ميادة العواضي

 

ينظر الكثير من المكفوفين إلى فقدانهم للبصر على أنها مجرد حالة مرضية لا تعني أبدا أنها عائق أمام أحلامهم التي يسيعون ويبذلون جهوداً مضاعفة لتحفيفها.

من خلال لقائي بالعديد من المكفوفين تستطيع تلمس القوة بمجرد جلسوك معهم لدقائق، فأنا لم تكن لدي فكرة عن قدراتهم العالية في التكيف مع فقدان البصر وتطويع ما يحيط بهم لتسهيل الواقع والمضي قدماً ليضعوا بصمتهم في الحياة وتحقيق سعادتهم التي يستحقونها.

البصر نعمة من نعم الله التي لا تحصى، ويكفي أن تغمض عينيك لتدرك أهميته وكيف أنك لا تتخيل العيش بهذه الطريقة مع احساسك بوجود حاجز بينك وبين العالم، وذلك مالم يشعر به العديد من المكفوفين الذين يعيشون التجربة مع الإصرار على العيش بكل إرادة وتحدي.

ولكن يظل المجتمع يقف أحياناً كثيرة عائقاً أمام هذه الإرادة في الحياة، تارة بسلب حقوقه المنصوص عليها وتارة أخرى بالتنمر عليه.

يعاني الأشخاص ذو الإعاقة من المعاملة السيئة والإساءة اللفظية والتي تصل إلى الاعتداء الجسدي في بعض الأوقات، من قبل الأهل أو من قبل المجتمع المحيط بهم وهذا ما يسبب لهم الشعور بالنقص الذي يؤدي الى العدوانية المباشرة وغير المباشرة.

 

التنمر منذ الصغر

ويرى العديد من الباحثون أن عدوانية الكفيف تبدأ منذ الصغر حيث يتعرض الطفل الكفيف لأشكال عديدة من التنمر فيلجأ الى الدفاع عن نفسه بحثاً عن الأمان من أي تصرف من الطرف الأخر بقصد الايذاء، ويصاحب التنمر للطفل الكفيف سلوكيات كالشعور بالعصبية والاندفاع المضر للكفيف نفسه ولغيره.

ويؤدي تعامل الأهل المفرط الحساسية مع الكفيف في المنزل، الى نتائج عكسية لما تمثله من انفصال الكفيف عن الواقع الذي يصطدم به عند الخروج الى الواقع الخارجي ويجد صعوبة في التعامل مع الاخرين.

ولمساعدة الطفل الكفيف على التأقلم فيجب اكسابه مهارات للاعتماد على نفسه مثل تركة يلعب لوحده ببعض الألعاب، وادماجة في المجتمع المحيط به قدر المستطاع واعطاءه المساحة الكافية التي يشعر بها الكفيف بانه ليس محاصراً بالشفقة.

ويتجاهل البعض الأسباب التي تدفع ذوي الإعاقة بشكل عام والمكفوفين بشكل خاص الى التصرف بعدوانية، والتي من ضمنها حرمانهم من حقوقهم. 

يجد الكفيف نفسه عاجزاً أحياناً في مجاراة عالم المبصرين، ليتم ترجمه ذلك بتصرفات عدوانية تجاه المجتمع الذي يرى أنه اساء اليه بتجاهله وعدم اشراكه شراكة حقيقية.

تتولد لدى الكفيف آثار سلبية بسبب تجاهل المجتمع له، كإيجاد صعوبة في الحصول على الصداقات وبالتالي تقل ثقته بنفسه كثيرا فتسبب له عزلة كبيرة.

ويعزو البعض العدوانية بانها نتاج لضغوط المجتمع إما بسبب ارتفاع توقعات الأخرين تجاه الكفيف أو بسبب انخفاض التوقعات التي تسبب استياء بالنسبة للكفيف الذي يري في ذلك استنقاص من حقه في العيش بتكافؤ يضمن له الحياة الكريمة التي يسعى لها كغيرة من الأشخاص.

 

كيف يمكن تفادي الإساءة الى الكفيف؟

وتوجد عدة طرق للتعامل مع الكفيف بحيث يسهل دعمه بطريقه لائقة:

  • من المستحسن تحية الكفيف بصوت عال، وذلك لتجنب احراجه. و حاول التعريف باسمك بصوت عالي وواضح.
  • عند الانتهاء من الحديث مع الكفيف من التهذيب قول أي شيء، لا تفترض فقط أنه سيكون قادرًا على سماعك.
  • لا تشدد على كلمات مثل “انظر” و “وشاهد”.
  • لا تضع افتراضات عن حياة الكفيف.
  • قد لا يريد الكفيف الحديث عن سبب كونه أعمى.
  • اسأله بأدب، “هل تريدني أن أساعدك؟” إذا كانت الإجابة بنعم، اسأل عما يريدك أن تفعله، ولكن إذا كان الجواب لا، فلا تصر عليه.
  • لا يجب عليك طرح أساله مثل أذا ما كان لدى المكفوفين إحساس قوي بالسمع أو الرائحة فهم يعتمدون على هذه الحواس أكثر مما يفعل الأشخاص الذين يبصرون، ولكن ليس صحيحًا أن لديهم قوى عظمى عندما يتعلق الأمر بالسمع والرائحة.