السياسية – متابعات :

أعلنت الحكومة السودانية إحباط “محاولة انقلابية” جرت صباح الثلاثاء، متهمة “ضباطا من فلول النظام البائد” بتنفيذها، في إشارة الى نظام الرئيس المخلوع عمر البشير المعتقل منذ أكثر من سنتين بعد أن أطاح به الجيش تحت ضغط حركة شعبية احتجاجية عارمة.

وقال وزير الإعلام والثقافة حمزة بلول المتحدث باسم الحكومة السودانية في كلمة مقتضبة بثها التلفزيون السوداني “تمت السيطرة فجر اليوم… على محاولة انقلابية فاشلة قامت بها مجموعة من الضباط في القوات المسلحة من فلول النظام البائد”.

وأضاف “نطمئن أن الأوضاع تحت السيطرة التامة، وتم القبض على قادة محاولة الانقلاب من العسكريين والمدنيين ويتم التحقيق معهم”.

كما اشار الى استمرار الأجهزة الأمنية في “ملاحقة فلول النظام المشاركين” في المحاولة.

وكانت وسائل إعلام رسمية سودانية أعلنت في وقت باكر صباحا عن “محاولة انقلابية فاشلة”، وأعلن مصدر عسكري توقيف ضباط متورطين.

ودعا الإعلام الرسمي “الجماهير” للتصدي” للمحاولة.

وأكد مصدر حكومي رفيع لفرانس برس أن منفّذي العملية حاولوا السيطرة على مقر الإعلام الرسمي، لكنهم “فشلوا”.

وكان المستشار الاعلامي للقائد العام للقوات المسلحة العميد الطاهر ابو هاجه أكد أنه “تمّ إحباط محاولة للاستيلاء على السلطة”.

ومن جهته أكد رئيس الحكومة السودانية عبد الله حمدوك أن المحاولة الانقلابية التي شهدتها البلاد اليوم الثلاثاء تستلزم مراجعة كاملة لتجربة الانتقال في السودان.

وقال، في كلمة مقتضبة خلال جلسة مشتركة طارئة بين مجلس الوزراء وقوى الحرية والتغيير، :” ما حدث درس مستفاد ومدعاة لوقفة حقيقية وجادة لوضع الأمور في نصابها الصحيح”.

وأوضح أن ما حدث هو “انقلاب مدبر من داخل وخارج القوات المسلحة”، متعهدا بمحاسبة المسؤولين عنه.

وشدد على أن “النظام السابق لا يزال يشكل خطرا على الانتقال في السودان”.

ولفت إلى أن المحاولة سبقتها تحضيرات واسعة مثل التحريض المستمر ضد الحكومة وقطع الطرق. أعلن الجيش السوداني، الثلاثاء، القبض على 21 ضابطا، وعدد آخر من صف الضباط والجنود، على خلفية محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها البلاد اليوم للاستيلاء على السلطة.

وأوضح الجيش في بيان: “حاول بعض الضباط والرتب الأخرى في الساعات الأولى من صباح اليوم القيام بمحاولة للاستيلاء على السلطة في البلاد”.

وقال إنه “تمت السيطرة والقبض على معظم المشاركين في المحاولة الفاشلة وهم 21 ضابطا، إضافة لعدد (لم يحدده) من الصف والجنود”.

وأضاف الجيش: “تمت استعادة كل المواقع التي سيطر عليها الانقلابين (..) ما زال البحث جار للقبض على بقية المتورطين”.

في الأثناء، زار رئيس مجلس السيادة، القائد العام للقوات المسلحة، عبد الفتاح البرهان، “سلاح المدرعات” بمنطقة الشجرة، جنوبي العاصمة الخرطوم، للوقوف على محاولة الانقلاب.

وأبلغ مصدر عسكري فضل عدم كشف هويته، الأناضول، أن “البرهان حيا الضباط والجنود، وشكرهم على حكمتهم في التعامل مع المحاولة الانقلابية”.

بدوره، قال عضو مجلس السيادة السوداني، محمد حسن التعايشي، في تغريدة على “فيس بوك” إن “خيار الانقلابات العسكرية لم يورثنا سوى بلد فاشل وضعيف، لكن ثورة ديسمبر المجيدة حررت شهادة وفاة نهائية لهذا الخيار السيئ والأحمق”.

وأضاف التعايشي: “يظل الطريق نحو الانتقال الديمقراطي، وتأمين مستقبل البلاد السياسي ووحدتها خيارا واحدا لا ثاني له”.

فيما عقد رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، اجتماعا بقيادة قوى الحرية والتغيير (الائتلاف الحاكم)، وأجرى اتصالات مع رئيس مجلس السيادة، (البرهان)، وفق بيان صادر عن مكتبه.

وقال حمدوك: “سأتابع هذا الوضع الهام لوضع الحقائق أمام شعبنا”.

وأضاف: “ما حدث انقلاب مدبر من جهات داخل وخارج القوات المسلحة، وهو امتداد لمحاولات الفلول منذ سقوط النظام البائد لإجهاض الانتقال المدني الديمقراطي”.

وتابع حمدوك: “سبقت المحاولة تحضيرات واسعة تمثلت في الانفلات الأمني في المدن واستغلال الأوضاع شرق البلاد ومحاولات قطع الطرق القومية وإغلاق الموانئ وتعطيل إنتاج النفط والتحريض المستمر ضد الحكومة المدنية”.

والإثنين، أعلن المجلس الأعلى لنظارات البجا (قبلي)، بشرق السودان، إغلاق كل الموانئ على البحر الأحمر والطريق القومي” الخرطوم بورتسودان” لليوم الرابع للتوالي لتحقيق مطالبهم.

وفي وقت سابق الثلاثاء، أعلن التلفزيون السوداني عن محاولة انقلاب، داعيا الشعب إلى “التصدي لها”، قبل أن يصدر الجيش بعدها بساعات بيانا أكد عبره “إحباط المحاولة الانقلابية والسيطرة على الأوضاع تماما”.

وقبلها قال عضو مجلس السيادة محمد الفكي سليمان، في تصريح للأناضول: “الأوضاع حاليا تحت السيطرة؛ حيث تم القبض على بعض المتورطين في المحاولة الانقلابية واخضاعهم للتحقيق لمعرفة تفاصيل المخطط ومدبريه والقائمين عليه”.

وأضاف أن “الجيش يتفاوض حاليا مع وحدات عسكرية بسلاح المدرعات بمنطقة الشجرة جنوبي الخرطوم شاركت في الانقلاب للاستسلام دون مقاومة تفاديا لضربهم”.
وحكم عمر البشير السودان بقبضة من حديد لمدة ثلاثين عاما. في 11 نيسان/أبريل 2019، أطاح الجيش به واعتقله، بعد أربعة أشهر على بدء احتجاجات شعبية عارمة وغير مسبوقة في البلاد، ضدّه. وتسلّم العسكريون السلطة.

في آب/أغسطس 2019، وقع العسكريون وقادة الحركة الاحتجاجية المدنيون اتفاقًا لتقاسم السلطة نصّ على فترة انتقالية من ثلاث سنوات تم تمديدها لاحقا حتى نهاية 2023 بعد أن أبرمت الحكومة السودانية اتفاقات سلام مع عدد من حركات التمرد المسلحة في البلاد.

وتتألف تركيبة السلطة الحالية من مجلس السيادة برئاسة عبد الفتاح البرهان، وحكومة برئاسة عبدالله حمدوك، ومهمتها الإعداد لانتخابات عامة تنتهي بتسليم الحكم الى مدنيين.

وقال محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي والذي يشغل منصب نائب رئيس مجلس السيادة وقائد قوات الدعم السريع، في تصريحات أدلى بها الثلاثاء من مركز عسكري في شمال العاصمة “لن نسمح بحدوث انقلاب”، مضيفا، وفق ما نقلت عنه وكالة الأنباء السودانية “سونا”، “نريد تحولاً ديموقراطياً حقيقياً عبر انتخابات حرة ونزيهة”.

– حركة عادية –

وبدت حركة المواطنين والسيارات الثلاثاء عادية في وسط العاصمة حيث مقر قيادة الجيش، وفق مراسل لوكالة فرانس برس.

غير أن الجيش أغلق جسرا يربط الخرطوم بمدينة أم درمان على الضفة الغربية لنهر النيل. ويوجد في أم درمان مقرّا الإذاعة والتلفزيون الرسميان.
وشاهد مراسل فرانس برس دبابتين متوقفتين عند مدخل الجسر باتجاه أم درمان.

وتبث الإذاعة الرسمية “راديو ام درمان” و”تلفزيون السودان” الرسمي منذ الصباح أغاني وطنية.

وأعلن حزب الأمة القومي، أكبر الأحزاب السودانية، إدانته المحاولة الانقلابية واستعداده لمقاومتها.

كما أبدت لجان مقاومة الأحياء السكنية التي كانت تنظم الاحتجاجات ضد البشير، استعدادها للخروج الى الشارع ومقاومة أي انقلاب عسكري .

– انقسامات في المؤسسة العسكرية؟ –

وشهدت العاصمة وبعض مدن البلاد خلال الشهور الماضية تظاهرات احتجاجا على تدهور الأوضاع الاقتصادية وارتفاع أسعار المحروقات والمواد الغذائية.
وتزداد المطالب داخليا وخارجيا بتوحيد الأجهزة العسكرية ووضع مؤسسات الجيش الاقتصادية تحت إشراف المدنيين.

وأشار حمدوك في حزيران/يونيو إلى وجود حالة من “التشظي” داخل المؤسسة العسكرية.

وقال في بيان حينذاك “جميع التحديات التي نواجهها، في رأيي، مظهر من مظاهر أزمة أعمق هي في الأساس وبامتياز أزمة سياسية”.

وأضاف “التشظي العسكري وداخل المؤسسة العسكرية أمر مقلق جدا”.

وقالت مديرة الوكالة الأميركية للتنمية سامنثا باور خلال زيارة إلى الخرطوم في آب/أغسطس، “الولايات المتحدة تؤكد أن السودان يجب أن يكون لديه جيش واحد وتحت قيادة واحدة”.

وأضافت “سندعم جهود المدنيين لإصلاح المنظومة الأمنية ودمج قوات الدعم السريع والمجموعات المسلحة للمعارضين السابقين”.

وللسودان تاريخ مع الانقلابات العسكرية منذ استقلاله في عام 1956. فقد حكمه الفريق عبود من عام 1958 الى 1964، ثم المشير جعفر نميري من 1969 الى 1985، والبشير من عام 1989 الى 2019.

وأطيح بكل الحكومات العسكرية بانتفاضات شعبية في أعوام 1964 و1985 وأخيرا 2019.

والبشير موجود حاليا في سجن كوبر بالعاصمة السودانية. وأعلنت الحكومة السودانية استعدادها لتسليمه الى المحكمة الجنائية الدولية التي كانت أصدرت في 2009 مذكرة توقيف في حقه بعد اتهامه بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال النزاع المسلح في دارفور الذي اندلع في 2003 بين القوات الحكومية مدعومة بميليشيات، ومجموعات من المتمردين، وقتل خلاله أكثر من 300 ألف شخص.

ويحاكم البشير أمام محكمة سودانية بتهمة القيام بانقلاب العسكري على النظام في حزيران/يونيو 1989.

من جهته زار رئيس مجلس السيادة الانتقالي بالسودان عبد الفتاح البرهان اليوم الثلاثاء سلاح المدرعات، بعد أنباء عن تورط عدد من قادته في المحاولة الانقلابية التي شهدتها البلاد اليوم.

وذكر مجلس السيادة، عبر حسابه الرسمي على موقع فيسبوك، أن البرهان زار سلاح المدرعات بمعسكر الشجرة، وحيى الضباط والجنود وشكرهم على حكمتهم فى التعامل مع الأحداث.

وكان حمزة بلول وزير الثقافة والإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة السودانية، أعلن أن الأوضاع أصبحت تحت السيطرة التامة، وأنه “تم إلقاء القبض على قادة المجموعة الانقلابية من العسكريين والمدنيين، ويتم التحري معهم الآن بعد أن تم تصفية آخر جيوب الانقلاب في معسكر الشجرة”.

أدانت قطر، الثلاثاء، بـ”بأشد العبارات”، محاولة الانقلاب الفاشلة التي أعلنت السلطات السودانية عن إحباطها.

واعتبر بيان للخارجية القطرية تلك المحاولة، “استهدافاً لتطلعات وآمال الشعب السوداني في الانتقال الديمقراطي والحرية والسلام والعدالة”.

وجدد البيان الذي اطلع عليه مراسل الأناضول، “دعم دولة قطر الكامل للسودان وشعبه الشقيق من أجل الحفاظ على سيادته ووحدته وأمنه واستقراره”.

وفي وقت سابق الثلاثاء، أعلن التلفزيون السوداني عن محاولة انقلاب، داعيا الشعب إلى “التصدي لها”، قبل أن يصدر الجيش بعدها بساعات بيانا أكد فيه “إحباط المحاولة الانقلابية والسيطرة على الأوضاع تماما”.

وقبلها قال عضو مجلس السيادة محمد الفكي سليمان، في تصريح للأناضول: “الأوضاع حاليا تحت السيطرة؛ حيث تم القبض على بعض المتورطين في المحاولة الانقلابية وإخضاعهم للتحقيق لمعرفة تفاصيل المخطط ومدبريه والقائمين عليه”.

وعزلت قيادة الجيش، في 11 أبريل/ نيسان 2019، عمر البشير من الرئاسة (1989 ـ 2019)؛ تحت وطأة احتجاجات شعبية بدأت أواخر 2018، تنديدا بتردي الأوضاع الاقتصادية.

* المصدر : رأي اليوم