صاروخ الكورنيت.. قصة السلاح الروسي المدمر لأعتى الدبابات في العالم
السياسية:
لطالما كانت صواريخ المشاة المُوجَّهة المضادة للدبابات تمثِّل قوةً تاريخيةً للجيش الروسي. خلال الحرب الباردة، اعتُبِرَت أنظمة كونكورس وميتيس لدى الاتحاد السوفيتي من بين أفضل الأنظمة في فئتها، وهي أفضل بكثيرٍ من أنظمة دراغون الأمريكية. ومع ذلك، مع إدخال الصاروخ الأمريكي المحمول إف جي إم-148 جافلن، اعتلت الولايات المتحدة الصدارة في هذا المجال.
وفي حين تطلَّبَت الأنظمة السوفيتية من المُشغِّل الاستمرار في توجيه الصاروخ بعد الإطلاق، عن طريق الأمر شبه التلقائي لخط البصر (SACLOS)، تطلَّبَ الصاروخ الأمريكي جافلن ببساطة تحديد الهدف ثم إطلاق الصاروخ. ومع ذلك، حتى الأنظمة الروسية الحديثة، مثل كورنيت وميتيس، تحتفظ بوضع التوجيه SACLOS. لكن هل هذا يجعلهم أقل قدرة؟ أو يمكن أن تجعلهم أكثر قدرة في مهام معينة؟
صاروخ الكورنيت الموجه المضاد للدروع، تعبيرية/ما هو صاروخ الكورنيت؟
يُعتَبَر صاروخ الكورنيت من صواريخ المشاة الأساسية للقوات الروسية. على عكس الجيوش الغربية، حيث تتمتَّع صواريخ المشاة المُوجَّهة المضادة للدبابات فقط بمدى قصير نسبياً (يصل إلى 2.5 كليومتر)، فإن صاروخ كورنيت طويل المدى؛ إذ يصل إلى 8 كليومترات.
ويبلغ الوزن القتالي لصاروخ الكورنيت حوالي 63.7 كيلوغراماً. ومع ذلك لا يزال أخف من صاروخ تاو الأمريكي الذي يوضَع على حاملٍ ثلاثي الأرجل، والذي يزيد وزنه القتالي عن مائة كيلوغرام، وعلى غرار صاروخ كونكورس الذي جاء قبله، يعكس صاروخ كورنيت العقيدة الروسية في أن صواريخ المشاة المُوجَّهة المضادة للدبابات موحَّدة مع الصواريخ الأساسية للمركبات، حتى لو كان ذلك على حساب زيادة الوزن.
الهدف من صناعة صاروخ الكورنيت هو “هزيمة جميع الدبابات”
طُوِّرَت صواريخ الكورنيت بعد سقوط الاتحاد السوفيتي، في عام 1994، وكان الهدف منها هزيمة جميع الدبابات، بما في ذلك دبابات ليوبارد 2 وإم 1 أبرامز.
ولتحقيق ذلك، صُمِّمَت الصواريخ برأسٍ حربي ذي شحنٍ ترادفيٍّ يتميَّز لدى صاروخ كورنيت بتصميمٍ متقدِّم، حيث تُفصَل شُحنتان عاليتا الانفجار بواسطة محرِّك الصاروخ. وهذا يتناقض مع الرؤوس الحربية ذات الشُحنة الترادفية الغربية، حيث تُكدَّس الشُحنتان إحداهما خلف الأخرى.
وتتمثَّل ميزة تصميم شُحنات صاروخ كورنيت في أن موضع المحرِّك يسمح بزيادة الطول البؤري للشحنة الثانية؛ مِمَّا يسمح بمسافةٍ أكبر للشحنة الثانية. بمعنى ما، يعمل محرِّك الصاروخ كمسبارٍ مواجه للرأس الحربي التالي الخاص بكورنيت. وهو يحمي أيضاً الشحنة الثانية من التشوُّه الذي قد يحدث مع انفجار الرأس الحربي.
ونتيجة لذلك، من المُحتَمَل أن يخترق صاروخ كورنيت دبابة “إم 1 أبرامز” الأمريكية بأيِّ ضربةٍ ليست على الجانب الأمامي للبرج. وحتى على الجانب الأمامي للبرج، لا يزال هناك العديد من المناطق التي يُحتَمَل أن تكون عرضةً للتدمير من صاروخ الكورنيت. ومن غير المُرجَّح أن تهزم مجموعات الترقية المُصمَّمة للحماية من قذائف الآر بي جي؛ نظراً لتصميم الرأس الحربي الترادفي والحجم الهائل للرؤوس الحربية التالية. ومن المعروف أيضاً أن صواريخ كورنيت هزمت دروع دبابات ميركافا الإسرائيلية في قطاع غزة على يد حماس مرات عديدة.
ميّزات أخرى للصاروخ القاتل للدبابات
تتضمَّن الجوانب التقنية الأخرى لنظام كورنيت الرؤية الحرارية النهارية والليلية مع إمكانية تكبير 12 و20 ضعفاً، وهو تكبيرٌ أكبر من الذي لدى نظام جافلن، والذي يصل إلى 12 ضعفاً فقط. ويجري التوجيه باستخدام شعاع الليزر الذي يطلقه الصاروخ نحو الهدف. وفي حين أن إصدارات كورنيت المُثبَّتة على المركبات قد حقَّقَت قدرة توجيه تلقائية باستخدام الرؤية الحرارية، يظلُّ نظام كورنيت هو نظام الأمر شبه التلقائي لخط البصر (SACLOS).
صاروخ المشاة الروسي الآخر المضاد للدبابات هو ميتيس إم 1، وهو أخفُّ بكثير من كورنيت؛ إذ يبلغ وزنه القتالي 25 كيلوغراماً فقط، ويصل مداه إلى كيلومترين، وهو أشبه بالصواريخ الغربية التقليدية الموجَّهة المضادة للدبابات. لكن هذا النوع ليس في الخدمة على نطاقٍ واسعٍ مثل كورنيت. إنه يشبهه، مع نفس التصميم المتقدِّم للرؤوس الحربية الترادفية. ومثل كورنيت، يشكِّل صاروخ ميتيس إم 1 تهديداً لجوانب الهيكل والبرج لدى دبابات أبرامز، ومع ذلك، نظراً للعيار الأصغر قليلاً مقارنةً بصاروخ الكورنيت، ليس صاروخ ميتيس إم 1 قوياً مثل كورنيت في التهديد الذي يشكِّله على الجانب الأمامي.
يعتبر صاروخ الكورنيت أحد أكبر التهديدات للدبابات والدروع حول العالم /wikimedia commonsهل نرى إصدارات جديدة لصاروخ الكورنيت أكثر فتكاً؟
وبشكلٍ عام، تُعَدُّ صواريخ كورنيت وميتيس إم 1 الروسية صواريخ مشاة موجَّهة مضادة للدبابات تقليدية نسبياً كما يقول تقرير لمجلة National Interest الأمريكية المتخصصة بالشؤون العسكرية.
إذ قد يكونان عرضةً للاعتراض من قِبَلِ أنظمة الحماية النشطة، بسبب السرعات البطيئة التي تطير بها (300 و200 متر في الثانية على التوالي). وتأتي معظم فاعليتها مع تصميمها المبتكر للرؤوس الحربية، مِمَّا يجعلها فتَّاكة، شريطة أن تصيب الهدف.
إلا أن تطوير إصدارات جديدة عالية الانفجار من صواريخ كورنيت وميتيس يضفي مصداقيةً على النظرية القائلة بأن وزارة الدفاع الروسية تؤيِّد هذه الفكرة، مُفضِّلةً نظام الأمر شبه التلقائي لخط البصر (SACLOS) نظراً لزيادة المرونة التشغيلية للصاروخ والثقة التي يمنحها للمشغِّل.
عربي بوست