الأمن الغذائي في الشرق الأوسط وسط جائحة فيروس كورونا
بقلم: عمير كاراسابان
السياسية:
ترجمة نجاة نور- سبأ
حذرت الشبكة العالمية لمكافحة أزمة الغذاء، وهي تحالف من الأمم المتحدة والوكالات الشريكة، هذا العام من أن وباء فايروس كورونا يمكن أن يجعل 265 مليون شخص يعانون من “انعدام الأمن الغذائي الحاد”، الأمر الذي يتطلب مساعدات غذائية ومعيشية عاجلة للبقاء على قيد الحياة، بمعنى أنها أزمة غذائية.
هذا الرقم هو ضعف عدد الأشخاص في العام 2019, البالغ عددهم 135 مليون في 55 دولة.
ومن بين هؤلاء، كان 77 مليون شخص يعيشون في البلدان المنكوبة بالصراعات, كما أن أثر تغير المناخ والصدمات الاقتصادية على 34 مليون و 24 مليون شخص على التوالي, حيث يعيش أكثر من نصف العدد أي ما يعادل (73 مليون) في أفريقيا و 43 مليون في الشرق الأوسط وآسيا و 18.5 مليون في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي.
حتى الآن، تم تجنب الأسوأ؛ مخزونات الحبوب العالمية هي ضعف ما كانت عليه في أزمة الغذاء في الفترة ما بين 2007- 2008, حيث كان الشحن أرخص 20 مرة, في حين كان النفط أقل من 40 دولار.
وقد استُخلصت الدروس من عام 2007- 2008 عندما أدى حظر تصدير المواد الغذائية من قبل 33 دولة، وشراء الذعر، وارتفاع أسعار الطاقة إلى ارتفاع حاد في أسعار الحبوب, حيث لم يتمكن حوالي 75 مليون شخص من الحصول على ما يكفي من الغذاء وتم دفع 100 مليون شخص إلى براثن الفقر.
هذه المرة، قدمت مجموعة العشرين وغيرها تعهدات ودعوات بالامتناع عن مثل هذه الممارسات, وبينما قيدت 19 دولة الصادرات، أثرت هذه الإجراءات على 5 % فقط من تجارة الغذاء العالمية في العالم، بينما أثر حظر 2007- 2008 على 19%.
ومع ذلك، لا تزال منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا واحدة من أكثر المناطق عرضة لأزمة الغذاء, حيث تعد دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من بين أكبر الدول المستوردة للغذاء في العالم، حيث يعتمد معظمها على الواردات لأكثر من نصف احتياجاتها, وهي أيضا أكثر مناطق العالم عرضة للإجهاد المائي مع إعانات ضخمة للمياه والزراعة بشكل كبير، إن لم يكن مستداما في نهاية المطاف، حيث لا تزال العديد من البلدان تسعى للحصول على القليل من الأطعمة الأساسية الرخيصة والاكتفاء الذاتي في إنتاج الحبوب بدلاً من المحلية والحلول التي يحركها السوق الدولي.
تعاني منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أيضا من صراعات في ليبيا وسوريا واليمن واحتجاجات سياسية مستمرة في الجزائر والعراق ولبنان مع أزمات دورية في إيران.
ووفقًا لصندوق النقد الدولي، سيكون النمو الإقليمي سلبيا بنسبة 3% في عام 2020.
وقد أثر الانخفاض الحاد في الطلب على النفط وأسعاره على مصدري النفط الصلب والذين يعتمدون على سخائهم.
ستشهد جميع الدول انخفاض حاد في السياحة والتحويلات, وستزداد أعداد البطالة والفقر, كما سوف تشتري دول كبيرة مثل مصر وإيران المزيد من القمح كإجراء وقائي ضد الاضطرابات الاجتماعية, وسوف يستورد المغرب أيضا المزيد بسبب الجفاف الذي سيتسبب في المزيد من الشيء نفسه بسبب تغير المناخ, الذي يقلل من إنتاج القمح لعام 2020 بأكثر من 50%.
إن القضية بالنسبة للمنطقة ليست توافر الغذاء، حيث أن أعداده كافية ومستقرة منذ 1999-2001.
إن التحدي هو الحصول على الغذاء, ففي عام 2019, لاحظت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة أن الجوع قد ارتفع منذ عام 2011 بسبب الصراع والأزمة الممتدة, حيث يعاني حوالي 52 مليون شخص في المنطقة من سوء التغذية المزمن، منهم 34 مليون شخص في البلدان المتضررة من النزاعات, أسوأها في سوريا واليمن، رغم أن لبنان وليبيا يواجهان أيضا أزمة في الأمن الغذائي.
ففي اليمن، يحتاج 24 مليون شخص أي ما يعادل 80 % من السكان إلى مساعدات إنسانية بينما يعاني 16 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي الحاد ويحتاجون إلى مساعدات الغذائية الضرورية.
تلوح المجاعة في الأفق بسبب تعطل حركة الموانئ, مع نقص الأموال عندما خفضت الأمم المتحدة حصصها الغذائية إلى 8.5 مليون على المناطق الشمالية، أي إلى حوالي النصف.
وفي سوريا، يعاني 9.3 مليون شخص- أكثر من نصف السكان- الآن من انعدام الأمن الغذائي، ويحتاجون إلى الغذاء وسبل العيش.
ستؤدي الروابط الوثيقة مع النظام المالي اللبناني المنهك والعقوبات الأمريكية الجديدة والوباء إلى زيادة هذه الأرقام.
تضرر أكثر من 6 ملايين لاجئ سوري في الأردن ولبنان وتركيا الذين يعتمدون على العمل غير الرسمي، في كثير من الأحيان مقابل أجر يومي، بشدة بسبب عمليات الإغلاق والتدهور الاقتصادي, حيث يعد النازحون البالغ عددهم 11 مليون نسمة في المنطقة – والكثير منهم يتركزون في العراق وليبيا وسوريا واليمن – من بين أكثر الفئات ضعفاً.
وفي العراق، استمر النزوح الناجم عن صراعات تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وعواقبه، في جعل من توفير المساعدات الغذائية حاجة ماسة بالنسبة للجزء الأكبر من المناطق، النظم الصحية غير كافية لمواجهة الوباء.
ومن بين 3 ملايين فلسطيني في الضفة الغربية و 2 مليون في غزة، يعاني 1.7 مليون (معظمهم في غزة) من انعدام الأمن الغذائي ويحتاجون إلى المساعدة وهناك 841.000 آخرين مؤمنون على الغذاء بشكل هامشي, وسيؤدي الوباء وتبعاته والتباطؤ الاقتصادي إلى تفاقم الوضع.
دخل لبنان، الذي يواجه أكبر أزمة اقتصادية وسياسية في تاريخه، منطقة مجهولة كما حذر رئيس الوزراء من أزمة غذائية, حيث شهدت الأزمة المالية انخفاضا في أسعار العملات بنسبة 80 %, وزيادات حادة في البطالة والفقر، وتعقيدات على واردات الأغذية والتي تشكل أكثر من نصف استهلاكها من الغذاء.
يقول مدير برنامج الغذاء العالمي في لبنان عبد الله الوردات أن مليون لبناني يمكن أن تسوء حالتهم إلى ما دون خط الفقر الغذائي في عام 2020.
وتقول وزارة الداخلية إن 60 % من السكان – 2.4 مليون لبناني – سينزلقون إلى ما دون خط الفقر في عام 2020.
في ليبيا، ترى الأمم المتحدة أن الأمن الغذائي يتأثر بسبب النزاع والوباء وتأثيره الاجتماعي والاقتصادي, حيث تواجه معظم المدن نقصا في المواد الغذائية الأساسية, وزيادة الأسعار، وتعطل سلسلة التوريد.
تدعو الأمم المتحدة إلى استمرار الدعم لتجنب أزمة الغذاء, المعرضين للخطر بشكل خاص هم أكثر من 700 الف مهاجر في ليبيا, حيث يمثل المهاجرون الاقتصاديون تحديا إقليميا، إذ يوجد 35 مليونا فقط في دول مجلس التعاون الخليجي والأردن ولبنان والكثير منهم عاطلون عن العمل ومحاصرون لأن الرحلات الجوية محظورة أو لا يمكن تحمل تكلفتها.
إن الظروف المعيشية الضيقة – مساعدة لتفجر الوباء – هي حقيقة بالنسبة لمعظم الناس, والوصول إلى الغذاء سيعتبر كتحد محتمل.
لم تأخذ جائحة فيروس كورونا مسارها بعد، ويبدو أن اللقاح سيبصر النور بعد عام على الأقل، ناهيك عن الوقت المناسب لإيصاله إلى السكان في جميع أنحاء العالم. إن زيادة موجة الفيروس التاجي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في الصيف سينتشر في العديد من البلدان وسيتطلب معظمها دعم خارجي إضافي.
في غضون ذلك، تطالب الأمم المتحدة “الحكومات وشركاء التنمية الدوليين والمانحين والقطاع الخاص” بمعالجة “توافر الغذاء الآمن والوصول إليه والقدرة على تحمل تكاليفه وحماية تغذية للأسر الضعيفة”.
إن الإجراءات الأكثر إلحاحا المقترحة هي التأكد من أن سلاسل الإمداد الغذائي تستمر في الحركة وأن الأطعمة تظل متاحة مع حماية دخول سبل عيش أولئك الذين يعتمدون على الزراعة والعمالة العرضية والعاطلين الجدد.
إن ما يحتاج إلى فعله واضح، وأقل من ذلك هو كيفية المضي قدما في عصر الصراع المستعر وتناقص الموارد.
* موقع “مؤسسة بروكنجز” الامريكية
* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.