فيولا مخزوم*

في عصرٍ مليءٍ بالتطوّر والتعقيدات، نحن بحاجةٍ إلى مهارةٍ نستطيع من خلالها التواصُل مع الآخرين بشكلٍ فعّال. وإنّ تغلغل كل ما هو رقمي واتساع انتشاره قد تسارع على مدى الأعوام العشرين الماضية، وهو مستمرٌّ في النمو بشكلٍ كبير. كما أن التكنولوجيا الرقمية تتحوّل بشكلٍ مُتزايدٍ ّ نحو التشابُك مع الحياة اليومية سواء أكانت حياتنا الاجتماعية، أم العملية، وحتى العلمية، أي من التعليم المدرسي والتربية، إلى الإنخراط السياسي وحتى الإدارة المالية والصحية.

إنّ التطوّرات التكنولوجيا الرقمية وسرعة نشوئها والتطبيقات الجديدة التي تُلامِس حياتنا خلقت بيئة جديدة للتواصُل بين الأفراد، ما جعلنا بحاجةٍ إلى اكتساب مهاراتٍ جديدةٍ تُساهم في مواكبتنا لهذه التعقيدات التي فرضها علينا العصر الرقمي، وتُساهم أيضاً في تواصُلنا مع البيئة المحيطة بنا، ومن أبرز هذه المهارات هي مهارة التواصُل، والتي هي من أساسيّات النُظُم الاجتماعيّة والعلاقات التي تنشأ بين الأفراد مهما كانت طبيعتها. فالاتصال هو الجسر الذي يصل الفرد بالآخرين، ومن خلاله، يحدث التفاعُل بين أطراف الاتصال.

وهذا الاتصال والتواصُل وفي ظلّ تسارُع البيئة الخارجية المحيطة بنا، ومع انتشار جائِحة كورونا عالمياً، ومع اضطرارنا مُجبَرين لا مُخيَّرين على تحويل معظم أنشطتنا من الخارج أي من جامعاتنا ومدارسنا ومكاتينا إلى الداخل أي العمل داخل منازلنا. ما أدّى إلى التغيير في عملية التواصُل من التواصُل المباشر أي الحضوري إلى التواصُل الافتراضي أي الرقمي. وهذا ما يُحتِّم علينا الاهتمام بسمعتنا الرقمية خير اهتمام، لا سيما إنّ سمعتنا الرقمية هي البصمة الرقمية التي أنشأتها كل الأشياء التي نكتبها وننشرها عبر المواقع الالكتورنية، بالإضافة إلى ما ينشره الآخرون عنا. كما يُساهم كل من الأشخاص والمواقع التي نتابعها والمحتوى الذي ننشره ونعجب به أو نتشاركه والتعليقات التي نكتبها في سمعتنا الرقمية.

كما أن سمعتنا الرقمية تؤثّر على صداقاتنا وعلاقاتنا وحتى على آفاق عملنا لبقيّة حياتنا، لذلك من المهم جداً أن نكون حريصين بشأن الصورة التي نرسمها عن أنفسنا على مواقع التواصُل الاجتماعي وبعض التطبيقات الرقمية ولا سيما الأكثر انتشاراً الآن (Linked in, Twitter, Face book, YouTube, Instagram..etc). وستُشكّل الصوَر التي تمّ وضع علامة عليها ومنشورات المُدوّنات وتفاعُلات الوسائط الاجتماعية جميعها كيف ينظر إلينا الآخرون الآن وفي المستقبل.

ما نحتاج إلى معرفته

بمُجرَّد أن ندوِّن شيئاً ما على وسائل التواصُل الاجتماعي فقد يكون من الصعب جداً إزالته ويمكن مشاركته بسهولة وبسرعة. كما يمكن إساءة تفسير الصوَر والكلمات وتغييرها عند تمريرها.

وفقاً لإحصاءات متعلّقة باستخدام مواقع التواصُل الاجتماعي تبيّن بأنّ حوالى 48 ساعة من فيديوهات “يوتيوب” يتمّ تحميلها خلال 24 ساعة، و3600 صورة يتمّ تحميلها خلال 24 ساعة على “انستغرام”، و684000 من الصوَر والفيديوهات والمنشورات يتمّ مشاركتها خلال 24 ساعة على “فيسبوك”، فضلاً عن 100000 تغريدة يتمّ نشرها على “تويتر” خلال 24 ساعة.

لذلك، نحتاج إلى التفكير في كيفيّة إدارة كل من رسائلنا وصوَرنا وتلك الخاصة بالآخرين، وعلينا الانتباه إلى إعدادات الخصوصية التي تتحكّم بصفحاتنا الخاصة.

كيف نحمي سمعتنا الرقمية؟

يُمكن لأيّ شخص البحث عن إسمك على Google أو التحقّق من حسابات وسائل التواصُل الاجتماعي الخاصة بك، بما في ذلك أصحاب العمل والجامعات وغيرهم. لذلك، عليك التحقّق مما يمكنك فعله لحماية سمعتك الرقمية. وتحقّق من إعدادات الخصوصية الخاصة بك، وعليك التأكّد من أن الصفحات أو المجموعات أو الصوَر أو التغريدات أو مقاطع الفيديو التي تعجبك هي انعكاسات حقيقية عنك والأشياء التي تريد أن ترتبط بها بالفعل. تذكَّر أن أصحاب العمل المُحتملين قد لا يعرفون أنك أحببت صفحة أو حملت صورة على سبيل المزاح أو فَهْم سياقها الأوسع.

إجعل مواقع التواصُل الإجتماعي هدفاً لنجاحك، من خلال الآتي:

أنشىء ملفاً خاصاً بك، ثم اتبع من خلاله المحترفين، وبعدها استمع وشاهد وتعلم من قصص نجاح الآخرين، ثم علّق وشارك بحرفية عالية، قبل أن تشارك نحاجاتك مع الآخرين.

أما المهنية الرقمية فتقتضي علينا أن نقوم بالآتي:

– فكِّر بالمحتوى الذي تريد نشره، هل هو خاص بك فقط؟ أم من الممكن مشاركته مع الآخرين؟

– قبل أن تنشر تأكّد من أنّ المعلومات لا تؤثّر سلباً عليك أم على منظّمتك التي تعمل بها.

– أن لديك إذناً بنشر هذه المعلومات وتستطيع تحمّل مسؤوليتها

– أن تنشر المحتوى الذي يُعتبر قيمة مُضافة ويُعزِّز من سمعتك

وأخيراً القاعدة الذهبية تقول: كل ما هو منشور على مواقع التواصُل الاجتماعي لم يعد خاصاً بل عاماً.

* المصدر : الميادين نت