تأثير الحرب في أوكرانيا على منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
السياسية:
بقلم: فريد بلحاج* واشنطن, 14 مارس 2022( موقع “ميدل ايست انستيتيوت” الأمريكي – ترجمة: انيسة معيض, الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)
فاجأ التطور السريع للحرب في أوكرانيا وعواقبها الإنسانية الرهيبة الكثيرين منا, إن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا معرضة للأسف لمثل هذا العنف الأخرق.
تبدو المنطقة وكأنها جارة بعيدة، بمسافة تقارب 1000 كيلومتر فقط إذا قمنا بتتبع خط مستقيم وهمي من أوكرانيا إلى بلدان في الشرق الأوسط.
من الناحية الاقتصادية، فإن بعض دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا قريبة جداً من أوكرانيا وروسيا كشركاء تجاريين.
على هذا النحو، ستؤثر آثار الأزمة مادياً- على الرغم من تباينها- على اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وللأسف، يمكن أن يكون لها تأثير سلبي مضاعف على الأمن الغذائي والرفاهية في جميع أنحاء المنطقة.
هذا، بالإضافة إلى كوفيد-19, وتعطل سلسلة التوريد والقضايا المحلية الخاصة بكل بلد.
من الناحية التخطيطية، يمكننا تلخيص القنوات الرئيسية للتأثير في خمس فئات:
– 1صدمات: أسعار الغذاء(خاصة القمح).
– 2: ارتفاع أسعار النفط والغاز.
– 3: النفور العالمي من المخاطر والهروب إلى الأمان (مما قد يؤثر على رأس المال الخاص في الأسواق الناشئة ككل).
– 4: التحويلات المالية.
– 5: السياحة.
لا يمكن أن يكون هناك رابحون في حرب مدمرة مثل حرب أوكرانيا، لكن الدول المصدرة للنفط والغاز مثل قطر والمملكة العربية السعودية والكويت وليبيا والجزائر قد تشهد تحسناً في كل من الموازين المالية والخارجية ونمو أعلى.
ومن المرجح أن تشهد الدول المصدرة للغاز على وجه الخصوص زيادة هيكلية في الطلب من أوروبا، حيث أعلنت سلطات الاتحاد الأوروبي عن اهتمامها بتنويع مصادرها من إمدادات الطاقة.
ومع ذلك، سيواجه المنتجون غير النفطيون نتائج سلبية تؤدي إلى ضغوط اجتماعية إضافية, التحويلات- لاسيما تلك الصادرة من المغتربين المقيمين في دول مجلس التعاون الخليجي- سوف تعوض جزئياً بعض الصدمة الهيدروكربونية (على سبيل المثال، بالنسبة للأردن ومصر).
في حين أن الدول الأكثر انفتاحاً على السياحة، على سبيل المثال، مصر, حيث يمثل الروس والأوكرانيون ما لا يقل عن ثلث السائحين الوافدين.
ومن المتوقع أن يواجهوا تباطؤاً في القطاع، مع بعض التأثيرات السلبية على التوظيف وميزان المدفوعات.
أخيراً، ستتأثر العديد من اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مادياً وسلبياً بالنزاع في أوكرانيا (على سبيل المثال، لبنان وسوريا وتونس واليمن).
هذه هي البلدان التي تعتمد في المقام الأول على أوكرانيا و/ أو روسيا لوارداتها الغذائية، وخاصة القمح والحبوب.
من المقرر أن تؤدي الأزمة إلى تعطيل سلاسل إمداد الحبوب والبذور الزيتية، وزيادة أسعار الغذاء، وزيادة تكاليف الإنتاج المحلي في الزراعة.
سيكون لانخفاض الغلات والدخول، وخاصة بالنسبة لصغار المزارعين، آثار سلبية على سبل العيش ومن المحتمل أن يؤثر بشكل غير متناسب على أولئك الذين يعتمدون على الزراعة للحصول على دخلهم، من بين الفقراء والضعفاء.
على رأس اهتماماتنا بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الهشة بالفعل, مثل سوريا ولبنان واليمن, حيث تهدد الأزمة الأوكرانية بشكل كبير الحصول على الغذاء.
تستورد سوريا ما يقرب من ثلثي استهلاكها من الغذاء والنفط، ومعظم قمحها يأتي من روسيا على وجه التحديد.
يستورد لبنان من أوكرانيا وروسيا أكثر من 90٪ من محاصيله من الحبوب, ولا يملك سوى حوالي شهر من احتياطي الحبوب.
كما تستورد اليمن نحو 40٪ من قمحها من البلدين الذين في حالة حرب.
ارتفع عدد الأشخاص الذين يعانون من الأزمات، والأسوأ من ذلك، انعدام الأمن الغذائي الحاد في اليمن من 15 مليوناً إلى أكثر من 16 مليوناً في ثلاثة أشهر فقط، في نهاية عام 2021.
لن تؤدي الحرب في أوكرانيا إلا إلى تفاقم هذه الديناميكية القاتمة بالفعل في اليمن.
يمكن أن تتسبب الصدمة المركبة للحرب في أوكرانيا في نتائج مأساوية في بعض بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إذا لم يتم توسيع نطاق المساعدة الإنسانية والتنموية في عام 2022.
ولإعطاء إحساس بالحجم، على المستوى الإقليمي، ضع في اعتبارك أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تأثرت العام الماضي 6٪ فقط من إجمالي سكان العالم، ولكن أكثر من 20٪ من سكان العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.
في البنك الدولي، نحن على استعداد للاستجابة بجميع الوسائل المتاحة ذات الصلة بطبيعة نقاط الضعف على المستوى القطري.
في المغرب وتونس ومصر، يمكن أن تثبت عمليات دعم الميزانية لدينا فعاليتها بشكل خاص، حيث من المتوقع أن تكون الأزمة محسوسة في الغالب على مستوى القيود المالية الكلية الوطنية.
نحن مستعدون أيضاً لتكثيف دعمنا لإنتاج وتسويق الأغذية الزراعية المحلية، والمخاطر الزراعية، وإدارة الاحتياطيات الغذائية في البلدان التي تعاني من صدمات على هذا المستوى، سواء من خلال تكاليف الطاقة والأسمدة المتزايدة، أو عوامل أخرى مثل الجفاف/ الضغوط ذات الصلة بالمناخ (على سبيل المثال العراق، اليمن، تونس، لبنان ومصر).
على المدى القريب، نحن أيضاً على استعداد لتوسيع برامج الحماية الاجتماعية المراعية للتغذية في بلدان مختارة، من خلال البناء على العمل المنجز منذ عام 2020 في سياق الاستجابة لوباء كوفيد-19.
أخيراً، سنظل ملتزمين بمواصلة تقديم المساعدة الفنية والتحليلية الوثيقة والهادفة، لاسيما إلى البلدان التي ستتأثر بشدة في قضايا تتراوح بين الاستدامة المالية وإصلاحات الدعم والأمن الغذائي ومراقبة التجارة وإدارة المخاطر الزراعية.
كما كان الحال عندما ظهرت أزمات أخرى في المنطقة، نحن في البنك مستعدون مرة أخرى للارتقاء إلى مستوى المسؤولية والتأكيد على دعمنا الثابت لشعوب منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
*فريد بلحاج: نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع