السياسية- وكالات :

لقد دفع انتشار فايروس كورونا الحكومات والمؤسسات الاقتصاديه في العالم ومعظم سكان الارض لاتخاذ قرارات واجراءأت حاسمة وجدية. واستطاعت الحكومات بقوة القانون ان تفرض على الناس حجرا يطال كل انواع الانشطة الاجتماعيه والثقافية والاقتصاديه اضافة الى حجر تحركاتهم خوفا من انتشار الوباء واحداث اضرار جسيمة بهم.

ويلحظ ايضا انه كان هناك تجاوب من الناس مع هذه الاجراءات. فادارة الازمات تحتاج لقدرات وخبرات ومهارات مميزة ومتخصصين اضافة الى حكماء في اتخاذ القرار. ويجب ان تكون هذه التجربة العالمية موضع دراسة وتمحيص والخروج بنتائج يمكن ان يستفيد منها الناس كمخرجا لازمات مشابهة في المستقبل.

واثبتت هذه التجرية ايضا ضرورة وجود مرجعيات تتميز بثقة الناس عن الضرورة للتحضير لازمات مشابهة او لظروف يمكن ان تكون اصعب من هذه التجربة. واظهرت ايضا انه ليس فقط الرجل السياسي, خاصة من لا يتمتع بخبرة في هذا المضمار, امثال ترامب ورئيس الوزراء البريطاني, اللذين لم يستطيعا اقناع شعبيهما بالاجراءات الناتجة عن قرارات غير سليمة. مما دفع الناس للاعتراض وثم الضغط على الحكومات لاجبارها على تغيير هذه القرارات. وللعلم يمكن ان لا ينطبق هذا التوجه على كثير من الدول غير الديموقراطية خصوصا في العالم العربي او في دول لا يسمح فيها الحاكم المتغطرس لان يكون سلوك الناس مصدر للتغير خصوصا دول التسلط السياسي.

واثبتت هذه التجرية ان هناك اولويات كانت ملحة او شبه ضرورية للانسان, ولم يعد هذا صحيحا ويمكن استبدالها باوليات اخرى. واصبح من السهل ايضا تحويل هذه الاحتياجات الى ضروروات غير ذات اولويات كما كانت من قبل.

ولم يعد في وسع اي اكاديمي على سبيل المثال ان يدرس طلابه في فصل جامعي ليقول لهم ان احتياجات الانسان يجب ان تكون على شكل هرم كما حدده العالم الامريكي ابراهام ماسلو الذي حدد اولويات احتياجات الانسان بالاحتياجات البيولوجية من اطعمة وشراب ثم الامان والحماية وثم الانتماء للاخرين والتعاطف معهم ثم النوازع الدفعية او التحفيز الاجتماعي من قبل الغير ثم الحاجة الى تحقيق الذات لتكون قمة هرم الاحتياجات. نعم اصبح هذا التسلسل الهرمي غير مقبول ولا يتناسب مع تغير المجتمعات وسلوكياتها واحتياجاتها في زمن تفشي وباء كورونا بل يصبح اعادة النظر بالحاجات حاجة ملحة كي يتأقلم الانسان مع اوضاعه الجديده او ظروفه القاهرة. بل يحفزه اكثر نحو اعادة النظر باحتياجاته فيما ان كانت حقيقية او غير ذلك.

فسلوكيات المجتمع انقلب راسا على عقب. وطبقا لتقارير الاونيسكو فان اكثر من 90% من اطفال العالم لا يذهبون الى المدارس في ظل هذه الجائحة وكذلك الامر في الجامعات التي بدلت طرق التدريس والتواصل مع الطلاب عبر الانترنت بوسائط جديده تسمح لتواجد اكثر من مئة شخص احيانا في قاعة الكترونية افتراضية تستوعب الطلاب والمدرسين. ولم يعد من الضروري ايضا ان يذهب الطالب الى المدرسة للتعليم وهذا سيفتح الافق امام خيارات جديدة في حقول التعليم وقد يمكن هذه الخيارات ان تقضي على صناعات كانت قائمة على وجود المدرسة كمبنى بينما لم يعد هذا ضروري واثبت التعليم عن بعد انه مهم جدا وقد يولد فرص عمل جديده لم تكن موجوده من قبل بهذا  الحجم. فما يمنع ان يكون هناك مدرسة بكاملها تستخدم وسائل التواصل التكنولوجية والرقمية والصورة والصوت في عملها بينما تحافظ على مواعيد امتحاناتها كباقي المدارس وفي اوقاتها ايضا.

وتبين من الحجر ان الانسان تحت كثير من الظروف غير العادية يمكن ان يغير من سلوكه الاستهلاكي وسلوكه التسوقي والاجتماعي بشكل عام الى سلوك مختلف عن سلوكه في الايام العادية في ظل الظروف العادية وان انماط العيش المرتبط بسلوكه المعيشي يمكن ان تتبدل بعد هذه التجربة العالمية. وهذا يعطي قوة غير عاديه لطبقات واسعة من المجتمع لمواجهة الكثير من المتاعب التي يمكن ان نواجهها في المستقبل ان عرف اصحاب القرار كيف يمكن ان تستخدم هذه التجربة من الناحية الايجابية لمجتمعاتهم.

وعلى سيبل المثال تبين من الحظر ان الانسان قادر ان يضبط انفاقه غير الضروري فيما لم يكن ذلك من خياراته قبل انتشار الفايروس. يضاف الى ذلك عدم الاهتمام بالامور الروتينية التي لم يعد يهمتم بها من قبل. وعدم الاهتمام بالزيارات الخاصه او العامة ولم تعد من اولوياته وعدم الاكتراث الى كثير من العادات التي كان يمارسها في الايام العادية مثل اللقاءات والسهرات والذهاب الى المقاهي او الاماكن الاجتماعية الاخرى وحتى اماكن العبادة.

ومن الامور التي تغيرت في سلوكيات الناس بشكل عام يمكن القول ان سلوك المستهلك في التسوق اصبح مختلفا عما كان عليه من قبل وارتفعت نسبة التسوق من المواقع الالكترونية او الصفحات التابعة للسلع على مواقع الانترنت او وسائل التواصل الاجتماعي. وتبين بعض الدراسات ان نسبة التسوق الالكتروني ارتفعت من 20% الى اكثر 34% عما كانت عليه وهي في ازدياد مستمر طالما الفايروس في حالة انتشار واستمرار الحجر. ويفضل اكثر من 11% من الناس الان استلام وجباتهم من محال توءمن لهم الطعام الجاهز ليستلموه ويذهبوا به او يتم ايصاله لمنازلهم.

وعلى سبيل المثال لم يعد هناك تسوق من قبل المستهلك على شبكة الانترنت فيما يخص السفر والسياحة وحجز تذاكر الطيران كما كان من قبل. ويعمل على الشبكة العنكبوتية الانترنت شركات ضخمة تساوي قيمة اصولها اكثر من ثلاثين بليون دولار وتنفق اكثر من عشر مليارات دولار سنويا على تسويق خدماتها عن طريق الشبكة. فشركة مثل اكسوبيدا ولاست مينيت دوت كوم وغيرها تنفق سنويا اكثر من عشر مليارات على الدعاية والاعلان في كثير من مواقع الانترنت او المجلات المتخصصة في بيع خدمات الطيران والعطل السنوية وفي ظل الجائحة تراجع حجم الانفاق على الدعاية والاعلان اكثر من 70% عما كان عليه قبل انتشار الفايروس لتوقف رحلات الطيران والغاء رحلات السفر والسياحة والاستجمام.

وتشير عدة دراسات قامت بها دوائر التسوق الالكتروني في شركات مثل امازون و ستاكلاين بيزنيس وبيزنيس انسايدر ويورو نيوز ومحطة سي ان بي سي الى تغير الطلب على كثير من السلع الضرورية والكمالية. وهذا ما يوضح لنا كيفية تغير سلوك المستهلك خلال فترة انتشار الفايروس ولعل هذا التغير سيكون له الاثر البالغ على الاسواق وامزجة المستهلكين وحتى طرق التسوق في المستقبل. وتشير هذه الاستطلاعات الى ارتفاع الطلب بشكل غير عادي على سلع مثل الاغذية وادوات التنظيف ومتطلباتها وادوية السعال  والحبوب المجففة وادوات الرياضة المستخدمة منزليا والمحارم الصحية وغيرها من السلع التي لم تكن ضرورية بهذا المستوى قبل انتشار الفايروس. بينما تراجع الطلب على كثير من السلع غير الضرورية او الكمالية كامتعة السفر والكاميرات والالبسة وغيرها. ويبين الرسمين البياني هذه السلع ونسب ارتفاعها طبقا لمصادر المعلومات التي ذكرناها اعلاه.

وذكر المركز أن الفرصة مهيأة لهطول أمطار متفرقة على السواحل الشمالية الغربية.

وأفاد  ان الاجواء في المناطق الصحراوية  ستكون مشمسة اجمالا , حارة و جافة ومغبرة نسبياً مع درجات حرارة عظمى تتراوح ما بين 38 الى 40 درجة مئوية , فيما تكون الرياح شمالية شرقية الى جنوبية شرقية خفيفة الى معتدلة تتراوح سرعتها مابين 05 الى 15 عقدة .

وحسب المركز ستكون الأجواء في ارخبيل سقطرى غائمة جزئياً تتحول الى غائمة خلال الصباح وقد تهطل أمطار خفيفة متفرقة على أجزاء من الارخبيل , فيما تكون الرياح جنوبية الى جنوبية غربية معتدلة الى نشطة تتراوح سرعتها مابين 10 الى 20 عقدة .

يتبين من الرسمين اعلاه مقدار ارتفاع الطلب على السلع وتراجعه على سلع اخرى الامر الذي يبين تاثير كورونا على اقتصاد المنزل وسلوكية المستهلك. ولعل هذا المنحى سيستمر الى فترات طويلة من الزمن حتى تعود الاحوال كما كانت عليه من قبل تفشي كورونا وليس هذا يعني ان سلوك المستهلك سيتغير بل هذا يحتاج الى دراسة متاخرة لتبيان تغير مزاج وسلوكية المستهلك بعد انتهاء انتشار الفايروس.

وتبين بعض الاستطلاعات ان كثيرا من الناس غير سلوك طرق استعمال المواصلات حيث بدل نحو اربعة من كل عشرة اشخاص طرق مواصلاتهم واستبدلوها بطرق اخرى كان اكثرها السير على القدمين واستخدام الدراجة الهوائية او السيارة الخاصة عوضا عن المواصلات العامة.

حتى الصحف ومحطات التلفزة اتبعت اساليب غير معهودة من قبل للقيام باعمالها فكثير من العاملين في الحقل الاعلامي يقومون باعمالهم من منازلهم او خارج المنازل لكن بشروط مختلفة واجرأات على الاقل فيها التباعد الاجتماعي للوقاية والحماية.

وتشير دراسات اجتماعية الى تغير سلوك افراد العائلة نتيجة الحجر حيث يخشى من ارتفاع نسبة الطلاق في المنازل لعدم قدرة استمرار كثير من الناس البقاء مع شركائهم لفترات طويلة. فيما يقول مكتب محاماة بريطاني متخصص في قضايا الطلاق ان نسبة المسجلين في مكاتبهم ارتفعت اربع مرات عما كانت عليه قبل الحجر او قبل انتشار فايروس كورونا. وتشير دراسة في اميركا ان نسبة الطلاق ارتفعت نحو 60 في المئة خلال هذه الفترة وخمسين في المئة في الصين واربع مرات في تركيا.

ويعتقد بعد الدارسين الاجتماعيين ان نسبة الولادات سوف تزداد بعد فترة تسع شهور او خلال سنة من الان بسبب تواجد افراد الاسرة في المنزل بشكل غير اعتيادي ما يسمح بارتفاع نسبة الولادات نظرا للتقارب الاجتماعي الاكثر عما كان عليه من قبل وعدم قدرة كثير من افراد العائلة الحصول على ادوات الوقاية من الحمل. ولعل اكثر هذه الولادات ستكون من العائلة القائمة من قبل وليس من الزواج الجديد حيث اصبح صعبا ان يكون هناك تلاقي بشكل عادي في ظل تفشي كورونا, علما ان هناك حالات كثيرة من الزواج تم عن طريق الانترنت دون وجود محتفين بالزواج كما في الايام العادية.

وليس فقط الزواج اصبح في خانة الاستحالة للاحتفاء به بشكل عادي بل حتى حالة الموت الذي حصد عشرات الالاف من ارواح الناس لم يعد في مقدور الناس حتى حضور اي جنازة خوفا من انتقال العدوى من المتوفي الى اقاربه وهذه حالة غير عادية في اي مجتمع حيث يحضر جنازة المتوفي افراد عائلته واقاربه واصدقائه. الا ان ظروف الحجر والخوف من انتقال العدوى اجبر الناس على عدم حضورمثل هكذا مناسبات محزنة وتركت كثير من الاسى في قلوب المحبين الذين فارقوا احبتهم بهذه الصورة غير الاعتيادية. وكم من الاصدقا والمعارف فجعوا باحبتهم ولم يكن في مقدورهم ان يكونوا مساهمين للمواساة بفقدان الاحبة لدرجه انه لم يعد هناك من شخص في العالم الا ويعرف اما قريب او صديق وافته المنية دون ان يستطيع القيام بواجبه الاجتماعي.

وهكذا في ظروف الحجر نرى ان العائلة عادت الى منازلها وتقاسمت بيئة المنزل بينها في المكان والزمان حيث توزعت الاوقات والاماكن بين الجميع بطرق مختلفة كلا حسب طبيعة عمله.

ولعل من اهم الملاحظات التي يمكن ان تطراء على افراد العائلة او حتى رجال الاعمال حرصهم على ابقاء كمية من النقد في حوزتهم بقدر اعلى مما كان يتم الاحتفاظ به من قبل حرصا على اي طاريء قد يحدث.

في ظل هذا الحظر يمكن ان ينتج عنه اضمحلال او انتهاء كثير من الخدمات او السلع او الاحتياجات التي كانت جزء من حياة الناس حيث اثبت الحجر ان الانسان يستطيع ان يستغني هذه الخدمات او السلع وهذا بدوره يمكن ان يخفف من الاعباء المالية المترتبة على قطاعات واسعة من المجتمع وخاصة الفئات الفقيرة او ذوي الدخل المحدود.

اثبت الانسان من خلال هذه التجرية انه مستعد للتجاوب مع القرارات الحكيمة من قياداته ان كانت موجهة في الاتجاه الصحيح واثبت انه قادر ان يغير من هذه القرارات ان شعر اهل الاختصاص انها غير سليمة ويمكن ان يجبر صانع القرار السياسي التجاوب مع رغبته بالتغيير نتيجة لمساهمته في توجيه القرار السياسي بالاتجاه الصحيح طبقا لاصحاب الخبرة في حقول اختصاصهم كما حدث في بريطانيا ورضخت الحكومة لتقارير خبراء عوضا عن قرار السياسيين.

ولعله من غير المحق وغير العادل في هذه الضائقة المالية والصحية ان يخضع القرار السياسي لرغبة رجال الاعمال ومن يتمتع بقدرات مالية او صناعية او تجارية لاجبار العمال للعودة الى العمل في ظل المخاطر التي لا زالت تحيط بمجتمعاتهم وسط فشل ذريع من اصحاب القرار في كيفية التعاطي مع ازمة كهذه من دون ان يتم تقديم ضمانات لهذه الفئات العاملة وتؤمن لها العناية الصحية او الضمان الاجتماعي والصحي في حال عودتهم للعمل اضافة الى الاجراءات الاحترازية من قبل صاحب العمل كخطوة لطمئنة العمال والموظفون من اصابتهم في هذا الوباء وانتشاره.

صحيح انه من الضروري استمرار العمل وعدم وقف الحركة الانتاجية للانسان للخدمات التي يحتاجها لكن هناك ضرورات اهم  وهي الحفاظ على احد قوام الانتاج الاقتصادي,الانسان الذي هو سبب الانتاج وليس الانتاج هوالسبب والدافع للانسان. لذلك يجب ان يكون هناك مدخل يتفهم المتطلبات والحفاظ على الارواح في نفس الوقت. اي بمعنى في حال طلب العودة الى العمل على الدولة ان تساهم بتحديد طرق الحماية وضوابطها للحفاظ على العامل واستمرار الانتاج لصاحب العمل. كما يجب ان ترعى اجراءات اعادة فتح اماكن العمل الحماية الصحية للعامل وعودته بشكل تدريجي حتى يصبح هناك امان له في المجتمع حيث يتنقل بواسطة النقل العام والطرقات اضافة الى اماكن العمل.

ولذا يجب ان يكون هناك خطوط عامة تلزم الجميع فيها للحئول دون تجدد انتشار الفايروس ونعود الى نقطة الصفر كما يحصل في بعض المجتمعات التي لم تكن تلتزم ضوابط وقواعد الحجر الصحي مما ادى الى تداعيات جديده في هذه المجتمعات وعودة انتشار الفايروس مجددا.

ومن بعض القواعد التي يمكن ان تطبق وعلى سبيل المثال لا الحصر في المصانع, يمكن تقسيم العمل الى مجموعات دورية في المرحلة الاولى على ان يقسم العمل الى ثلاث مجموعات تداوم كل مجموعة في احد الايام وتستريح يومين وهكذا طيلة ايام الاسبوع. بمعنى ان 33% يعودون الى العمل يوميا. وهكذا يكون العامل عاد الى عمله وصاحب الانتاج بداء بعودة الانتاج التدريجي الامر الذي يمكن ان يشكل بداية مريحة بعد التوقف لفترة طويلة. وبعد ان تتحسن الاوضاع يمكن اعادة النظر بتوزيع العمال ليصبح العمل بنسبة 50% اي بنصف طاقة الانتاج بشكل يومي ما يسهل الامور بالنسبة للعمال كمورد مالي وعمل انتاجي افضل لصاحب العمل الى ان تعود الامور كما كانت عليه في السابق.

ويمكن ان يطبق هذا الاسلوب على كثير من المحال التجارية المتخصصة كمحال الالبسة والاحتياجات المنزلية وباقي الخدمات المتخصصة الضرورية بحيث يخصص لها يومين او ثلاثة ايام منفصلة من ايام الاسبوع وفي مناطق مختلفى حتى لا تشهد الاردحام او اعطائها الفرصة لتوصيل طلباتها للزبائن ضمن ازمنة محددة مثل المطاعم ومحال الماكولات التي يمكن ان تقدم هذا النوع من الخدمة عن طريق توصيل الخدمة للزبون لمنزله او مكان اقامته.

ولعل من ابرز نتائج هذا التحول ان الانسان اصبح اكثر تحكما بحياته العائلية واقتصاد العائلة الذي كان منفلشا علما ان تراجع شهية المستهلك على الانفاق امر يضر بالعملية الانتاجية واقتصاد السوق حيث يتوجب ان يكون هناك نوع من التوازن بين الانتاج والانفاق. لكن القواعد الاقتصادية التي تعلمناها ونعلمها في الجامعات لم يعد لها الاثر البالغ لتطبيقه في ارض الواقع. ولعل توجه السوق بهذا الشكل وسلوكية المستهلك اصبحت اكثر قوة من قوة التسويق والدعاية والاعلان التي كانت تستحوذ على قوة شرائية من افراد الاسرة.

الا ان قواعد التفاهم المعروفة في السوق لم تعد كافية ان تحفز السوق كما كان يريد, بل هناك عملية طويلة لاعادة فهم قواعد السلوك المتبع من قبل المستهلك. ولحين فهمها من جديد يكون السوق قد عانى ما عانى وغاص في مشاكله الخاصة من امور مالية وقروض وانتاج واستعادة الاسواق المفقودة وكذلك الزبائن التي اختفت من كثير من منصات الشراء لحين ينتهي فايروس كورونا. ولحين عودة الامور الى طبيعتها يفترض من السوق ان يحاكي المستهلك ضمن الامكانيات والقدرات المالية المتبقية لديه وعليه ان يبتلع الكثير من الضربات ويضمد جروحه بالاموال التي حققها من ارباح طيلة السنوات التي سبقت انتشار الفايروس.

د. محمد حيدر :  كاتب لبناني /لندن