السياسية:

يحذر المجتمع الدولي من مخاطر أزمة الغذاء العالمية المرتبطة بالحرب الدائرة في أوكرانيا.

في حين أن أوكرانيا وروسيا من أكبر المنتجين والمصدرين العالميين للحبوب، وخاصة القمح، تستخدم موسكو الغذاء للضغط على صناع القرار في الغرب.

وراء هذه المعركة الدبلوماسية حول الحبوب، التي ترتفع أسعارها في الأسواق، مما يحرم البلدان المستوردة من هذه السلع، ما الذي يحدث بالفعل؟ أزمة الغذاء: ما الذي نتحدث عنه؟ عناصر الاستجابة.

حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش في 18 مايو المنصرم، من أن الحرب في أوكرانيا وضعت العالم في نهاية فبراير «تحت شبح نقص الغذاء العالمي».

منذ ذلك الحين، ارتفعت وتيرة صرخات الإنذار من الأمم المتحدة، التي تخشى من تفشي «إعصار المجاعات»، خاصة في البلدان الأفريقية التي تستورد أكثر من نصف قمحها من أوكرانيا أو روسيا.

يوم السبت الماضي، قال الاتحاد الأوروبي – متهماً روسيا بتعريض العالم لخطر المجاعة- إنه مستعد للعمل مع الأمم المتحدة «لمنع أي تأثير غير مرغوب فيه لعقوباتنا على الأمن الغذائي العالمي».

اقترحت المفوضية الأوروبية مبلغاً إضافياً قدره 600 مليون يورو لدول في إفريقيا ومنطقة البحر الكاريبي والمحيط الهادئ، التي تعاني من ارتفاع أسعار الحبوب المرتبطة بالحرب في أوكرانيا.

سيضاف هذا المبلغ إلى مظروف بقيمة مليار يورو، وعد به بالفعل الاتحاد الأوروبي لمحاربة مخاطر المجاعة في القارة الإفريقية.

ويوم الجمعة، سوف يعقد مؤتمر دولي حول أزمة الغذاء في برلين، يحضره أنتوني بلينكين، رئيس الدبلوماسية الأمريكية.

بعد هذه المعركة الدبلوماسية التي يدور رحاها بين روسيا من جهة والغرب من جهة أخرى، ما الذي يجري بالفعل؟ أزمة الغذاء: ما الذي نتحدث عنه؟

– كم عدد الأشخاص الذين القت المجاعة بظلالها عليهم؟

بحسب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (PNUD) يواجه اليوم أكثر من 200 مليون شخص حول العالم الجوع الشديد.

ومن جانبها، اشارت منظم ة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) إلى أن الوضع لن يتحسن، حيث: «يتعرض 11 إلى 19 مليون شخص آخر لخطر المجاعة خلال الفترة ما بين 2022-2023».

– ما هي البلدان الأكثر تضررا من المجاعة؟

تقول التقارير الصادرة عن منظمة الأغذية والزراعة وبرنامج الأغذية العالمي في أوائل يونيو، أن البلدان التي يكون الوضع فيها أكثر خطورة هي: إثيوبيا، ونيجيريا، وجنوب السودان واليمن، إلى جانب أفغانستان والصومال، حيث أن شروط الحصول على طعام صحي «كارثي».

وفي جمهورية الكونغو الديمقراطية، وهايتي، والساحل، والسودان وسوريا، تعتبر هاتان المنظمتان الحالة «مقلقة للغاية»، مع «تدهور الظروف الحرجة».

تشمل «مناطق الجوع الساخنة» الأخرى كينيا وسريلانكا والبلدان الساحلية في غرب إفريقيا (بنن وكابو فيردي وغينيا)، بالإضافة إلى أنغولا ولبنان ومدغشقر وموزمبيق، والآن أوكرانيا وزمبابوي.

– ما هي أسباب حالات «أزمة الغذاء» هذه؟

ترتبط المجاعة أو خطر الوقوع في شرك المجاعة في هذه البلدان بأسباب متعددة ومتنوعة:

– حالات الحرب (مثل سوريا وأوكرانيا على سبيل المثال).

– مشاكل المناخ، مثل الجفاف الذي يؤثر على بلدان القرن الأفريقي (إثيوبيا والسودان والصومال وكينيا…).

– الافتقار إلى الحكم الرشيد والسياسات الزراعية، حتى الغائبة.

وهذا ما يجعل بعض هذه البلدان تعتمد اعتماداً كبيراً على الواردات، وفي حين أن روسيا وأوكرانيا هما من أكبر منتجي ومصدري القمح في جميع أنحاء العالم، فقد أدى الصراع في أوكرانيا إلى تفاقم وضع السوق المتوتر بالفعل، حيث كانت الأسعار ترتفع بالفعل قبل الحرب.

– ما هي مسؤولية الحرب في أوكرانيا في هذه «الأزمة الغذائية»؟

يقول فيليب تشالمين، الأستاذ في باريس دوفين المتخصص في أسواق السلع الأساسية: “أزمة الغذاء العالمية لا ترتبط ارتباطاً مباشراً بالحرب الروسية الأوكرانيه، بل بالوضع في الأسواق العالمية”.

الوضع خطير ولكن الصلة بين الحرب في أوكرانيا وأزمة الغذاء مبالغ فيها، بالتأكيد ارتفع سعر القمح، لكن في الوقت نفسه، انخفض سعر مادة الأرز العام الماضي، باعتباره سلعة مهمة في بعض انحاء العالم “.

لقد أدت الحرب في أوكرانيا إلى تفاقم الوضع المتوتر بالفعل في الأسواق العالمية للحبوب والذرة والقمح بشكل خاص.

كانت أسعار السلع الزراعية في ارتفاع متزايد بالفعل قبل حلول شهر فبراير، حيث كان سعر القمح، أساس الغذاء 200 يورو للطن الواحد في يوليو من العام 2021 وارتفع إلى 400 يورو للطن في مايو 2022.

نتجت هذه الزيادة في أسعار القمح عن سلسلة من الظروف:

– الجفاف في كندا الصيف الماضي.

– الطقس العاصف في القارة الأوروبية الذي أدى إلى فشل المحاصيل.

– ضاعفت الصين وارداتها من الحبوب ثلاث مرات في العام 2021 مقارنة بعام 2019.

يوضح آرثر بورتير، المستشار في شركة اجريتيل، وهي شركة استشارية متخصصة في أسواق السلع الأساسية في القطاع الزراعي: “نتيجة لذلك، نجد أنفسنا في حالة من عدم التوازن بين العرض والطلب”.

وبشكل ملموس، كان للأزمة في أوكرانيا أثر في رفع أسعار بعض الحبوب، حيث بلغ سعر القمح 150 دولاراً للطن الواحد خلال عام واحد.

وهذا يثير مشاكل مالية للبلدان التي تعتمد بشدة على الواردات ولم تعد قادرة على الدفع.

وقال فيليب تشالمين إن هذه الدول اليوم «تخرج عن صمتها لأن الفاتورة الباهظة أصبح من الصعب جداً تحمل تكاليفها».

ما هي الحلول؟

بسبب المشاكل اللوجستية المتعلقة بشكلٍ مباشرة بالصراع الروسي الأوكراني (دمرت البنية التحتية، وأغلقت الموانئ)، يجب على البلدان التي تشتري قمحها من روسيا أو أوكرانيا إيجاد مصادر أخرى للإمداد.

قال آرثر بورتييه: «يجب على تونس والمغرب وباكستان والعراق وإيران وبنغلاديش، المستوردين الرئيسيين للقمح، اللجوء إلى فرنسا ودول البلطيق والأرجنتين وأستراليا والولايات المتحدة الأمريكية».

الوضع بسيط إلى حد ما حسب البلد، حيث يمكن للجزائر ونيجيريا، اللتان لديهما موارد نفطية وغازية، شراء القمح، لكن بالنسبة لدول أخرى، مثل تونس ومصر، اللتين لا تملكان نفس الثروة المالية، قد يضطران إلى التقنين ومواجهة مشاكل الإمداد”.

هل سوف يكون الظرف الأوروبي لمساعدة البلدان المعتمدة والمتأثرة بزيادة الأسعار في الأسواق كافياً؟

يقول خبير في الأجريتيل: «هذه الإجراءات ليست مستدامة على المدى الطويل»، وبينما تضغط الأمم المتحدة وبعض الدول كذلك من أجل فتح ممر بحري يسمح باستئناف الصادرات الأوكرانية، «لن يحل هذا أزمة الغذاء في عدد من البلدان التي اعتادت الاستيراد بشكل سيء».

وبحسب اللخبيرين، فإن الحل الأكثر قابلية للتطبيق على المدى الطويل، ولكنه لن يمنع المجاعات على المدى القصير، سوف يكمن في مساعدة البلدان التي لم تعد مكتفية ذاتياً، لتصبح كذلك مرة أخرى…

بقلم: كليمنتين ماليغورن
باريس, 7 يوليو 2022(صحيفة “لا تخبين la tribune-” الفرنسية – ترجمة: أسماء بجاش, الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)
* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع