“المدينة الفلسطينية.. قضايا في التحولات الحضرية”
السياسية – وكالات :
صدر حديثًا عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية كتاب “المدينة الفلسطينية: قضايا في التحولات الحضرية” من تحرير الباحثين مجدي المالكي وسليم تماري ومساهمة 21 باحثاً وباحثة وأكاديميا وأكاديمية، وهم: مجدي المالكي؛ سليم تماري؛ خالد زيادة؛ راسم خمايسي؛ عادل مناع؛ أحمد أمارة؛ همت الزعبي؛ ليزا تراكي؛ جاد ثابت؛ عبد الحافظ أبو سرية؛ جاك برسكيان؛ خلدون بشارة؛ سليم أبو ظاهر؛ فرانشيسكو أموروسو؛ جاودة منصور؛ أتشاتشو دومينغيز دي أولازابال؛ نسرين مزاوي؛ باسل ريان؛ أحمد حنيطي؛ شيراز نصر؛ وئام حمودة.
وعملت نرمين عباس على تدقيق الكتاب وتحريره لغويًا، فيما عملت مصممة الغرافيك مايا شامي على تصميم الغلاف، وجاء الكتاب في 438 صفحة من القطع المتوسط، وطُبع في بيروت/لبنان، وفي رام الله/فلسطين.
تعالج الدراسات في هذا الكتاب مجموعة من القضايا ذات العلاقة بالتحوّلات التي شهدتها المدن الفلسطينية منذ نهاية القرن التاسع عشر حتى الآن. وتشترك جميعها في إبراز أهمية العوامل التاريخية والسياسية، وتحديداً دور الاستعمار الإسرائيلي الكولونيالي، في تشويه المدن الفلسطينية وحجز تطورها تاريخياً، وتهويدها في مناطق 48، وفي مدينة القدس، من خلال سياسات ممنهجة ومساعٍ لإنتاج المدينة الفلسطينية كغيتو في الداخل المحتل منذ سنة 1948، كما في الضفة الغربية وقطاع غزة منذ سنة 1967. وتتناول كل هذه الدراسات عدة محاور مهمة تتعلق بتطور المدن الفلسطينية تاريخياً، وإعادة تشكيل تنظيمها المكاني، والتحولات التي أصابت تركيبها المورفولوجي والديموغرافي، وتأثير العولمة والسياسات النيوليبرالية في التشكل الطبقي الجديد فيها، والأثر الاجتماعي للتحضُّر المتسارع والتوسع العمراني الذي شهدته مدن ما بعد اتفاق أوسلو على وحدات التركيب الاجتماعي داخلها، وعلاقتها بمحيطها الريفي، وآليات تبلور حركات مدينية مقاومة فيها، ودورها في تعزيز الهُوية الوطنية والثقافية بصورة عامة، وتنقُّل وتشابك النشاطات الثقافية والسياسية من مدينة إلى أُخرى (من حيفا ويافا إلى الناصرة ورام الله).
تجدر الإشارة إلى أن هذه الدراسات المحكّمة هي نتاج أوراق قدمت في مؤتمر عقدته مؤسسة الدراسات الفلسطينية في جامعة بيرزيت في الفترة الواقعة ما بين 1 و3 تشرين الثاني/ نوفمبر 2019 تحت عنوان الكتاب نفسه، حيث شارك فيه فضلاً عن المختصين والمختصات والأكاديميين والأكاديميات معدي الدراسات، مجموعة من الفنانين والفنانات والمثقفين والمثقفات والباحثين والباحثات والطلاب المهتمين الذين قدموا مداخلات شفهية بشأن المشهد العمراني والثقافي في المدينة الفلسطينية. وخضعت جميع الأوراق في هذا الكتاب للتحكيم مرتين، الأولى من اللجنة الأكاديمية التي اختارت تلك المقالات لتُقدم في المؤتمر، ثم تم تحكيمها مرة أخرى من جانب محرري الكتاب.
وانبثقت فكرة المؤتمر، ولاحقاً الكتاب، من اهتمام المؤسسة بالتحولات الحضرية المعاصرة التي أصابت بنية المدينة الفلسطينية بعد إلحاق القدس العربية، وحصار بلدات الضفة الغربية ومدنها، وقطاع غزة، ونمو ظواهر مدينية جديدة، حيث برز الاهتمام على وجه الخصوص في المؤسسة بدراسة مصير المدينة الفلسطينية على خلفية التحولات الجذرية التي أصابت مدن المشرق العربي في القرن العشرين، وخصوصاً أن قضايا المدينة الفلسطينية وتغيّرها كانت قد احتلت اهتمامات المؤسسة النشرية، وعلى رأسها سلسلة “مدن فلسطين” التي نشر منها أكثر من عشرة كتب عن التطور الحضري في أرجاء فلسطين التاريخية، بالإضافة إلى كتيبات استراتيجية عديدة (مونوغرافات) بشأن قضايا حضرية معاصرة.
وأخيراً، بالرغم من نزوع العديد من هذه الدراسات في هذا الكتاب إلى رصد تطور المدينة الفلسطينية تاريخيًا دفاعًا عن وجود الشعب الفلسطيني وعن هويته، ولدحض الادعاء الصهيوني “أرض بلا شعب لشعب بلا أرض” من خلال تبيان مدى ازدهار المجتمع الفلسطيني وتطوره الحداثي، نجد أن هناك أيضًا بعض الدراسات التي تطرقت إلى الجوانب السلبية في المدينة، أو ما أصبح يعرف بـ “أمراض التمدن”، مثل سوء التخطيط والاستقطاب الاجتماعي الحاد بين أحياء الفقر والأحياء المرفهة. حيث تشير هذه الدراسات إلى أن المشكلات اليومية والمصيرية التي أضحت سمة بارزة للمدينة العربية، هي محصلة فوضى عارمة، ومدينة معتقلة داخل الاسمنت، ومواطنون يعانون “المدينة”، إذ أصبح المواطن في بناها فاعلاً وضحية في آن.