السياسية:

تشير التقارير المناخية العالمية إلى ان الكرة الارضية مقبلة على حالة تغير مناخي خلال القرن الحالي، سيكون لها تأثيرات ستؤدي إلى تغيير وجه العالم.

حذرت المنظمة العالمية للأرصاد الجوي الخميس 18 مايو/آيار 2023 من احتمالية أن تشهد الفترة بين 2023 و2027 ارتفاع غير مسبوق في درجات الحرارة، مرجحة أن تتجاوز درجات الحرارة عتبة الـ 1,5 درجة مئوية المسجلة ما قبل الثورة الصناعية بشكل مؤقت وبتواتر أكبر، متوقعة ان تشهد الفترة المقبلة تطور ظاهرة “إل نينيو” المناخية الطبيعية التي تتزامن بشكل عام مع ارتفاع درجات الحرارة وزيادة في الجفاف في بعض أنحاء العالم وأمطار غزيرة في مناطق أخرى.

وتعد هذه التغيرات مؤشرا على ان العالم سيشهد تغيرا مناخيا خلال السنوات القادمة. وتغير المناخ هو مؤشر على التحولات طويلة الأجل في درجات الحرارة وأنماط الطقس. وهنا لابد من التمييز بين التحولات الطبيعية والبشرية، فالتحولات الطبيعية ترتبط بالتغيرات في نشاط الشمس أو الانفجارات البركانية الكبيرة، لكن منذ القرن التاسع عشر، كانت الأنشطة البشرية هي المحرك الرئيسي لتغير المناخ، ويرجع ذلك أساسا إلى حرق الوقود الأحفوري كالفحم والنفط والغاز، والذي ينتج عن حرقه انبعاثات لغازات الاحتباس الحراري التي تعمل كغطاء ملفوف حول الأرض، ما يؤدي إلى حبس حرارة الشمس ورفع درجات الحرارة.

وتبدو التغيرات الحالية للمناخ مرتبطة بشكل رئيسي بالتحولات البشرية، جراء تزايد الغازات الدفيئة الرئيسية في الهواء الجوي، والتي تسبب تغير المناخ، ومنها غازي ثاني أكسيد الكربون والميثان، والتي تأتي من عوادم السيارات او من استخدام الفحم في التدفئة او دخان المصانع.

يقول بيتيري تالاس الأمين العام للمنظمة العالمية للأرصاد، إن الفترة الممتدة بين 2023 و2027 ستصبح بشكل شبه مؤكد أكثر فترة حارة على الإطلاق على كوكب الأرض، مشيرا إلى أن ذلك يأتي في ظل التأثير المشترك للغازات الدفيئة وظاهرة “إل نينيو” المناخية المسببة لارتفاع درجات الحرارة.

وبالتالي فإن الانشطة البشرية المرتبطة بالصناعة والتعدين تلعب دورا في زيادة غاز ثاني أكسيد الكربون، كقطع الغابات. كما ان الانشطة المرتبطة بصناعة النفط والغاز تعد من المصادر الرئيسية لانبعاث غاز الميثان.

والاربعاء 17 مايو/آيار 2023 أشارت الأمم المتحدة إلى أن هناك احتمال بنسبة 98% أن تصبح إحدى السنوات الخمس المقبلة على الأقل، “بل وفترة الخمس سنوات بأكملها، الأكثر دفئا على الإطلاق”. وفي هذا السياق أوضحت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إلى أن درجات الحرارة العالمية ستتخطى قريبا اتفاق باريس الأكثر طموحا حول المناخ، وتنص اتفاقية باريس بشأن المناخ الموقعة في العام 2015 على ضرورة عمل الدول الموقعة على حصر الاحترار المناخي بدرجتين مئويتين كحد أقصى، وذلك مقارنة بمعدلات ما قبل الثورة الصناعية في منتصف القرن التاسع عشر، وبـ1,5 درجة مئوية إذا أمكن.

والملاحظ اليوم ان مساحات واسعة من العالم بدأت تعاني من الجفاف، كما هو الحال في مساحات واسعة من الصين والهند واوروبا، وبالمقابل ارتفاع كميات التساقط في مناطق أخرى كما هو حاصل في اجزاء من الهند وعدد من دول افريقيا وآسيا.

يقول أندرو وينستون، مؤلف كتاب “المحور الكبير اننا نحتاج لاستراتيجيات جذرية وعملية لمواجهة عالم أكثر سخونة، وندرة وانفتاحا، مؤكدا أنه “سيكون لزاما على كل شخص أن يفهم التغير المناخي بنفس الطريقة التي يُفترض أن يفهم بها كل من يعمل في مجال الأعمال كيفية استخدام وسائل التواصل الاجتماعي اليوم”. فتغير المناخ حاليا قد يؤدي إلى حصول كوارث متعلقة بالمناخ، كالجفاف والأعصاير، والتي ستؤثر بشكل كبير على المصالح الاقتصادية ومستقبل شركات التأمين، التي تدفع الملايين مقابل الأضرار التي تلحق بالناس وممتلكاتهم، ما يعني أن حدوث اضطراب في مكان ما من العالم، يمكن أن يؤثر بالطبع على أماكن أخرى، كما حصل عند وقوع زلزال اليابان في أبريل/نيسان 2016، والذي دمر عددا من المصانع التابعة لشركة تويوتا الشهيرة للسيارات، مما دفع الشركة لتعليق إنتاجها. كما ان القطاع الصحي لن يكون بمنأى عن تأثيرات تغير المناخ، فبالإضافة إلى التأثير على كميات المياه النظيفة والأطعمة، فإن زيادة درجات الحرارة تزيد أيضا من فرص تعرض بعض المناطق الفقيرة لأمراض مثل الملاريا وحمى الضنك، وربما كان وباء “زيكا” الحديث قد تفاقم بسبب أنماط الطقس الأكثر حرارة، وفي هذا السياق تتوقع منظمة الصحة العالمية أنه في الفترة ما بين 2030 و2050، سيؤدي التغير المناخي لوفاة ما يقرب من 250 ألف شخص حول العالم.

ومن المخاطر التي سيواجهها العالم نتيجة التغير المناخي هي حدوث تحول جذري في الطقس وأزمات مياه وكوارث طبيعية كبيرة، ما سيؤدي إلى ظهور معضلات امام الحكومات الوطنية للتخفيف من تلك المخاطر، خاصة الدول الفقيرة، التي تعاني من مشاكل اقتصادية.

تفيد تقارير دولية ان التغير المناخي سيؤدي إلى أن يكون الاحترار على أشده فوق اليابسة وعند معظم خطوط العرض الشمالية العليا، بينما يقل إلى حده الأدنى في المحيط الجنوبي وأجزاء من شمال المحيط الأطلسي.

كما سيؤدي إلى انكماش مساحة منطقة الغطاء الجليدي، وزيادة في عمق الذوبان في معظم الأراضي دائمة التجمد، وتقلص مساحة الرقعة الجليدية فوق البحار.

وتذهب بعض التقارير إلى التكهن بانه بحلول الجزء الأخير من القرن الحادي والعشرين فإن الجليد البحري يكاد يختفي كليا في أواخر الصيف في القطب الشمالي، وترجح دراسات مناخية قياسية حدوث زيادة في تكرار وقوع ظواهر الحرّ المتطرفة، والموجات الحارة، والهطول الشديد، وزيادة في شدة الأعاصير المدارية؛ وتدن في الثقة بالانخفاض العالمي لعدد الأعاصير المدارية، وتحول في مسارات العواصف التي تهب في شمال المنطقة المدارية في اتجاه المنطقة القطبية الشمالية، والذي سيتبعه تغيرات في الرياح، والهطول، وأنماط درجات الحرارة.

وفي ذات السياق يرى مناخيون ان الهطول سيزداد عند خطوط العرض العليا، ويقل في معظم مناطق اليابسة شبه المدارية. ويتوقع آخرون بأنه بحلول منتصف القرن الحالي سيزداد جريان الأنهار السنوى وتوافر المياه عند خطوط العرض العليا (وفي بعض المناطق المدارية الرطبة)، وينقص الجريان في بعض المناطق الجافة عند خطوط العرض الوسطى وفي المناطق المدارية، ويتوقع اخرون أن العديد من المناطق شبه القاحلة مثل حوض البحر المتوسط، وغرب الولايات المتحدة، والجنوب الأفريقي، وشمال شرق البرازيل) ستعاني نقصا في موارد المياه.

ووضع باحثون وخبراء مناخ واقتصاديون مصفوفة توقعات مزمنة للتأثيرات التي سترافق التغير المناخي لكل قارة، مبنية على حجم انبعاث الغازات الدفينة وتوقعات كمياتها مستقبلا، كما يلي:

افريقيا

– تعرض ما بين 75 و250 مليون شخص لارتفاع في الإجهاد المائي الناشئ عن تغير المناخ.

– ستشهد بعض البلدان انخفاضا بنسبة تصل إلى 50% في المحاصيل الزراعية التي تعتمد على الأمطار.

– سيتعرض الإنتاج الزراعي وإمكانية الوصول إلى الغذاء للخطر في العديد من البلدان الأفريقية، ما سيزيد من التأثير السلبي على الأمن الغذائي وتفاقم مشكلة سوء التغذية.

– قبيل نهاية القرن الحادي والعشرين بسنوات معدودة سيؤثر ارتفاع مستوى سطح البحر على المناطق الساحلية المنخفضة كثيرة السكان.

– تكلفة التكيف يمكن ألا تقل عن نسبة تتراوح بين 5% و10% من الناتج المحلي الإجمالي.

– يتوقع زيادة مساحة المناطق القاحلة وشبه القاحلة في أفريقيا بنسبة تتراوح بين 5 و8% بحلول العام 2080.

آسيا

– من المتوقع أن يقل بحلول خمسينيات القرن الحادي والعشرين توافر المياه العذبة في وسط آسيا، وجنوبها، وشرقها، وجنوب شرقها، خاصة في أحواض الأنهار الكبرى.

– ستكون المناطق الساحلية، خاصة مناطق الدلتاوات الكبرى المكتظة بالسكان في جنوب آسيا، وشرقها، وجنوب شرقها عرضة لأكبر المخاطر بسبب ازدياد الفيضانات البحرية، وفيضان الأنهار في بعض الدلتاوات الكبرى.

– من المتوقع مضاعفة الضغوط التي تخضع لها الموارد الطبيعية والبيئة والتى ترتبط بعملية التوسع الحضري السريع والتصنيع والتنمية الاقتصادية.

– من المتوقع أن يشهد شرق آسيا وجنوبها، وجنوب شرقها، زيادة في معدلات الإصابة بالأمراض المتوطنة ومعدلات الوفاة بسبب مرض الإسهال المرتبط أساسا بالفيضانات والجفاف، بسبب التغيرات المتوقعة في الدورة الهيدرولوجية.

استراليا ونيوزلندا

– من المتوقع ان تحدث في استراليا ونيوزيلندا خسارة كبيرة في التنوع الأحيائي في بعض المواقع الغنية إيكولوجيا، وان تشتد مشاكل الأمن المائي بحلول العام 2030 في شرق وجنوب أستراليا، وفي نورثلند وبعض المناطق الشرقية من نيوزيلندا.

– من المتوقع انخفاض إنتاج الزراعة والحراجة في معظم جنوب وشرق أستراليا، وفي بعض الأجزاء الشرقية من نيوزيلندا بسبب ازدياد الجفاف والحرائق بحلول العام 2030.

– من المتوقع تسجيل فوائد أولية في بعض المناطق الأخرى في نيوزيلندا بحلول العام 2050 ما سيؤدي إلى تطوير السواحل والنمو البشري في بعض مناطق أستراليا ونيوزيلندا، لكن ذلك سيفاقم مخاطر ارتفاع مستوى سطح البحر وزيادة شدة وتواتر العواصف والفيضانات الساحلية.

اوروبا

– من المتوقع أن يزيد تغير المناخ من الاختلافات الإقليمية على صعيد الموارد والأصول الطبيعية في أوروبا، حيث سيزداد خطر حدوث الفيضانات الداخلية المفاجئة وازدياد تواتر الفيضانات الساحلية وازدياد التحات بسبب العواصف وارتفاع مستوى سطح البحر.

– من المتوقع ان تواجه المناطق الجبلية تراجعا في الأنهار الجليدية، وتقلص الغطاء الجليدى والسياحة الشتوية، وخسارة كبيرة في الأنواع (تصل نسبتها في بعض المناطق إلى 60% بحلول العام 2080).

– من المتوقع أن تتردى الأحوال في جنوب أوروبا بسبب ارتفاع درجات الحرارة والجفاف.

– من المتوقع تناقص توفير المياه، وإمكانيات الطاقة المائية، والسياحة الصيفية، وإنتاجية المحاصيل بشكل عام.

– من المتوقع زيادة المخاطر الصحية بسبب موجات الحر وتواتر الحرائق الهائلة.

أمريكا اللاتينية

– من المتوقع بحلول منتصف القرن الحادي والعشرون ان تؤثر الارتفاعات في درجة الحرارة والانخفاضات المرتبطة بها في مياه التربة إلى الاستبدال التدريجي للغابات الاستوائية بالسافانا شرق الأمازون.

– من المتوقع ظهور ميل إلى حلول الغطاء النباتي الذي يوجد في المناطق القاحلة محل الغطاء النباتي للمناطق شبه القاحلة.

– من المتوقع حدوث خسارة كبيرة في التنوع الأحيائي في شكل انقراض أنواع في مناطق مدارية عديدة في أمريكا اللاتينية.

– من المتوقع انخفاض إنتاجية بعض المحاصيل المهمة و إنتاجية الحيوانات الزراعية، ما يؤدي إلى عواقب سلبية على الأمن الغذائي.

– من المتوقع أن تزداد محاصيل فول الصويا في المناطق المعتدلة، وزيادة عدد الذين يعانون من خطر الجوع (ثقة متوسطة).

– من المتوقع أن تؤثر التغيرات في أنماط الهطول وزوال الأنهار الجليدية تأثيرا كبيرا على توافر المياه للاستهلاك البشرى، والزراعة، وتوليد الطاقة.

أمريكا الشمالية

– من المتوقع أن يسبب الاحترار في الجبال الغربية انخفاضا في التراكم الثلجي، وزيادة في الفيضانات الشتوية، وانخفاضا في التدفقات الصيفية، وتفاقم التنافس على الموارد المائية الموزعة توزيعا زائدا.

– من المتوقع أن تشهد العقود الأولى من هذا القرن تغيّرا معتدلا في المناخ يؤدى إلى زيادة في إجمالى محاصيل الزراعة البعلية بنسبة تتراوح بين 5% و20%، ولكن مع اختلافها من منطقة إلى أخرى.

– من المتوقع ظهور تحديات جسيمة في وجه المحاصيل القريبة من أعلى درجات الحرارة المناسبة لها، أو المحاصيل القريبة التى تعتمد على مصادر مائية تستخدم بكثافة.

– من المتوقع أن تواجه في أثناء هذا القرن المدن التي تتعرض حاليا لموجات حرّ مزيدا من التحدي، بزيادة عدد موجات الحر وكثافتها ومدتها، مع احتمال تسجيل آثار ضارة بالصحة.

– ستتعرض المجتمعات والبيئات الساحلية إلى مزيد من الضغوط بسبب آثار تغيرالمناخ التي تتفاعل مع التنمية والتلوث.

– من المتوقع تعرض المجتمعات والبيئات الساحلية إلى مزيد من الضغوط بسبب آثار تغيرالمناخ التي تتفاعل مع التنمية والتلوث.

المنطقتان القطبيتان

– من المتوقع انخفاض في سُمك ونطاق الأنهار الجليدية، والصفائح الجليدية، والجليد البحري، والتغيرات في الأنظمة الإيكولوجية الطبيعية مع ما يرافقها من آثار ضارة بالعديد من الكائنات مثل الطيور المهاجرة، والثدييات، والحيوانات المفترسة الكبيرة.

– من المتوقع ان تكون الآثار مختلطة بالنسبة للمجتمعات البشرية في القطب الشمالي، خاصة الآثار الناشئة عن تغير أحوال الثلوج والجليد.

– من المتوقع ان تشتمل الآثار الضارة البنى الأساسية وطرق عيش السكان الأصليين التقليدية.

– من المتوقع أن تكون نظم إيكولوجية وبيئات محددة في منطقتي القطبين عرضة للتأثر نتيجة انخفاض الحواجز المناخية التى تقف في وجه غزوات الأنواع.

– من المتوقع أن يفاقم ارتفاع مستوى البحر من الغمر، ومد العواصف، والتحات، والمخاطر الساحلية الأخرى، مما يهدد البنية الأساسية والمستوطنات والمنشآت الحيوية الداعمة لمعيشة المجتمعات الجزرية.

– من المتوقع أن يؤثر تردي أحوال السواحل على الموارد المحلية، كتحات الشواطىء وإبيضاض الشعب المرجانية.

– من المتوقع بحلول منتصف هذا القرن تقليل موارد المياه في العديد من الجزر الصغيرة كجزر الكاريبى والمحيط الهادئ، إلى درجة لا تكفي هذه الموارد عندها لتلبية الطلب عليها في أثناء فترات تدني هطول الأمطار.

– من المتوقع ارتفاع درجات الحرارة، وزيادة غزوات الأنواع الداخيلة، خاصة في الجزر الواقعة عند خطوط العرض الوسطى والعالية.

المصدر : موقع عرب جورنال
المادة الصحفية : تم نقلها حرفيا من المصدر