السعودية والأسلحة وصراع الشرق الأوسط
بقلم: بيتر د. ويزيمان*(صحيفة “در فرايتاج” الألمانية نقلاً عن موقع معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلامsipri.org ، ترجمة: نشوى الرازحي- سبأ)
ركزت العديد من الحكومات في جميع أنحاء الشرق الأوسط بصورة مكثفة على القوة العسكرية كوسيلة أساسية لتطبيق أجنداتها السياسية وبلوغ الأهداف التي ترمي إليها في مجال السياسة الخارجية وكذا للتعامل مع التهديدات المتوقعة داخليا وخارجيا. استخدمت العديد من دول المنطقة جيوشها في الصراعات العنيفة التي أسفرت عن دمار واسع النطاق وأعاقت عملية التنمية الاقتصادية.
لقد باتت العسكرة في المنطقة في أعلى مستوياتها، كما باتت حقيقة أن العديد من الدول قد زادت بشكل كبير من وارداتها من الأسلحة في السنوات العشر الماضية، وأن 7 من أصل 10 دول في العالم التي أتت في صدارة الدول التي سجلت أعلى إنفاق عسكري في العالم اليوم، وجميعها تقع في منطقة الشرق الأوسط.
في هذا المقال الموضوعي يتم تسليط الضوء على تطورات التسلح في المملكة العربية السعودية، البلد الذي يتمتع بأعلى مستويات الإنفاق العسكري وأعلى نسبة واردات أسلحة في الشرق الأوسط. كما يهدف إلى المساهمة في الجهود التي يبذلها معهد ستوكهولم لأبحاث السلام (سيبري SIPRI ) من أجل التوصل إلى فهم أفضل لتأثير العسكرة على الأمن والصراع والسلام والتنمية في المنطقة.
تورط المملكة السعودية في الصراعات الدائرة الشرق الأوسط:
تقود المملكة العربية السعودية منذ ربيع العام 2015 تحالفاً عسكرياً ضد قوات جماعة الحوثيين المتمردة على الحكومة في اليمن. وشمل التدخل غارات جوية وعمليات برية وحصاراً جوياً وبحرياً لليمن. وبدلاً من تحقيق نصر سريع أو إيجاد حل سريع للنزاع، استمر القتال واتُهمت الأطراف المتحاربة بانتهاكات القانون الإنساني الدولي. واتهمت هيئات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية السعودية بهجمات واسعة النطاق و”ممنهجة” على أهداف مدنية. لقد تسبب ذلك الصراع في اليمن بسقوط عشرات الآلاف من الضحايا وبات الوضع هناك يوصف بأسوأ أزمة إنسانية في العالم. لقد أدى القتال – والحصار على وجه الخصوص – إلى تعطيل عملية استيراد الأغذية والوقود والإمدادات الطبية.
كما تشارك الرياض عسكرياً في صراعات أخرى – مثل تقديم الدعم للجماعات المتمردة في سورية، ومحاولة استخدام الدعم العسكري ليكون لها تأثير في لبنان ومكافحة جماعات الأقلية الشيعية في المنطقة الشرقية من المملكة السعودي. وعلى الرغم من أن الصراعات المختلفة في جميع أنحاء الشرق الأوسط معقدة، إلا أن الاعتقاد السائد على نطاق واسع أنه يمكن تفسيرها على نحو جزئي على الأقل بأنها صراعات تدور على بسط النفوذ الإقليمي والحصول على (مثل الصراعات الدائرة بين السعودية وإيران، والمملكة السعودية وقطر) أو إشراك إسرائيل، تركيا، الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة. وعلاوة على ذلك، مشاركتها في الحروب بالوكالة مثل تلك التي تدور في سورية واليمن- كما تظل هناك إمكانية لأن تحدث المواجهة المباشرة بين السعودية وحلفائها وإيران وحلفائها. ويتطلب المستوى العالي من العسكرة في المملكة العربية السعودية تحليلاً لفهم كيفية مساهمة ذلك في قدرة البلد وميله إلى المشاركة عسكرياً في النزاعات والتوترات الإقليمية.
نفقات عسكرية سعودية:
ينعكس مستوى العسكرة المرتفع في أرض الحرمين في ارتفاع مستوى الإنفاق العسكري. يقدر معهد ستوكهولم لأبحاث السلام (سيبري SIPRI ) أن السعودية هي ثالث أكبر بلد منفق عسكرياً في العالم في العام 2017 وهي الدولة ذات الإنفاق العسكري الأكبر على الإطلاق في الشرق الأوسط. وبالنظر إلى الإنفاق في الفترة من 2008 – 2017، وُجد أن إنفاقها العسكري بنسبة 74 بالمائة بين العامين 2008 و 2015 حيث وصل إلى 90,3 مليار دولار أميركي، وهو أعلى مستوى على الإطلاق. وبعد انخفاض أسعار النفط – وما ترتب عليه من انخفاض في الإيرادات الحكومية – انخفض الإنفاق العسكري بنسبة 29 في المائة في العام 2016. وزاد مرة أخرى بنسبة 9,2 في المائة في العام 2017 إلى 69,4 مليار دولار، أي ما يعادل 10 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلد. وعند المقارنة، فإن جميع البلدان الأخرى التي تعد من بين أعلى 15 دولة من حيث الإنفاق العسكري في العالم تخصص أقل من 4,2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للجيش. وكان الإنفاق العسكري قد بلغ 2107 دولار للفرد الواحد في المملكة العربية السعودية، أي أنه أعلى من أي بلد آخر في العالم عام 2017.
من المهم التأكيد على أن الأرقام الخاصة بالإنفاق العسكري السعودي تقديرية لأن الوثائق العامة السعودية بشأن الميزانيات والإنفاق الفعلي لا تحتوي إلا على قدر ضئيل من المعلومات حول الإنفاق العسكري ولا توجد بيانات مصنفة على الإنفاق على القوات شبه العسكرية التي ترفع تقاريرها إلى وزارة داخلية الدولة. وهذا يعكس الافتقار العام للشفافية في الشؤون العسكرية في البلاد.
صناعة السلاح في المملكة:
ونظراً لاستثمارها العام في الجيش، فإن محاولات المملكة العربية السعودية لبناء صناعة أسلحة محلية قد أسفرت عن نتائج محدودة. تتضمن خطة الحكومة لإعادة تنظيم وتنويع الاقتصاد، التي أطلقت في عام 2017 والمعروفة باسم “رؤية 2030)، طموحات مبطنة لتطوير صناعة الأسلحة. والهدف هو “توطين أكثر من 50 في المائة من الإنفاق على المعدات العسكرية [السعودية] بحلول العام 2030” ، مقارنة بنسبة 2 في المائة في عام 2017. وقد تم إنشاء شركة جديدة، وهي الشركة السعودية للصناعات العسكرية، من خلال دمج العديد من الشركات القائمة. وتهدف الشركة السعودية للصناعات العسكرية إلى “الاضطلاع بدور رائد في قطاع الصناعة العسكرية العالمية بحلول العام 2030”. وبالنظر إلى التحديات التي تواجهها السعودية في تطوير قاعدتها الصناعية بشكل عام، والصعوبات التي واجهتها البلدان الأخرى عند السعي للتصنيع العسكري، فإن مدى إمكانية تحقيق هذه الأهداف خلال فترة 14 سنة أمر مشكوك فيه للغاية. ومع ذلك، لا تزال الرياض تعتمد إلى حد كبير على استيراد الأسلحة، ويمكن أن يُتوقع من صناعة الأسلحة السعودية المحلية النامية أن تعتمد على التكنولوجيا والخبرات المستوردة لسنوات عديدة قادمة.
اتجاهات استيراد الأسلحة في السعودية:
على الرغم من التقلبات، كانت المملكة السعودية ثاني أكبر مستورد للأسلحة في العالم في الفترة من 1998 وحتى 2017. كانت هناك فترة تراجع من 2000 وحتى 2008 عندما قامت القوات المسلحة للبلاد بدمج كميات كبيرة من الأسلحة التي صدرت أوامر بها في أعقاب غزو العراق للكويت في العامين 1990 و1991 وتم تسليمها في أواخر التسعينات. وأعقب ذلك زيادة حادة في حجم واردات الأسلحة في الفترة من 2013 وحتى 2017 إلى مستوى أعلى من أي فترة خمس سنوات سابقة وأعلى بكثير من البلدان الأخرى في منطقة الخليج.
استيراد المملكة من الأسلحة المتقدمة:
لقد نتج عن قاعدة بيانات نقل الأسلحة لدى معهد ستوكهولم لأبحاث السلام (سيبريSIPRI ) قائمة طويلة من الأسلحة التي استوردتها المملكة العربية السعودية في الفترة من 2013 وحتى 2017. وبما أن هذه الأسلحة هي أسلحة متطورة بشكل عام، فإن المملكة تعتبر الآن الدولة الأكثر تسليحا في منطقة الخليج من حيث مخزونها من المعدات الحديثة. هناك عدد قليل من الأمثلة الضرورية لتوضيح أنواع الأسلحة التي حصلت عليها المملكة مؤخراً والتي تعتبر مهمة بالنسبة إلى قدرة السعودية على شن حرب في اليمن بينما تقوم في الوقت نفسه بعمليات عسكرية داخلية، مع الحفاظ على قدرة عسكرية على الحدود مع العراق، لتواجه إيران عسكريا و تجعلها تفكر في إمكانية نشر قواتها العسكرية في سورية.
وقد أدى مزيج من مصادر القوة الجوية التي تم شراؤها حديثا إلى زيادة قدرة القوات المسلحة السعودية على الوصول إلى تلك القوات وضربها. تستخدم القوات الجوية للمملكة السعودية عدة أنواع من الطائرات المقاتلة، والتي تم استخدامها جميعها في الحرب على اليمن. ففي فترة التسعينيات، زودت الولايات المتحدة بـ 72 طائرة مقاتلة من طراز F-15S وبدءاً من عام 2016، بدء استبدالها بـ 154 طائرة مقاتلة من طراز F-15 SA ، وهي نسخة حديثة بشكل كبير مطورة من طرازF-15S تم طلبها من الولايات المتحدة الأمريكية في عام 2011. بالإضافة إلى ذلك، تواصل الولايات المتحدة تقديم كميات كبيرة من الذخائر لهذه الطائرات، مثل صواريخ كروز من طراز سلام إي آر مع مجموعة من الصواريخ التي يبلغ مداها280 كيلومتراً، ومجموعة متنوعة من القنابل الموجهة التي استخدمت في اليمن.
كما قدمت المملكة المتحدة طائرات قتالية من طراز تورنادو في التسعينيات للسعودية، وتم تحديث 84 منها في الفترة من 2007 وحتى 2013 لتمكينها من حمل أسلحة موجهة جديدة، مثل صواريخ ستورم شادو كروز التي يبلغ مداها 250 كيلومتراً على الأقل. وقد تم استخدام تلك الأسلحة وغيرها من الأسلحة التي تم تسليمها من قبل المملكة المتحدة في اليمن منذ العام 2015، ولا تزال عمليات التسليم مستمرة. ﮐﻣﺎ ﻗﺎﻣت اﻟﻣﻣﻟﮐﺔ اﻟﻣﺗﺣدة ﺑﺗﺳﻟﯾم 72 طﺎﺋرة ﻣﻘﺎﺗﻟﺔ ﻓﻲ الفترة من 2009 وحتى 2017 وكانت هناك مفاوضات حول عقود بيع لأكثر 48 طائرة أخرى في العام 2018 .
وتستند السعودية في قدرتها الضاربة طويلة المدى على الطائرات، كما أنها تمتلك قدرة صاروخية إستراتيجية إضافة إلى ترسانة صغيرة من الصواريخ الباليستية متوسطة المدى من طراز دي إف-3 (DF-3) يبلغ طولها 2500 كيلو مترا على الأقل وتم توريدها من الصين في عام 1988. وقد كانت هناك مؤشرات على تحديث هذه القوة في عام 2010.
كما أن هناك أسطول صغير من طائرات الصهريج (الناقلة) واسعة المدى والتي تعمل على تعزيز حمولة الطائرات المقاتلة في المملكة السعودية، ولاستكمال أسطولها الحالي من الطائرات، تسلمت المملكة ست طائرات جديدة من طراز A-330 MRTT من شركة “كونسورتيوم” إيرباص عبر أوروبا بين الأعوام 2011 و 2015. وقد تم تسليط الضوء على أهمية أسطول الناقلات هذا في نوفمبر 2018، حيث صرحت الرياض بأنها لم تعد بحاجة لدعم جوي من الولايات المتحدة الأميركية للتزود بالوقود من أجل عملياتها في اليمن، “لأنها قادرة على فعل ذلك بنفسها”. مع ذلك، لا يزال من غير المؤكد مدى استقلال البلد عن الولايات المتحدة في هذا الصدد.
كما تعتبر أجهزة الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع وأجهزة القيادة والتحكم المتطورة أمراً حاسماً بالنسبة للجيش السعودي. وقد تم الحصول على خمس طائرات من طراز E-3 للتحذير والإنذار المبكر المحمول جواً من الولايات المتحدة الأمريكية في ثمانينيات القرن الماضي ويجري حالياً تحديثها على نطاق واسع. بالإضافة إلى ذلك، قدمت السويد طائرتين من طراز Erieye AEW & C في عام 2014.
في الوقت نفسه، تحسّن المملكة العربية السعودية قدرتها على الدفاع ضد الهجمات الجوية والصواريخ. ففي الفترة من 2014 إلى2017، تلقت 21 من أنظمة الدفاع الجوي من طراز باتريوت PAC-3 من الولايات المتحدة الأمريكية، والتي استخدمت بنجاح متفاوت للدفاع عن الرياض وأماكن أخرى في المملكة العربية السعودية ضد الصواريخ الباليستية التي أطلقها الحوثيون من اليمن. وفي نوفمبر 2018 وقعت المملكة على اتفاقية مع الولايات المتحدة الأمريكية لشراء أنظمة ثاد THAAD، أنظمة الدفاع الجوي الصاروخي المتنقل، أكثر الأنظمة المتوفرة تقدماً.
ويزيد التوسع المتزايد في تزود القوات المسلحة السعودية بقدرات الاستهداف المتطورة وتطوير أنظمة الدفاع الجوي والصاروخي من توسيع الفجوة التكنولوجية بين الترسانة السعودية وخصمها الرئيسي في المنطقة جمهورية إيران.
كما يجري تحسين القوات البرية والبحرية السعودية باستمرار. ففي الفترة من 2013 وحتى 2017، على سبيل المثال، تلقى الجيش والحرس الوطني السعودي أكثر من 3 آلاف عربة مدرعة من كل من النمسا وكندا وفرنسا وجورجيا وجنوب أفريقيا وتركيا والولايات المتحدة الأمريكية، والعديد من أنواع السيارات التي تم تسليمها في السنوات الأخيرة كان من الواضح جدا أنها لغرض الاستخدام في الحرب على اليمن.
بدأت القوات البحرية الملكية السعودية، والتي تلعب دوراً هاماً في حصار اليمن، العديد من مشاريع المشتريات الرئيسية في السنوات الأخيرة، بما في ذلك طلبيات لـ 33 قارب دورية على الأقل من ألمانيا في عام 2014، واثنين من زوارق الدورية الكبيرة من فرنسا في 2015 و أربع فرقاطات متطورة للغاية من الولايات المتحدة الأمريكية في عام 2017 و خمس طرادات (سفن حربية قديمة من إسبانيا ) في عام 2018.
يبقى أحد جوانب النشاطات العسكرية السعودية غامضاً على نحو خاص حيث أن المعلومات الموثوقة شحيحة جداً وهو جانب مدى الدعم الذي تقدمه لحلفائها في الشرق الأوسط، وغالباً لتكون منافسة للدعم الذي تقدمه إيران لحلفائها. ولكن،على سبيل المثال، هناك مؤشرات قوية تقول أن المملكة العربية السعودية قدمت كميات كبيرة من الأسلحة إلى القوات المتمردة في سورية وإلى القوات الحكومية أو الجماعات المسلحة ذات الصلة في اليمن. وتلك الأسلحة هي من المخزونات الموجودة في السعودية أو تم شراؤها خصيصاً لهذا الغرض من بلغاريا وكرواتيا وصربيا وغيرها.
من أين تأتي الأسلحة للسعودية؟
في الفترة من 2013 وحتى 2017، وصلت 61 في المائة من واردات المملكة العربية السعودية من الأسلحة من الولايات المتحدة الأميركية و 23 في المائة من المملكة المتحدة. وقدمت عدة بلدان أخرى في أوروبا الغربية معظم النسبة البقية.
أما جهود الصين وروسيا لبيع الأسلحة إلى السعودية فقد حققت نجاحاً محدوداً. ومع ذلك، لا تزال عمليات تسليم الطائرات بدون طيار من الصين منذ عام 2014 – بالمقابل مع العدد القليل منها المقدم الولايات المتحدة والمملكة المتحدة مقارنة ببقية الأسلحة – كبيرة حيث أنها يمكن تشكل البداية للسعودية في سبيل سعي السعودية لتنويع مصادر أسلحتها البلدان الغربية.
ومن المحتمل أن يكون الدافع وراء هذا التنويع هو الجهود الرامية إلى تحسين موقفها المساوم في سوق الأسلحة، وتوسيع شبكة السياسة الدولية وتعميقها، والتقليل من آثار سياسات تصدير الأسلحة التقييدية التي تفرضها الدول الحالية الموردة على شراء الأسلحة من قبل المملكة السعودية. وقد كان هذا الدافع الأخير ذو أهمية متزايدة حيث أعلنت عدد من الدول الأوروبية التي تنتقد استخدام السعودية للقوة العسكرية في اليمن على التوالي فرض قيود صارمة على صادرات الأسلحة إلى المملكة. حيث كانت هولندا هي أو من افتتح هذه الطريق في أوائل العام 2016 وبحلول أواخر عام 2018، تلتها كل من ألمانيا وفنلندا والدنمارك. في حين، ناقش المصدرون الرئيسيون للأسلحة في أوروبا إلى السعودية – مثل المملكة المتحدة وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا – مثل هذه القيود ولكنهم لم ينفذوها.
وقد دارت مناقشات مماثلة حول الحد من مبيعات الأسلحة إلى المملكة في الولايات المتحدة الأمريكية. ومع ذلك، قررت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ج. ترامب عدم السير في هذا الطريق، بحجة أن إمدادات الأسلحة مهمة للحفاظ على العلاقات بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية. كما ترى الإدارة الأمريكية أن السعودية تلعب دوراً حاسماً في الحفاظ على الأمن في الشرق الأوسط كحصن ضد الإرهاب وكلاعب رئيسي في مواجهة النفوذ الإيراني. بالإضافة إلى ذلك ، جادل ترامب بأن مبيعات الأسلحة إلى الرياض هي مصدر رئيسي لعائدات التصدير وتشمل عدداً كبيراً من الوظائف. في حين أن الحجج المتعلقة بالأمن يصعب تحديدها، فقد لاقت الحجج الاقتصادية انتقادات شديدة على أنها مبالغ فيها. وعلى سبيل المثال، ووفقًا لمصادر في الحكومة الأمريكي، بلغت قيمة شحنات السلع والخدمات العسكرية إلى السعودية ذروتها في العام 2017 بمبلغ 6,2 مليار دولار ، أو 0,27 في المائة من إجمالي السلع والخدمات المصدرة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية في العام 2017.
الاستنتاجات:
إن عدم الشفافية في الأمور العسكرية يجعل من الصعب تحديد المدى الذي ترتكز عليه المستويات المرتفعة للإنفاق العسكري وشراء الأسلحة في المملكة العربية السعودية من خلال الدوافع الدفاعية أو الهجومية، أو الاعتبارات العسكرية أو اعتبارات (البرستيج) الهيبة، أو السلطة الداخلية، أو إمكانية قيام المسؤولين الحكوميين بإثراء أنفسهم. ومع ذلك، من الواضح أن السعودية لم تعد تقوم بتخزين الأسلحة. إنها في الواقع تستخدمها على نطاق واسع في عملياتها الهجومية على اليمن. وينبغي عدم استبعاد الاستعدادات لاستخدام القوة المسلحة في أماكن أخرى كدافع لاستمرار ارتفاع مستوى العسكرة لديها.
وقد تفهم المملكة فشلها في كسب الحرب في اليمن على أنه أمر ضروري نتيجة القيود المفروضة على ترسانتها العسكرية هذا من ناحية ومن ناحية أخرى، يمكن أن تنظر إلى العمليات في اليمن على أنها تحول دون الاستيلاء التام على اليمن من قبل حلفاء إيران، وتجبر الحوثيين على خوض مفاوضات بعد أن كانت العمليات قد أتاحت الفرصة لقواتها المسلحة لاكتساب خبرة كبيرة في الحرب. إن هذه التصورات، إلى جانب المزيد من عمليات اقتناء الأسلحة التي تعزز طاقة قواتها المسلحة كما أنها قد تشجع القيادة السعودية على النظر إلى استخدام القوة كجزء أساسي بصورة متزايدة في سياستها الخارجية ولبلوغ مآربها المتمثلة بأن أن تكون هي القوة الإقليمية وردود الفعل على التهديدات الحقيقية أو المُتصورة من جانبها، بالإضافة إلى إيران ، قطر، أو المجموعات الداخلية.
وعموماً، توضح الحرب السعودية على اليمن بشكل دراماتيكي أن هناك مخاطر كبيرة على الأمن الوطني والإقليمي والاستقرار والسلام والتنمية والحالة الإنسانية التي ترتبط بالسياسات الخارجية والأمنية العسكرية في الشرق الأوسط. ولذلك ينبغي على الدول إعادة تقييم العواقب المحتملة على المدى القصير والطويل لصادراتها من الأسلحة إلى المملكة السعودية، وضمان ألا يؤدي السعي للمكاسب الاقتصادية إلى الدفع بمبيعات الأسلحة والتفكير في كيفية جعل إمدادات الأسلحة تلعب دوراً في قرار الصراع الدائر في الشرق الأوسط.
ــــــــــــــــــــــ
*بيتر د. ويزيمان، باحث رئيسي في معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (سيبري) في برنامج نقل الأسلحة والإنفاق العسكري