حرب بالوكالة بين إيران وأمريكا، أم “قرصة أذن” لإسرائيل؟.. سر التوتر بين حزب الله وتل أبيب
السياسية:
توتر جديد يشهده الشرق الأوسط، لكن هذه المرة بين حزب الله اللبناني وبين إسرائيل على الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة؛ مما أثار القلق من نشوب حرب جديدة بينهما؛ ما قد يكلف المنطقة الكثير بعد حالة الهدوء التي أعقبت الحرب بين إسرائيل وفصائل المقاومة الفلسطينية في غزة والتي انتهت بتهدئة بعد وساطة مصرية في مايو/أيار 2021.
ماذا حدث؟
طائرات إسرائيلية، قصفت ليلة الخميس 5 أغسطس/آب 2021، مواقع في جنوبي لبنان، في وقت شهدت الحدود اللبنانية مع إسرائيل توتراً خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية.
وسائل إعلام إسرائيلية ذكرت أنه لأول مرة منذ سنوات في التوتر بين إسرائيل ولبنان، تقصف طائرات حربية تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي مواقع لحزب الله قرب السياج الحدودي جنوبي لبنان، في منطقة مرجعيون، رداً على إطلاق صواريخ أطلقت الأربعاء على مستوطنة كريات شمونة.
وقبل ذلك وفور إعلان الجيش الإسرائيلي أن ثلاثة صواريخ أطلقت من لبنان على الأراضي الإسرائيلية، أمس الأول الأربعاء، رد الجيش بنيران المدفعية المتواصلة.
صباح الجمعة أيضاً قال الجيش الإسرائيلي إن حزب الله أطلق عدة صواريخ على مستوطنات إسرائيلية حدودية، وتسبب هذا القصف في عدة حرائق دون سقوط قتلى.
وقال حزب الله في بيان إنه “عند الساعة 11.15 قبل ظهر اليوم الجمعة ورداً على الغارات الجوية الإسرائيلية على أراضٍ مفتوحة في منطقتي الجرمق والشواكير ليلة الخميس الماضي، قامت مجموعات في المقاومة الإسلامية بقصف أراضٍ مفتوحة في محيط مواقع الاحتلال الإسرائيلي في مزارع شبعا بعشرات الصواريخ من عيار 122 ملم”.
وقال الجيش الإسرائيلي إن صاروخين سقطا داخل الأراضي الإسرائيلية، مضيفاً أنه رد بإطلاق نيران المدفعية على لبنان.
وأعلن الجيش اللبناني الجمعة 6 أغسطس/آب 2021 أن المدفعية الإسرائيلية قصفت ست مناطق بجنوب لبنان بــ92 قذيفة بعد إطلاق صواريخ على شمالي إسرائيل.
وبعد القصف المدفعي الإسرائيلي، كان لافتاً تطور الأمر إلى قصف بالطائرات، حيث قال الجيش الإسرائيلي في بيان الخميس: “شنت طائرات حربية الليلة غارات على المناطق التي أطلقت منها اليوم القذائف الصاروخية من لبنان نحو الأراضي الإسرائيلية”، بالإضافة إلى بنية تحتية تستخدم لأهداف وصفها بـ”الإرهابية”.
وحمّل الجيش الإسرائيلي “دولة لبنان مسؤولية ما يجري داخل أراضيها”، محذراً في الوقت نفسه من “مواصلة محاولات الاعتداء على مواطني إسرائيل وسيادتها”، حسب تعبيره.
لماذا الآن؟
حتى الآن يجادل كل طرف منهما بأنه ليس السبب في التصعيد الأخير بينهما، لكن من الواضح أن الأمر يسير في اتجاه المزيد من التوتر بسبب أجندة كل منهما، فحزب الله الآن على مقربة من المشاركة في الحكومة الجديدة التي يشكلها رئيس الوزراء المكلف نجيب ميقاتي، ومن ثم يريد حزب الله الدفع في باتجاه أنه القوة الأكبر في البلاد ولا يمكن تجاوز شروطه بأي شكل من الأشكال بشأن الحكومة.
على الطرف الآخر فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد نفتالي بينيت يحاول أن يثبت أنه زعيم قوي في الملف الذي قلل فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو من قدراته، أي الملف الإيراني بما في ذلك الجبهة بين إسرائيل ولبنان.
فقد اعتبر نتنياهو مراراً أن بينيت “أضعف من أن يتعامل مع ما وصفه بالتهديد الوجودي الذي تشكله إيران”، حيث يضم ائتلاف بينيت 8 أحزاب متباينة أيديولوجياً.
لكن هذا التصعيد قد يكون دعماً بالنسبة لبينيت وأن يرد على تصريحات نتنياهو وتوقعاته بأنه قادر على شن حرب على حزب الله أو غزة إذا “تعرض الأمن القومي الإسرائيلي” لأزمة.
هل هي قرصة أذن لإسرائيل من قبل إيران؟!
خلال الأشهر الماضية دخلت إسرائيل وإيران في حرب خفية في أعماق البحار، فرداً على قناعة إيرانية بأن إسرائيل تقف وراء عمليات اغتيال لعلماء نوويين إيرانيين، واستهداف برنامج طهران النووي لوقفه أو تعطيله بشكل ما، ردت إيران باستهداف سفن بحرية لديها علاقة بإسرائيل بالقرب من مضيق هرمز وكان آخرها خطف سفينة نفط مملوكة لملياردير إسرائيلي بالقرب من سواحل الإمارات ثم إطلاق سراحها بعد ذلك؛ مما يعني أن إيران لن تقف مكتوفة الأيدي أمام “العربدة” الإسرائيلية في المنطقة.
ومن ثم دخول حزب الله على خط الأزمة الآن يوحي بأن إيران تريد توجيه رسالة أكثر قوة لإسرائيل بأن الحكومة الجديدة في إيران أكثر حزماً وصرامة في مواجهة النفوذ الإسرائيلي، والأمر لن يتوقف فقط عند استهداف سفن النفط بل سيطال أمن إسرائيل وبشكل مباشر وأكثر قوة، خاصة أن الطرف الآن ليس فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة التي شلت الحركة في إسرائيل لأسابيع، بل هو حزب الله الذي يمتلك أسلحة أكثر تطوراً وعتاداً من حماس وباقي فصائل غزة.
الملف النووي حاضر في الصراع
لا يخفى على أحد الدعم الإيراني لحزب الله وحركات المقاومة الفلسطينية في مواجهة إسرائيل، لكن هذه المرة الأمر يعدو أكبر من الدعم العسكري والسياسي فإن القصة قد تصل إلى حرب بالوكالة بين إيران من ناحية والولايات المتحدة من ناحية أخرى.
التغيرات السياسية التي حصلت في إيران ووصول رئيس من التيار المحافظ وهو إبراهيم رئيسي إلى سدة الحكم يوحي بأن طهران تريد تعظيم وتقوية أوراقها في المفاوضات الدائرة بشأن برنامج طهران النووي؛ ومن ثم فإن اللقاءات التي كانت تتم بين الأطراف الدولية وحكومة روحاني كانت لا تلبي طموحات المرشد الأعلى لإيران علي خامنئي؛ مما يعني أن الحكومة الجديدة تريد التفاوض ولكن بشروطها.
الرئيس الأمريكي جو بايدن يبدو أنه هو الآخر يعرف أن هذه الأحداث قد تكون مفيدة لإيران، فدعا بشكل مباشر إلى عودة الساسة في إيران إلى التفاوض بشأن الاتفاق النووي، لكن لم يأت رد من قبل طهران.
فربما التوتر الحالي في لبنان قد يكون بسبب إحدى أوراق الضغط على واشنطن لتعظيم مكاسب طهران في التفاوض.
ما القادم؟
من المتوقع أن تتوقف هذه المناوشات بين إسرائيل وحزب الله بعد دخول أطراف دولية لوقف التصعيد بينهما خوفاً من الانجرار إلى حرب مفتوحة ستكون مكلفة بالنسبة للجميع، لكن في نفس الوقت لا يمكن إغفال سيناريو الانزلاق إلى حرب إذا ما قررت الأطراف استعراض عضلاتها بشكل أكبر، خاصة مع وجود تيار متشدد في إيران يحكم سيطرته على البلاد بالكامل وأيضاً رئيس وزراء إسرائيلي يريد أن يقول لنتنياهو إنه حازم وقادر على مواجهة إيران وحلفائها.
عربي بوست