السياسية ـ متابعات:

 

مدخل مركز شرم الشيخ الدولي للمؤتمرات، حيث يقام مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ 2022، COP27

انطلقت فعاليات قمة تغير المناخ السنوية للأمم المتحدة، ابتداء من اليوم الأحد، وهي قمة عنونها البلد المضيف مصر بالـ “لحظة فارقة” في التعامل مع قضية التغير المناخي، فيما تحث الأمم المتحدة الدول على استخدام القمة للتفاوض على “اتفاق تاريخي” لخفض انبعاثات الكربون.

ويحضر القمة أكثر من 120 من قادة الدول إلى منتجع شرم الشيخ المطل على البحر الأحمر.

ويشارك نحو 30 ألف شخص في القمة التي ستستمر لأسبوعين، مع هذا فإن بعض النشطاء رفضوا الحضور بسبب مخاوف بشأن سجل حقوق الإنسان في مصر.

وشهد العام الماضي طقسا قاسيا ولطالما رُبط ذلك بالتغير المناخي.

 

وافتتحت القمة بخطابات من رئيس قمة التغير المناخي، سيمون ستيل، ووزير الخارجية المصري سامح شكري.

وعمل ستيل سابقا وزيرا لخارجية غرينادا، وهي دولة تقع في البحر الكاريبي وتواجه تهديدا وجوديا بسبب التغير المناخي.

وانتخب وزير الخارجية المصري لرئاسة الموتمر خلال الجلسة العامة الافتتاحية للمؤتمر، وافتتح كلمته بتقديم الشكر لسلفه ألوك شارما الذي تولى رئاسة مؤتمر COP26، ولفريقة على جهودهم خلال القمة السابقة التي عقدت في المملكة المتحدة.

ودعا شكري خلال الجلسة الدول المشاركة لإبداء الثقة خلال التفاوضات التي تجري على مدار الأسبوعين المقبلين، قائلا إنه “ليس من المفاجئ أن يعقد مؤتمر هذا العام في عالم يشهد اضطرابات سياسية، لكن هذه التحديات لا ينبغي أن تكون سببًا لتأخير الجهود الجماعية لمكافحة تغير المناخ”.

وكان شكري قال الأسبوع الماضي إن المؤتمر سيكون “لحظة فارقة من أجل خطوة للتعامل مع التغير المناخي”.

وسيكون هناك أيضا خطابات رئيسية من الدبلوماسيين والعلماء بما في ذلك هوسونغ لي، رئيس الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ.

وفي قمة المناخ الأخيرة، في غلاسكو العام الماضي، كانت هناك خطابات قوية من أشخاص مثل رئيسة الوزراء بربادوس ميا موتلي، التي أخبرت جمهورا نابضا بأن ارتفاع درجات الحرارة “درجتان هو حكم بالإعدام” للدول الجزرية.

وسيتحدث قادة العالم يومي الإثنين والثلاثاء، وبمجرد مغادرتهم، ينطلق مندوبو المؤتمر إلى أعمال التفاوض.

ومن المقرر أن يحث رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك قادة العالم على التحرك “بشكل أكبر وأسرع” في الانتقال إلى استخدام الطاقة المتجددة.

وسيلتقي سوناك بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في القمة هذا الأسبوع، ومن المرجح أن يُثار موضوع المهاجرين الذين يعبرون القنال الإنجليزي في قوارب صغيرة.

وفي قمة كوب-26 العام الماضي في غلاسكو، تم الاتفاق على عدد من التعهدات:

  • “التخلص التدريجي” من استخدام الفحم، أحد أكثر أنواع الوقود الأحفوري تلويثا
  • وقف إزالة الغابات بحلول عام 2030
  • خفض انبعاثات الميثان بنسبة 30 في المئة بحلول عام 2030
  • تقديم خطط عمل جديدة بشأن المناخ إلى الأمم المتحدة

وقد دعا ستيل إلى أن تركز هذه القمة على تحويل تعهدات العام الماضي إلى أفعال، و”التحرك نحو التحول الهائل الذي يجب أن يحدث”.

بيد أن كل ذلك سيحتاج إلى المال لتمويل مشاريع تنفيذه.

وتطالب الدول النامية، التي تعد الأكثر تضررا بالتغير المناخي، بالتمسك بالالتزامات السابقة للتمويل.

لكنها تريد أيضا أن يكون هناك نقاش حول تمويل “الخسائر والأضرار”، أي أموال لمساعدتهم على التكيف مع الخسائر التي يواجهونها بالفعل من تغير المناخ، بدلا من مجرد الاستعداد للتأثيرات المستقبلية. ستكون هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها وضع القضية على جدول الأعمال الرسمي للمؤتمر.

وكانت أهمية قضية تغير المناخ واضحة خلال الإثني عشر شهرا الماضية، مع الفيضانات المدمرة في باكستان وكذلك في أماكن مثل نيجيريا، والحرارة الشديدة في الهند وأوروبا في الصيف.

وقبل المؤتمر، تم إصدار سلسلة من التقارير المناخية الرئيسية التي تحدّد التقدم المحرز في الحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري.

قروي يجرف مياه الفيضانات التي جلبتها العاصفة الاستوائية نالغي داخل ممتلكاته في باكور، كافيت، الفلبين

التعليق على الصورة، تسعى البلدان النامية للحصول على الأموال للتعافي من الكوارث المناخية المستمرة

وخلص تقرير فجوة الانبعاثات الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة، إلى أنه لا يوجد “مسار موثوق” للحفاظ على ارتفاع درجات الحرارة العالمية دون العتبة الرئيسية البالغة 1.5 درجة فوق، مستويات ما قبل الصناعة.

وتم الاتفاق على حد 1.5 درجة عام 2015 في اتفاقية باريس في قمة المناخ الحادية والعشرين للأمم المتحدة، كوب 21. وركزت جميع القمم المناخية اللاحقة على تطوير الإجراءات لتحقيق هذا الهدف.

وقال الأمين العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، بيتيري تالاس، لبي بي سي إن بعض الدول تكافح حتى الآن لتحقيق هدف ارتفاع درجة الحرارة بواقع درجة ونصف درجة، ونتجه الآن نحو 2.5 درجة إلى 3 درجات حرارة بدلا من 1.5 درجة.

بالإضافة إلى جميع المفاوضات الرسمية، ستكون هناك مئات الأحداث على مدار الأسبوعين مع المعارض وورش العمل والعروض الثقافية، من الشباب ومجموعات الأعمال ومجتمعات السكان الأصليين والأوساط الأكاديمية والفنانين ومجتمعات الموضة من جميع أنحاء العالم.

ومن المرجح أن يتم إخماد الاحتجاجات، التي عادة ما تكون سمة نابضة بالحياة في مؤتمرات المناخ.

وقد أشرف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي يتولى السلطة منذ 2014، على حملة واسعة النطاق ضد المعارضة. وتقدّر الجماعات الحقوقية أن في البلاد ما يصل إلى 60 ألف سجين سياسي، كثير منهم محتجز من دون محاكمة.

وقال شكري إنه سيتم تخصيص مساحة في شرم الشيخ لتنظيم الاحتجاجات. وعلى الرغم من ذلك، قال نشطاء مصريون لبي بي سي إن العديد من الجماعات المحلية لم تتمكن من التسجيل في المؤتمر.

ثلاث أولويات

بشكل رئيس، تركز أعمال القمة الراهنة للمناخ في شرم الشيخ، على ثلاث أولويات متداخلة، تشمل الانبعاثات الكربونية والمساءلة والتمويل، إذ طالما تتعلق المسألة الرئيسة التي تحدد نجاح المفاوضات من عدمه باستحداث صندوق منفصل خاص بـ”الخسائر والأضرار” وهي تعويضات تدفع عن الأضرار المناخية التي لا عودة عنها.

وتماطل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي اللذان يخشيان اعتماد آلية مفتوحة للتعويضات، على صعيد هذه القضية منذ سنوات، وتشككان في الحاجة إلى آلية مالية منفصلة، إلا أن صبر الدول المتضررة بدأ ينفد، بحسب مراقبين. وعليه، تتخصص أيام القمة التالية لقمة الزعماء على موضوعات كبرى تبدأ بـ”التمويل”، إذ يتناول فيه القائمون جوانب النظام البيئي لتمويل المناخ، بما في ذلك التمويل المبتكر والمختلط والأدوات المالية والأدوات والسياسات التي لديها القدرة على تعزيز الوصول وتوسيع نطاق التمويل، وذلك قبل يوم “العلم” الذي يركز على مناقشة عديد من التقارير العلمية من الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، ثم أيام “الشباب وإزالة الكربون والتكيف والزراعة والتنوع الاجتماعي والمياه والمجتمع المدني والطاقة والتنوع البيولوجي”، وذلك وصولاً لليوم الأخير المخصص للحلول، ويجتمع ممثلو الحكومات والشركات والعلماء المبتكرون لتبادل خبراتهم وأفكارهم بهدف نشر الوعي وتبادل الخبرات وبناء التحالفات والتعاون في المستقبل.

وخلال نسخة المؤتمر السابقة “كوب26” التي استضافتها مدينة غلاسكو الاسكتلندية، أعطيت الأولية لخفض التلوث الكربوني خصوصاً عبر اتفاقات جانبية هندستها المملكة المتحدة مضيفة المؤتمر، لخفض انبعاثات غاز الميثان ولجم قطع أشجار الغابات والرفع التدريجي للدعم على الوقود الأحفوري وتعزيز الانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة. واتفقت الدول على مراجعة تعهدات خفض الكربون سنوياً، وليس كل خمس سنوات، إلا أن بعض الدول قامت بذلك في 2022.

خفض الانبعاثات

وفي شرم الشيخ، ستتواصل الجهود لخفض الانبعاثات مع تقييم أعضاء الوفود والمراقبين للتقدم المحرز على صعيد وعود العام الماضي. وسيكشف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش تقييماً حول تعهدات الشركات والمستثمرين والسلطات المحلية لتحقيق الحياد الكربوني بحلول منتصف القرن الحالي عموماً. وقال، الأسبوع الماضي، “لا يمكن للعالم أن يتحمل مزيداً من الغسل الخضر أو التحركات الزائفة أو المتأخرة”.

وقبل يومين من انطلاق القمة، أمل الأمين التنفيذي لتغير المناخ بالأمم المتحدة سيمون ستيل أن تنتقل “كوب27” من مرحلة الإعداد إلى مرحلة التنفيذ في ما يتعلق باتفاق الحد من الاحتراز العالمي. وقال خلال مؤتمر صحافي افتراضي حضرته “اندبندنت عربية” إن “مؤتمر الأطراف يحتاج إلى إثبات أن هناك تحولاً واضحاً من المفاوضات إلى التنفيذ”، موضحاً أن “مؤتمر باريس (2015) أخبرنا بما ينبغي القيام به، وغلاسكو (2021) حدد كيف نحتاج إلى القيام بذلك، والآن شرم الشيخ معنية بإنجاز الأمور والانتقال من الأقوال إلى الأفعال”، في إشارة إلى اتفاق باريس التاريخي الذي أبرم في فرنسا لوضع حد لظاهرة الاحتباس الحراري وتعهدت فيه الدول تقليل تأثير النشاط البشري على المناخ وهي التعهدات التي من المفترض أن تصبح أكثر طموحاً بمرور الوقت، وأيضاً القمة التي عقدت، العام الماضي، في اسكتلندا وانتهت من كتاب قواعد الاتفاق وذكرت للمرة الأولى في ميثاقها هدف تقليل استخدام الوقود الأحفوري ما مثل انفراجة في الجهود المبذولة للبت في القواعد التي تنظم التجارة الدولية للكربون من أجل التخلص من الانبعاثات.

وبحسب ستيل، فإن “هناك توقعات كبيرة”، هذا العام، بأن الدول التي زادت من استخدام الوقود الأحفوري المحترق ستمنح الضوء الأخضر لتأسيس مرفق تمويلي لتغطية “الخسائر والأضرار”، التي لا يمكن تجنبها أو الرجعة فيها، بحسب الأمم المتحدة، مشدداً على أن الوقت حان لـ”إجراء مناقشة مفتوحة وصادقة حول الخسائر والأضرار”.

تغير المناخ

وعلى الرغم من أن الدول الأغنى وافقت على تزويد الدول الفقيرة بالتمويل اللازم لمعالجة تأثير تغير المناخ، وعلى تكييف اقتصاداتها وتقليل تأثير ارتفاع منسوب البحار أو العواصف والجفاف الأكثر حدة وتكراراً، لكن هذه الوعود لم تتحقق، ما دفع البلدان الفقيرة لمواصلة الضغط من أجل التوصل إلى أساس متفق عليه لتقييم المسؤولية عن الخسائر والأضرار الناجمة عن تغير المناخ وحساب التعويضات.

وخلال العام الحالي وحده، شهد العالم ظواهر جوية قاسية، إذ تسببت الفيضانات الهائلة والحرائق وارتفاع درجات الحرارة في بعض المناطق إلى نتائج كارثية. وحذر تقرير “العلوم” الذي نشر في فبراير (شباط) الماضي، من أن “تغير المناخ بات بالفعل على وشك الخروج عن نطاق السيطرة، وأن مختلف دول العالم، بما في ذلك الدول الغنية، بحاجة إلى البدء في الاستعداد لتأثيرات تغير المناخ والتكيف مع عالم أكثر دفئاً”، موضحاً أن “الظواهر المناخية المتطرفة التي كانت نادرة الحدوث أصبحت أكثر شيوعاً، وباتت بعض المناطق أكثر عرضة للخطر من غيرها”.

أكثر فصول الصيف سخونة

ومن المثير للقلق أن العالم ارتفعت حرارته بالفعل بما يزيد قليلاً على درجة مئوية واحدة منذ بداية الثورة الصناعية. وذكر تقرير للأمم المتحدة أنه حتى لو تم التزام الدول التعهدات التي قطعتها حتى الآن، فإن متوسط درجات الحرارة في طريقه للزيادة بواقع 2.7 درجة مئوية هذا القرن.

وتعد الصين أكبر مصدر لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري في العالم وشهدت، الصيف الماضي، أكثر فصول الصيف سخونة على الإطلاق هذا العام. وفي خطة وطنية للتكيف مع المناخ، قالت إن الطقس شديد السوء يمثل تهديداً متزايداً. ومع ذلك، تزيد البلاد من استخدام الفحم في مواجهة مخاطر أمن الطاقة. وفي وقت تأتي الولايات المتحدة كثاني أكبر مصدر للانبعاثات في العالم، تشكل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من دول الاتحاد الأوروبي، البالغ عددها 27 دولة، نحو ثمانية في المئة من الإجمالي العالمي، لكنها تتجه نحو الانخفاض منذ سنوات.