عندما تحوّل “غلاف غزة” إلى “قلعة” محصّنة (4/7): الجو والبحر: الحرب لم تتوقف
السياسية:
في هذه الحلقة، سنتناول الخروقات البحرية بالعموم، وليس الحرب الدائرة على مهنة الصيد أو عمليات إدخال الأسلحة عبر البحر (مهمة الحلقة السادسة)، إذ يرى الاحتلال في بحر غزة منطقة في غاية الخطورة بسبب قلة الأدوات للمراقبة، وتطوير المقاومة أدواتها للعمل هناك، وخصوصاً مع وجود وحدات “الضفادع البشرية”.
في النتيجة، يعمل “الجيش” الصهيوني على منع تجاوز الحدود التي لا تتجاوز قرابة 10 أميال بحرية، مبقياً الحركة في البحر مقيدة، ويركز جهوده على عمليات إبعاد الصيادين الفلسطينيين في المناطق الشمالية للقطاع خشية تنفيذ عمليات اختراق. وفوق ذلك، ينفذ عمليات تفجير شبه عشوائية في المياه.
الخروقات البحرية
يمكننا أيضاً هنا تسجيل مجموعة من الملاحظات، أهمها أن الخروقات البحرية أكثف من البرية، وهي تقريباً يومية أو شبه يومية، وهدفها استمرار الحصار ومنع الاستفادة من البحر للصيد أو لأمور أخرى، لكنها تتركز عند وجود تيارات بحرية طاردة ناحية الشاطئ في قطاع غزة خوفاً من استخدامها في تهريب الأسلحة والأموال.
لذلك، يركز الاحتلال على بحر رفح القريب من الحدود المصرية، حيث يراقب الصيادين على مدار الساعة، ويستهدف أي محاولات لدخول الحدود البحرية المصرية. وقد نفذ خلال 2022 عمليتي استهداف وتفجير لقوارب فلسطينية اقتربت من الحدود، وزعم أنه أحبط عمليات تهريب مواد تستخدم في التصنيع العسكري في 5/2022 و11/2022.
على الصعيد الأمني، سُجل خلال عام 2022 إجراء قطع بحرية عمليات رصد ومسح دقيقة لعدد من المناطق على شاطئ القطاع، خشية استخدامها من الوحدات البحرية للمقاومة، وشهد العام نفسه عمليات تحديث للمجسات البحرية على حدود شمال القطاع، وهي مجسات لرصد التحركات تحت الماء في المنطقة الحدودية الفاصلة بين غزة والأراضي المحتلة، لكن لم يُرصد خلال 2022 أي محاولات للاختراق البحري والوصول إلى شاطئ القطاع بسبب وجود وحدات مراقبة فلسطينية على طول الحدود.
في المقابل، تتشدد المقاومة أكثر في الساحة البحرية؛ ففي حال اقتراب الزوارق الحربية من شواطئ القطاع، يحق للكوادر استهدافها بما أمكن. أما في حال رصد قوات خاصة تقترب من منطقة الشاطئ، فيؤمر بالتعامل بحزم واستخدام الأسلحة كافة، مع ضرورة التشاور مع القيادة لو أمكن.
الخروقات الجوية
هذا الجانب هو المشهود بوضوح بالنسبة إلى الجميع: المدنيين قبل المقاومين، إذ لا يكاد يخلو سماء القطاع من طائرات الاستطلاع يومياً، وعلى مدار الساعة، فيما تتنوع الأهداف والأنواع التي يستخدمها الاحتلال في التحليق، وخصوصاً أن جميع وحدات الطائرات الاستطلاعية تعمل يومياً في مختلف المناطق وتجري عمليات التصوير والمسح الجوي.
هناك أنواع مختلفة من الطائرات المسيرة والمأهولة التي سيّرها الاحتلال فوق القطاع خلال 2022، وشهد العام نفسه تطوراً وتكثيفاً في استخدام الطائرات الصغيرة في مناطق وأوقات مختلفة، وخصوصاً في المناطق الحدودية وفوق المواقع العسكرية للمقاومة.
من الملاحظات على الخروق الجوية أنَّ الاحتلال يستخدم الطائرات المسيّرة للضغط على المقاومة كي لا تعمل في جو مريح، إذ يبقي عدداً من المواقع العسكرية تحت المراقبة والمتابعة المستمرة، ويعمل على جمع المعلومات دائماً عن قدرات الفصائل البشرية والتسليحية ضمن سياسة “تطوير بنك الأهداف”.
أيضاً، يدخل سلاح الجو في التعويض عن الخروق البرية، فبسبب الإغلاق في المنطقة الحدودية والمراقبة الأمنية على مختلف مناطق الحدود، يستخدم الاحتلال “الدرونز” الصغيرة لإسقاط معدات تجسس أو أموال للعملاء داخل القطاع. وقد رُصدت خلال 2022 محاولات عدة لإسقاط معدات.
كذلك، يحاول “الجيش” الصهيوني بالطائرات الصغيرة الوصول إلى المناطق المغلقة، وخصوصاً ورش التصنيع. وقد رُصدت محاولات للاحتلال خلال 2022، واتخذت إجراءات أمنية لمنع تكرارها. أيضاً، اكتُشف أن هناك تجسساً إلكترونياً عبر الطائرات التي تتابع الموجات الكهرومغناطيسة، وتُرصد هذه الطائرات في الأوقات التي يفكر فيها الاحتلال في عمليات اغتيال أو تجسس على الاجتماعات.
ثمة أمر آخر لافت هو أنه خلال 2022 جرى للمرة الأولى تجريب تسيير سرب يقدر بـ20 “درونزاً” صغيراً في منطقة هدف واحد، ما يشير إلى تكتيك جديد قد تستخدمه قوات الاحتلال خلال أي مواجهة مقبلة.
في المقابل، لدى المقاومة وحدة خاصة بمتابعة طائرات الاستطلاع بأنواعها وأشكالها ومراقبتها، وهل هي مذخرة وفي حالة هجومية أو لا، فتنفذ الأذرع العسكرية الإنذار المبكر وقت الحاجة، والأهم تحليلها توجهات “جيش” الاحتلال في جمع المعلومات أو نياته لتنفيذ عمليات اغتيال، الأمر الذي جرت الاستفادة منه في معركة “ثأر الأحرار” بصورة كبيرة، لكن عموماً يوجد في سماء القطاع ما بين 10 و40 طائرة، إذ يرتفع ويقل عدد الطائرات وفق الأحداث والتطورات المتعلقة بالوضع الميداني والسياسي.
بناء على ذلك، تعمدُ المقاومة في حال رصد طائرات التجسس بأعداد كبيرة، وعلى مستويات منخفضة، إلى رفع درجة التأهب في المستوى القيادي. وفي حال الطيران الاستطلاعي في منطقة معينة، يجري إبلاغ المعنيين بتحركات الطائرات وبطبيعة هذه التحركات لأخذ الاحتياطات. أما إذا رصدت طائرات التجسس المأهولة بضباط المخابرات، فتُرفع درجة التأهب، وتلغى الاجتماعات، وتصدر أوامر لاختفاء القيادات المعرضة للاغتيال مع سلسلة إجراءات أخرى تتحفظ المقاومة على كشفها.
في ما يلي مثال على يوم واحد اختير عشوائياً (22/5/2023) لعرض ما رصدته المقاومة من تحليق للطائرات الصهيونية.
أما ما لدى المقاومة من طيران استطلاعي صار ينفذ مهماته فوق أجواء غزة نفسها أو فوق أجواء فلسطين المحتلة، فلا ترغب المقاومة في الحديث حالياً عن تفاصيل هذا الملف لحساسيته وسريته العالية، لكنها تؤكد أنها أولته أهمية كبيرة في السنتين الأخيرتين، وأنها تعدّ لمفاجآت حقيقية اعتماداً عليه.
العيون لا تنام
مِن تتبع هذه السلسلة من الإجراءات الصهيونية والإجراءات الفلسطينية المضادة براً وبحراً وجواً وأمنياً (الحلقات الأربع الأولى)، يمكن استنتاج أن ما تسمى أوقات الهدوء في غزة ليست إلا غطاء على حالة من الاستعداد للمواجهة المقبلة، فما يدور ليس إلا جزءاً من الحرب الأمنية، وحتى العسكرية القائمة، حيث لا عين تنام، لكن ما يلفت أكثر هو حالة الإرهاق المستمرة للطرفين، مع الأخذ بالاعتبار أن الثقل أكبر على الجانب الفلسطيني المحاصر والأقل في الإمكانات والعديد والعتاد.
أما ما ينبغي ألا يُغضّ عنه الطرف أبداً، فهو أن الإجراءات الصهيونية (التوغلات والخروق والمراقبة والمحاولات)، مع أنها تحمل في ظاهرها مبررات عملياتية وأمنية، لكنها في السياق العام تهدف إلى الإيهام بالهجوم لكبح خيارات الطرف الآخر (المقاومة) حيال الهجوم المضاد، ولتجعله أيضاً في حالة الدفاع المستمر والاحتياط الدائم والخوف من الاستهداف في أي لحظة، ولهذا بحثُه السياسي والنفسي المستقل.
في هذه الحلقة، سنتناول الخروقات البحرية بالعموم، وليس الحرب الدائرة على مهنة الصيد أو عمليات إدخال الأسلحة عبر البحر (مهمة الحلقة السادسة)، إذ يرى الاحتلال في بحر غزة منطقة في غاية الخطورة بسبب قلة الأدوات للمراقبة، وتطوير المقاومة أدواتها للعمل هناك، وخصوصاً مع وجود وحدات “الضفادع البشرية”.
في النتيجة، يعمل “الجيش” الصهيوني على منع تجاوز الحدود التي لا تتجاوز قرابة 10 أميال بحرية، مبقياً الحركة في البحر مقيدة، ويركز جهوده على عمليات إبعاد الصيادين الفلسطينيين في المناطق الشمالية للقطاع خشية تنفيذ عمليات اختراق. وفوق ذلك، ينفذ عمليات تفجير شبه عشوائية في المياه.
الخروقات البحرية
يمكننا أيضاً هنا تسجيل مجموعة من الملاحظات، أهمها أن الخروقات البحرية أكثف من البرية، وهي تقريباً يومية أو شبه يومية، وهدفها استمرار الحصار ومنع الاستفادة من البحر للصيد أو لأمور أخرى، لكنها تتركز عند وجود تيارات بحرية طاردة ناحية الشاطئ في قطاع غزة خوفاً من استخدامها في تهريب الأسلحة والأموال.
لذلك، يركز الاحتلال على بحر رفح القريب من الحدود المصرية، حيث يراقب الصيادين على مدار الساعة، ويستهدف أي محاولات لدخول الحدود البحرية المصرية. وقد نفذ خلال 2022 عمليتي استهداف وتفجير لقوارب فلسطينية اقتربت من الحدود، وزعم أنه أحبط عمليات تهريب مواد تستخدم في التصنيع العسكري في 5/2022 و11/2022.
على الصعيد الأمني، سُجل خلال عام 2022 إجراء قطع بحرية عمليات رصد ومسح دقيقة لعدد من المناطق على شاطئ القطاع، خشية استخدامها من الوحدات البحرية للمقاومة، وشهد العام نفسه عمليات تحديث للمجسات البحرية على حدود شمال القطاع، وهي مجسات لرصد التحركات تحت الماء في المنطقة الحدودية الفاصلة بين غزة والأراضي المحتلة، لكن لم يُرصد خلال 2022 أي محاولات للاختراق البحري والوصول إلى شاطئ القطاع بسبب وجود وحدات مراقبة فلسطينية على طول الحدود.
في المقابل، تتشدد المقاومة أكثر في الساحة البحرية؛ ففي حال اقتراب الزوارق الحربية من شواطئ القطاع، يحق للكوادر استهدافها بما أمكن. أما في حال رصد قوات خاصة تقترب من منطقة الشاطئ، فيؤمر بالتعامل بحزم واستخدام الأسلحة كافة، مع ضرورة التشاور مع القيادة لو أمكن.
الخروقات الجوية
هذا الجانب هو المشهود بوضوح بالنسبة إلى الجميع: المدنيين قبل المقاومين، إذ لا يكاد يخلو سماء القطاع من طائرات الاستطلاع يومياً، وعلى مدار الساعة، فيما تتنوع الأهداف والأنواع التي يستخدمها الاحتلال في التحليق، وخصوصاً أن جميع وحدات الطائرات الاستطلاعية تعمل يومياً في مختلف المناطق وتجري عمليات التصوير والمسح الجوي.
هناك أنواع مختلفة من الطائرات المسيرة والمأهولة التي سيّرها الاحتلال فوق القطاع خلال 2022، وشهد العام نفسه تطوراً وتكثيفاً في استخدام الطائرات الصغيرة في مناطق وأوقات مختلفة، وخصوصاً في المناطق الحدودية وفوق المواقع العسكرية للمقاومة.
من الملاحظات على الخروق الجوية أنَّ الاحتلال يستخدم الطائرات المسيّرة للضغط على المقاومة كي لا تعمل في جو مريح، إذ يبقي عدداً من المواقع العسكرية تحت المراقبة والمتابعة المستمرة، ويعمل على جمع المعلومات دائماً عن قدرات الفصائل البشرية والتسليحية ضمن سياسة “تطوير بنك الأهداف”.
أيضاً، يدخل سلاح الجو في التعويض عن الخروق البرية، فبسبب الإغلاق في المنطقة الحدودية والمراقبة الأمنية على مختلف مناطق الحدود، يستخدم الاحتلال “الدرونز” الصغيرة لإسقاط معدات تجسس أو أموال للعملاء داخل القطاع. وقد رُصدت خلال 2022 محاولات عدة لإسقاط معدات.
كذلك، يحاول “الجيش” الصهيوني بالطائرات الصغيرة الوصول إلى المناطق المغلقة، وخصوصاً ورش التصنيع. وقد رُصدت محاولات للاحتلال خلال 2022، واتخذت إجراءات أمنية لمنع تكرارها. أيضاً، اكتُشف أن هناك تجسساً إلكترونياً عبر الطائرات التي تتابع الموجات الكهرومغناطيسة، وتُرصد هذه الطائرات في الأوقات التي يفكر فيها الاحتلال في عمليات اغتيال أو تجسس على الاجتماعات.
ثمة أمر آخر لافت هو أنه خلال 2022 جرى للمرة الأولى تجريب تسيير سرب يقدر بـ20 “درونزاً” صغيراً في منطقة هدف واحد، ما يشير إلى تكتيك جديد قد تستخدمه قوات الاحتلال خلال أي مواجهة مقبلة.
في المقابل، لدى المقاومة وحدة خاصة بمتابعة طائرات الاستطلاع بأنواعها وأشكالها ومراقبتها، وهل هي مذخرة وفي حالة هجومية أو لا، فتنفذ الأذرع العسكرية الإنذار المبكر وقت الحاجة، والأهم تحليلها توجهات “جيش” الاحتلال في جمع المعلومات أو نياته لتنفيذ عمليات اغتيال، الأمر الذي جرت الاستفادة منه في معركة “ثأر الأحرار” بصورة كبيرة، لكن عموماً يوجد في سماء القطاع ما بين 10 و40 طائرة، إذ يرتفع ويقل عدد الطائرات وفق الأحداث والتطورات المتعلقة بالوضع الميداني والسياسي.
بناء على ذلك، تعمدُ المقاومة في حال رصد طائرات التجسس بأعداد كبيرة، وعلى مستويات منخفضة، إلى رفع درجة التأهب في المستوى القيادي. وفي حال الطيران الاستطلاعي في منطقة معينة، يجري إبلاغ المعنيين بتحركات الطائرات وبطبيعة هذه التحركات لأخذ الاحتياطات. أما إذا رصدت طائرات التجسس المأهولة بضباط المخابرات، فتُرفع درجة التأهب، وتلغى الاجتماعات، وتصدر أوامر لاختفاء القيادات المعرضة للاغتيال مع سلسلة إجراءات أخرى تتحفظ المقاومة على كشفها.
في ما يلي مثال على يوم واحد اختير عشوائياً (22/5/2023) لعرض ما رصدته المقاومة من تحليق للطائرات الصهيونية.
أما ما لدى المقاومة من طيران استطلاعي صار ينفذ مهماته فوق أجواء غزة نفسها أو فوق أجواء فلسطين المحتلة، فلا ترغب المقاومة في الحديث حالياً عن تفاصيل هذا الملف لحساسيته وسريته العالية، لكنها تؤكد أنها أولته أهمية كبيرة في السنتين الأخيرتين، وأنها تعدّ لمفاجآت حقيقية اعتماداً عليه.
العيون لا تنام
مِن تتبع هذه السلسلة من الإجراءات الصهيونية والإجراءات الفلسطينية المضادة براً وبحراً وجواً وأمنياً (الحلقات الأربع الأولى)، يمكن استنتاج أن ما تسمى أوقات الهدوء في غزة ليست إلا غطاء على حالة من الاستعداد للمواجهة المقبلة، فما يدور ليس إلا جزءاً من الحرب الأمنية، وحتى العسكرية القائمة، حيث لا عين تنام، لكن ما يلفت أكثر هو حالة الإرهاق المستمرة للطرفين، مع الأخذ بالاعتبار أن الثقل أكبر على الجانب الفلسطيني المحاصر والأقل في الإمكانات والعديد والعتاد.
أما ما ينبغي ألا يُغضّ عنه الطرف أبداً، فهو أن الإجراءات الصهيونية (التوغلات والخروق والمراقبة والمحاولات)، مع أنها تحمل في ظاهرها مبررات عملياتية وأمنية، لكنها في السياق العام تهدف إلى الإيهام بالهجوم لكبح خيارات الطرف الآخر (المقاومة) حيال الهجوم المضاد، ولتجعله أيضاً في حالة الدفاع المستمر والاحتياط الدائم والخوف من الاستهداف في أي لحظة، ولهذا بحثُه السياسي والنفسي المستقل.
* المصدر: موقع الميادين
* المادة الصحفية نقلت حرفيا من المصدر ولا تعبر عن رأي الموقع