“سماوات مدججة بالسلاح”.. تعرف على أقوى الدفاعات الجوية في منطقة الشرق الأوسط
السياسية:
تباهت إيران مؤخراً بأنَّ دفاعاتها الجوية هي الأفضل في المنطقة ومن بين الأفضل في العالم. وفي حين أنَّ هذه الدفاعات تحسّنت بالتأكيد كثيراً على مدار العقد المنصرم، فإن بعض بلدان المنطقة لديها نفس الإدعاء؛ وبالفعل فإن الدفاعات الجوية في الشرق الأوسط من أقوى الأنظمة في العالم، رغم الاختراقات التي تعرضت لها كثير من سماوات دول المنطقة مؤخراً.
وأشاد قائد الدفاع الجوي الإيراني، العميد علي رضا صباحي فرد، بدفاعات بلاده الجوية، مُدَّعياً أنَّها الرقم واحد في كل المجالات بالمنطقة، من الرصد وحتى الاعتراض، حسبما ورد في تقرير لمجلة Forbes الأمريكية.
وقال: “جمهورية إيران الإسلامية من بين أفضل القوى في الدفاعات الجوية، ليس فقط في المنطقة بل أيضاً في العالم”.
أقوى الدفاعات الجوية في الشرق الأوسطصهاريج الوقود الأمريكية كانت تمرح في سماء إيران، ولكن الأمر اليوم مختلف
قطعت الدفاعات الجوية الإيرانية شوطاً طويلاً منذ منتصف العقد الأول من الألفية الثالثة. فآنذاك، كانت تلك الدفاعات، على سبيل المثال، عديمة الجدوى في رصد أو تعقُّب، ناهيك عن اعتراض، الطائرات التي تنتهك مجالها الجوي. بل كانت طائرات التزود بالوقود التابعة لسلاح الجو الأمريكي تقضي أحياناً ما يصل إلى ساعتين داخل المجال الجوي الإيراني دون رصدها. وكانت صواريخ الدفاع الجوي الإيراني تتألف إلى حدٍ كبير من صواريخ MIM-23 القديمة أمريكية الصنع والتي اشترتها طهران في السبعينيات خلال عهد الشاه الأخير للبلاد.
واشترت إيران منذ ذلك الحين صواريخ الدفاع الجوي S-300PMU-2 من روسيا وطوَّرت أيضاً صواريخ شبيهة بنفسها.
وكشفت طهران في عام 2014 النقاب عن منظومة “3 خرداد”. ويبدو أنَّ بإمكان المنظومة، المزودة بصواريخ “طائر-2 بي” محلية الصنع، استهداف طائرات العدو من على بُعد أكثر من 25 ميلاً (40 كيلومتراً تقريباً). وأسقطت منظومة خرداد في يونيو/حزيران 2019 طائرة بدون طيار أمريكية من طراز Northrop Grumman RQ-4 Global Hawk NOC خلال التوترات المتصاعدة مع الولايات المتحدة في الخليج.
تحاول تقليد الإس 400
وكشفت إيران في عام 2019 النقاب عن منظومة “باور-373″، والتي تمثل الرد الإيراني على منظومة S-300 الروسية وصواريخ باتريوت الأمريكية. وتزعم إيران أنَّ المنظومة بمقدورها رصد ما يصل إلى 300 هدف في نفس الوقت من على بُعد يزيد على 180 ميلاً (290 كيلومتراً تقريباً) والاشتباك بصواريخ “صياد 4” مع 6 أهداف، وهي الصواريخ التي يُزعَم أنَّ مداها يصل إلى 120 ميلاً (193 كيلومتراً تقريباً).
وفي حين أنَّ هذا التقدم مثير للإعجاب، سيكون من قبيل المبالغة القول إنَّ إيران لديها أفضل منظومات دفاع جوي في المنطقة الأوسع نطاقاً.
الإمارات تمتلك منظومة أحدث
في الجهة المقابلة من الخليج، تملك الإمارات العربية المتحدة الأصغر بكثير من إيران مزيجاً فتاكاً من منظومات الدفاع الجوي المتوسطة إلى عالية الارتفاع؛ إذ تُشغِّل أبوظبي صواريخ الدفاع الجوي باتريوت MIM-104 Patriot PAC-3 طويلة المدى أمريكية الصنع، ومنظومة الدفاع الجوي في المناطق عالية الارتفاع “THAAD” المضادة للصواريخ الباليستية، فضلاً عن منظومات Pantsir-S1 متوسطة المدى روسية الصنع.
وتفيد تقارير كذلك بأنَّ الدفاعات الجوية الإماراتية مُكلَّفة بالمساعدة في الدفاع عن المجالات الجوية لدول جارة في وجه مجموعة من التهديدات الحقيقية، وفقاً للمجلة الأمريكية.
؟
تُشغِّل المملكة العربية السعودية أيضاً منظومات دفاع جوي فائقة التكنولوجيا أمريكية الصنع. مع ذلك، تعاني في مواجهة الهجمات المعقدة على نحو متزايد بالصواريخ والطائرات دون طيار من الحوثيين في اليمن. وقد استهدف ما يزيد على 860 هجوماً بصواريخ وطائرات دون طيار الأراضي السعودية منذ شنَّت الرياض حملتها العسكرية ضد الحوثيين في 2015.
وفشلت الدفاعات الجوية السعودية أمريكية الصنع في التصدي لهجوم بصواريخ وطائرات دون طيار في 14 سبتمبر/أيلول 2019، كان على الأرجح من تدبير إيران، واستهدف منشأة التكرير في أبقيق، والتي تُعَد جزءاً بالغ الأهمية في البنية التحتية النفطية للمملكة.
ولم يكن هذا بالضرورة مؤشراً على عجز الدفاعات الجوية السعودية. وتشير سيرة ذاتية حديثة لولي العهد القوي للمملكة إلى أنَّ الطريقة التي قسَّمت بها المملكة قوتها تقليدياً بين فصائل مختلفة داخل العائلة المالكة بحيث تسيطر على وزارات بعينها، ربما لعبت دوراً غير ملحوظ في فشل الرياض في منع هجوم أبقيق. ففي نهاية المطاف، كانت القوات المسلحة الخاضعة لوزارة الداخلية هي المسؤولة عن حماية المنشآت النفطية مثل أبقيق. لكنَّ هذه القوات لم تكن تملك أيّاً من بطاريات باتريوت التي تملكها المملكة، والتي تسيطر عليها وزارة الدفاع.
العراق وسوريا : وضعٌ مزرٍ
وتملك الدول الواقعة إلى الشمال من الخليج دفاعات جوية أقل فعالية أو إثارة للإعجاب بكثير.
فالعراق لا يُشغِّل إلا بضع عشرات من منظومات Pantsir-S1 اشتراها من روسيا في العقد الماضي، وهي منظومة الدفاع الجوي الوحيدة الجديرة بالذكر التي حصل عليها العراق منذ عهد صدام حسين.
ودُمِّرَت أجزاء كبيرة من الدفاعات الجوية السورية المتقادمة بالفعل طوال عقد من الحرب الأهلية التي دمرت البلاد؛ إذ شنَّت إسرائيل مئات الضربات الجوية والصاروخية داخل سوريا لمنع إيران من ترسيخ قواتها في البلاد. ودمَّرت إسرائيل بين عاميّ 2018 و2020 ثلث الدفاعات الجوية السورية.
سلَّمت روسيا الجيش السوري منظومات S-300. لكنَّ أفراداً روسيين يُشغِّلون تلك المنظومات ولا يسمحون لسوريا بإطلاقها. وإلى جانب منظومات S-300، فإنَّ صواريخ الدفاع الجوي الأبرز في الترسانة السورية هي بلا شك العدد المحدود لديها من منظومات Buk-M2 وPantsir-S1 متوسطتيّ المدى.
ولدى المملكة الأردنية حد أدنى من الدفاعات الجوية. ويعني افتقار لبنان التام إلى وسائل الدفاع الجوي؛ إذ لا يمكنه منع سلاح الجو الإسرائيلي من انتهاك مجاله الجوي بصورة متكررة.
إسرائيل: منظومة متعددة الطبقات
من ناحية أخرى، تملك إسرائيل أفضل الدفاعات الجوية في المنطقة. فإلى جانب تشغيل أنواع متطورة من صواريخ باتريوت، طوَّرت إسرائيل أيضاً صواريخ دفاع جوي متعددة الطبقات ومتطورة للغاية بمساعدة وتمويل الولايات المتحدة. ويمكن لمنظومة القبة الحديدية اعتراض الصواريخ قصيرة المدى، مثل تلك التي تُطلَق من حركة حماس في غزة على إسرائيل بصفة متكررة. وصُمِّمت منظومة “مقلاع داوود” لاعتراض الصواريخ التكتيكية على علو منخفض، وصُمِّمَت صواريخ “Arrow 3” لاعتراض الصواريخ الباليستية العابرة للقارات أثناء تحليقها في الفضاء، وهو الأمر الذي سيُحيِّد أي صواريخ تحمل رؤوساً حربية غير تقليدية، من الناحية النظرية على الأقل.
ووقَّعت شركة “أنظمة رفائيل الدفاعية المتقدمة” الإسرائيلية اتفاقاً مع شركة لوكهيد مارتن الأمريكية لتطوير منظومة دفاع جوي تعمل بالليزر وتأمل إسرائيل أن “تُوسِّع” من “مظلتها متعددة الطبقات من الدفاعات الجوية”. وتهدف إسرائيل لتقديم المنظومة لجيشها في عام 2024.
وينسب المسؤولون الإسرائيليون إلى القبة الحديدية دورها في إنقاذ حياة آلاف المدنيين. ويقولون إن إطلاق حماس الصاروخي في الأيام الأخيرة أسفر عن مقتل 12 شخصاً بينهم طفلان، وبدون القبة الحديدية، كان عدد القتلى الإسرائيليين سيكون أكبر بكثير، حسبما ورد في تقرير لموقع CNBC الأمريكي.
ولكن حماس اخترقت القبة الحديدية بأفكار بسيطة، فإذا كانت القبة لديها القدرة على إسقاط 90% من الصواريخ، ردت حماس بإطلاق أعداد أكبر من الصواريخ، لإرباك القبة الحديدية، وزيادة عدد الصواريخ التي تسقط، وفي الوقت ذاته فإن صواريخ حماس أقل تكلفة من صواريخ القبة الحديدية التي يفترض أن تسقطها.
مصر: الصواريخ القديمة والحديثة تعمل جنباً إلى جنب
تعد مصر أيضاً من أقوى الدفاعات الجوية في الشرق الأوسط.
وتستغل القاهرة كل شيء من صواريخ Tor الروسية ومنظومات Avenger الأمريكية قصيرتيّ المدى إلى منظومة S-300VM ومنظومة باتريوت Patriot PAC-3.
وحدَّثت القاهرة أيضاً ومدَّت العمر الافتراضي لمنظومتيها الأقدم بكثير MIM-23 وSA-6 التي تعود للحقبة السوفيتية، حسب المجلة الأمريكية.
ولطالما افتقرت تركيا إلى صواريخ الدفاع الجوي طويلة المدى. وكان أكثر شيء حصلت عليه قرباً من ذلك هو الإصدار الحادي والعشرين من منظومة MIM-23، ومنظومة Rapier بريطانية الصنع. وتعتزم أنقرة إحلال عائلة صواريخ “حصار – Hisar” قصيرة إلى طويلة المدى التي تصنعها محل هاتين المنظومتين القديمتين.
وحصار هي عائلة من أنظمة صواريخ أرض جو قصيرة ومتوسطة وبعيدة المدى يتم تطويرها من قبل شركة روكيتسان وأسيلسان منذ عام 2007.
تتكون عائلة الصواريخ من HİSAR-A قصير المدى وHİSAR-O متوسط المدى و HİSAR-U طويل المدى.
ومن المقرر أن تبدأ تركيا الإنتاج الضخم لنظام الدفاع الجوي متوسط المدى Hisar-O + ، وفقًا لإسماعيل دمير من هيئة الصناعات الدفاعية.
وتخطط الدولة لاستخدام نظام الصواريخ الجديد ضد الطائرات الغازية وصواريخ كروز والطائرات بدون طيار والمروحيات وصواريخ جو – أرض. وهي مصممة لحماية القواعد والمنشآت والقوات العسكرية من مجموعة متنوعة من التهديدات الجوية.
لماذا اشترت صواريخ إس 400 الروسية؟
واضطرت تركيا للاعتماد على حلفائها بحلف شمال الأطلسي (الناتو) لنشر بطارياتهم من منظومة باتريوت على أراضيها في بعض الفترات التي واجهت فيها أخطار صواريخ باليستية محتملة من سوريا والعراق.
لكن بدلاً من شراء صواريخ باتريوت لنفسها في نهاية المطاف، اتخذت أنقرة قراراً مثيراً للجدل بشراء منظومة S-400 الروسية المتطورة، على الرغم من الاعتراضات القوية من الولايات المتحدة. وردَّت واشنطن باستبعاد أنقرة من برنامج “مقاتلة الضربة المشتركة F-35″، ومنعتها من شراء مقاتلة الجيل الخامس لسلاح الجو لديها، وفرضت عقوباتٍ على أعلى هيئة مسؤولة عن المشتريات والتطويرات الدفاعية لديها.
تكهَّن بعض المحللين بأنَّ تركيا سعت للحصول على منظومة دفاع جوي قادرة على إسقاط مقاتلات F-16 المارقة في قواتها الجوية بفعالية في حال وقعت محاولة انقلابية جديدة مثل تلك التي وقعت في 15 يوليو/تموز 2016. ويمكن أن يكون شراء المنظومة فقط أسلوب تركيا في تقليص اعتمادها العسكري التقليدي على الولايات المتحدة والعتاد العسكري غربي المنشأ.
وعموماً، يمتلك الشرق الأوسط دفاعات جوية فتاكة يمكن أن تشكل تهديداً كبيراً حتى لأكثر أسلحة الجو قوة وحداثة في العالم.
عربي بوست