكرية وأعمال البعثة الأممية في محافظة الحديدة. وخلال الاجتماع حمل نائب رئيس هيئة الأركان العامة رئيس الفريق الوطني في لجنة إعادة الانتشار اللواء على حمود الموشكي الأمم المتحدة والمجتمع الدولي المسؤولية كاملة عن كل قطرة دم تسفك في محافظة الحديدة لتنصلهم عن مسؤولياتهم ودعم مراكز الألغام. وشدد الموشكي على ان جوهر الهدنة هو الجانب الإنساني ودول العدوان وأدواتهم في المنطقة ما زالوا يحتجزون سفن النفط والغذاء، مؤكدا أن خروقات العدوان لم تتوقف منذ الإعلان عن الهدنة الإنسانية والعسكرية في الساحل الغربي.
وأشار إلى أنه تصل يوميا سفن عسكرية إلى ميناء المخا لإفراغ حمولتها بشكل منتظم والبعثة الأممية تقابل ذلك بالصمت. وقال اللواء الموشكي: ما فائدة بعثة التحقق والتفتيش الأممية طالما أن القرصنة على السفن ومصادرتها واحتجازها إلى ميناء جيزان مستمرة وتحتجز لأشهر، لافتاً إلى أن بعثة الـUNVIM الأممية مقرها جاهز في ميناء الحديدة وننتظر انتقالها إليه حسب ما نص عليه اتفاق السويد. وأضاف نستغرب صمت الأمم المتحدة إزاء الخرق الخطير للهدنة الإنسانية والعسكرية بسقوط طائرة على رؤوس المواطنين بالعاصمة صنعاء.
من جهته قال عضو الفريق الوطني في لجنة إعادة الانتشار اللواء محمد علي القادري: ننتظر تعاوناً جدياً من الأمم المتحدة لإدخال السفن وإلزام الطرف الآخر بتنفيذ بنود الهدنة الإنسانية والعسكرية. وأضاف: للأسف الشديد الأمم المتحدة تتبنى وجهة نظر دول العدوان وتتغاضى عن مبادرات حكومة صنعاء في الجانب الإنساني. فيما عبر مدير البرنامج الوطني للتعامل مع الألغام العميد علي صفره عن استغرابه من عدم إدخال معدات البرنامج الوطني لنزع الألغام حسب الاتفاق معكم ودخولها يحافظ على أرواح المدنيين الأبرياء الذين يسقطون يومياً.
ومن جانبه، أكد المتحدث باسم حركة أنصار الله ورئيس وفد صنعاء المشارك في محادثات السلام ، محمد عبد السلام، أن إرسال طائرات تجسس إلى أجواء صنعاء عمل عدواني أظهر عدم التزام التحالف السعودي باتفاق وقف إطلاق النار. كما نقل موقع المسيرة نت، يوم السبت الماضي، عن مصدر في غرفة الضباط بالحديدة قوله، إن قوات النظام السعودي تواصل انتهاك اتفاق وقف إطلاق النار في محافظة الحديدة اليمنية. وحسب الموقع فإن الخروقات شملت تحليق طائرات استطلاع وتجسس مسلحة وإطلاق عشرات قذائف المدفعية في مختلف المحافظات وعلى الحدود اليمنية. وعلى هذا الاساس، قال “مهدي المشاط”، رئيس المجلس السياسي ورئيس هيئة الأركان اليمنية، إن “المواطنين اليمنيين لم يشعروا بالفرق بين وجود وغياب اتفاق وقف إطلاق النار، وقد منع التحالف السعودي المعتدي الرحلات الجوية هذه المرة فقط باستثناء رحلتين”.
وفي ظل هذه الظروف، يجب النظر في زيارة وفد أنصار الله إلى الأردن بهدف ملاحظة اعتبارات صنعاء وشروطها للأطراف الوسيطة والسعوديين من أجل الاستمرار في الالتزام بوقف إطلاق النار وتمديد الاتفاق. وقال المشاط في مقابلة مع وسائل إعلام يمنية “نحن لا نعارض تمديد وقف إطلاق النار لكننا لا نقبل بوقف إطلاق النار المستمر رغم معاناة الشعب اليمني”. واضاف ان “مشاركة صنعاء في محادثات عمان تعني التزامها بالسلام وتفاعلها الايجابي مع وقف اطلاق النار الذي قررته الامم المتحدة رغم تنصل الطرف الاخر عن كثير من بنودها”.
المملكة العربية السعودية بحاجة إلى تمديد وقف إطلاق النار
ومع ذلك، اضطرت المملكة العربية السعودية للالتزام بالاتفاق منذ بداية مفاوضات وقف إطلاق النار التي استمرت شهرين لتجنب الضربات الجوية التي تشنها جماعة “أنصار الله” على منشآتها النفطية، وخلال الفترة الماضية بذلت الرياض قصارى جهدها لمنع اليمنيين من كسب بعض المكاسب من هذا الاتفاق، لكن في الأيام الأخيرة، تزايدت انتهاكات السعوديين لوقف إطلاق النار، ما عزز التكهنات بأن السعوديين قد لا يرغبون في استمرار وقف إطلاق النار.
وفي هذا الصدد، فإن أحد التحليلات هو أن ظهور الأزمة الأوكرانية وارتفاع أسعار النفط العالمية، ونتيجة لذلك، فإن أهمية إنتاج النفط السعودي للدول الغربية، وخاصة الولايات المتحدة، قد قاد محمد بن سلمان إلى النقطة التي تقول: إنه قد يكون قادرًا على استغلال الاوضاع الحالية لترميم المشاكل والاضطرابات التي خلقتها الحرب اليمنية للسعودية. ويمكن أن تشمل جهود ابن سلمان أيضًا مطالبة الولايات المتحدة بأن تكون نشطة في الساحة العسكرية أو بيع أسلحة دفاعية أقوى للرياض.
ومع ذلك، فإن اتخاذ مثل هذا الخيار المحفوف بالمخاطر، بالنظر إلى قدرات أنصار الله في مجال الصواريخ والطائرات دون طيار لتوجيه ضربات فورية ومؤلمة لمنشآت النفط السعودية، قد يكون مكلفًا بالنسبة للرياض، وحتى على الأرض فإن التحالف الذي تقوده السعودية ليس لديه القدرة على التقدم على نطاق واسع، وهذه المرة قد يعمل الجيش واللجان الشعبية بقوة أكبر لتحرير مأرب. وبناءً على ذلك، ينبغي القول إن السعودية بحاجة الآن إلى تمديد وقف إطلاق النار أكثر من اليمنيين، وبالتالي، فإن حركة “أنصار الله” اليمنية لديها الكثير من الاوراق التي تساعدها في اللعب أكثر في مفاوضاتها مع الرياض لإجبار هذه الاخيرة على الوفاء بالتزاماتها.
المادة الصحفية : تم نقلها حرفيا من موقع الوقت التحليلي