السياسية:

تعد الموانئ البحرية الرئيسية في اليمن أحد محاور الصراع والسيطرة بين الأطراف المختلفة في الحرب المدمرة المستمرة منذ 7 أعوام، وذلك لأهميتها الاستراتيجية التاريخية المغرية، ومواقعها المميزة لخطوط التجارة العالمية والنقل بين الشرق والغرب، إذ يعدّ بعضها شرياناً لتوريدات نفط الخليج إلى العالم عبر قناة السويس، ولا تخفي أطراف الصراع المختلفة سعيها للسيطرة عليها على الدوام.

حرب الموانئ في اليمن
آخر فصول هذا الصراع هو السيطرة المتبادلة على سفن واقتيادها للموانئ بين الحوثيين وقوات التحالف من جهة أخرى، حيث احتجز الحوثيون الإثنين 3 يناير/كانون الثاني 2022 سفينة إماراتية، مقابل ميناء الحُديدة (غرب اليمن) زاعمين أنها كانت تحمل معدات وآليات عسكرية. فيما اتهم الحوثيون قوات التحالف باحتجاز سفينة وقود لهم يوم الأربعاء 5 يناير، كانت في طريقها إلى ميناء الحديدة وتم اقتيادها إلى ميناء سعودي.

ومما قد يشعل حرب موانئ جديدة، هدد التحالف الذي تقوده السعودية يوم الثلاثاء، باستهداف موانئ يمنية واقعة تحت سيطرة جماعة الحوثي، بعد ساعات من استيلاء الجماعة المدعومة من إيران على السفينة الإماراتية، وقال المتحدث باسم التحالف إنه “في حال عدم الانصياع بالإفراج عن سفينة (روابي) فإن موانئ انطلاق وإيواء عملية القرصنة والاختطاف والسطو المسلح، وعناصر القرصنة البحرية التي حدثت، ستصبح أهدافاً عسكرية مشروعة”.

لكن الموانئ التي يسيطر عليها الحوثيون من جهة، والحكومة اليمنية المدعومة من قوات التحالف كذلك؟ وما أهميتها الاستراتيجية والتجارية؟

6 موانئ بحرية رئيسية في اليمن
تتمتع اليمن بشاطئ طويل على بحر العرب وكذلك البحر الأحمر، تقدر بنحو 2250 كم، تمتد من حدود اليمن مع سلطنة عُمان وحتى نهاية حدودها مع السعودية، وتتوزع على 9 محافظات، منها 6 محافظات على سواحل خليج عدن وبحر العرب و3 محافظات على البحر الأحمر.

وتوجد في اليمن ستة موانئ بحرية دولية (ميناء عدن، ميناء الحديدة، ميناء المكلا، ميناء المخاء، ميناء الصليف، وميناء نشطون) مجهزة لاستقبال البضائع والسفن وتقديم خدمات الشحن والتفريغ والتخزين.

كما توجد ثلاثة موانئ بحرية رئيسية لتصدير النفط (ميناء رأس عيسى، ميناء الشحر، وميناء بلحاف)، بالإضافة إلى تسعة موانئ بحرية محلية (ميناء سيحوت، ميناء الشحر، ميناء شقرة، ميناء سقطرى، ميناء رأس العارة، ميناء الخوخة، ميناء اللحية، ميناء ميدي، ميناء قنا).

ونظراً لطول الساحل اليمني، وكذلك لامتلاكها هذه الموانئ الاستراتيجية على طول الشريط الساحلي، بالإضافة إلى إطلال اليمن على مضيق باب المندب الممر الرئيسي للسفن العملاقة الناقلة للنفط، يعد حجم نشاط الملاحة البحرية في المياه الإقليمية اليمنية كبيراً، حيث تمر قرابة 20 ألف سفينة سنوياً في المياه الإقليمية اليمنية تدخل منها سنوياً ما بين 3000 و3500 سفينة إلى الموانئ اليمنية.

من يسيطر على الموانئ اليمنية؟
منذ عام 2014 الذي سيطر فيه الحوثيون على العاصمة صنعاء وأسقطوا فيه حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، وما تبعه إعلان السعودية عملية “عاصفة الحزم” إلى جانب تحالف خليجي وعربي واسع “لاستعادة الشرعية” في البلاد عام 2015، أصبحت الموانئ في قلب المعركة بين أطراف الصراع التي تقاسمتها، وهي كالتالي:

1- ميناء عدن (تحت سيطرة المجلس الانتقالي)
يُعدّ ميناء عدن أكبر الموانئ الطبيعية في العالم، ومن أهم المراكز التجارية البحرية بمنطقة خليج عدن. يقع الميناء على الساحل الجنوبي لليمن، ويبعد نحو 95 ميلاً بحرياً شرقي باب المندب، البوابة الجنوبية للبحر الأحمر، وكذلك يقع على الخط الملاحي الدولي الذي يربط الشرق بالغرب.

وازداد دور الميناء بعد فتح قناة السويس عام 1869؛ نظراً للخدمات التي كان يقدّمها الميناء للسفن المتّجهة من القناة وإليها، وبالدرجة الأولى فيما يخصّ تموين السفن بالوقود.

وطوال السنوات الماضية، كانت قوات الحكومة اليمنية بقيادة عبد ربه منصور هادي مدعومة من السعودية، تسيطر على الميناء الاستراتيجي، إلى أن سيطرت عليه قوات المجلس الانتقالي الانفصالية الموالية للإمارات بعد خوضها اشتباكات مسلحة في أغسطس/آب 2019 مع القوات الحكومية.

2- ميناء المخاء (تحت سيطرة الحكومة اليمنية)
يعد ميناء المخاء من بين أهم الموانئ اليمنية استراتيجياً، حيث يبعد 75 كيلومتراً فقط عن مضيق باب المندب، و100 كيلومتر عن مدينة تعز، وتم الانتهاء من تشييد الميناء الجديد في المخاء عام 1978، ويعدّ الشريان الأساسي لتوريدات نفط الخليج إلى أوروبا وأنحاء العالم الأخرى عبر قناة السويس.

ميناء المخاء يعتبر من أقدم الموانئ على مستوى شبه الجزيرة العربية، وكان الميناء هو السوق الرئيسية لتصدير القهوة بين القرنين الخامس عشر والسابع عشر. وقد أخذت قهوة الموكا والموكاتشينو الاسم من هذا الميناء.

مقاتل من قوات البحرية الاماراتية خلال نوبة حراسة في ميناء المخاء في اليمن يوم 6 مارس آذار 2018/ رويترز
وخلال الحرب الأخيرة، وقع الميناء تحت سيطرة قوات الحوثي، حتى تم استعادته من قبَل قوات الحكومة اليمنية معدومة من قوات التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات عام 2017.

3- ميناء الحديدة (تحت سيطرة الحوثيين)
يعدّ ميناء الحديدة على رأس أهم الموانئ اليمنية الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، وهو تحت سيطرتهم منذ 2014 حتى الآن، ومنه أيضاً تمدّ إيران -وفق تقارير دولية- الحوثيين بالأسلحة الثقيلة والآليات البحرية.

وتكمن أهمية ميناء الحُديدة الذي حاولت قوات التحالف السيطرة عليها كثيراً، أنه يقع في منتصف الساحل الغربي لليمن على البحر الأحمر، وهو من مراكز التجارة التاريخية على الساحل اليمني؛ نظراً لقربه من الخطوط الملاحية العالمية، ولكونه محميّاً حماية طبيعية من الأمواج، وأُنشئ في محافظة الحديدة عام 1961 بالتعاون مع الاتحاد السوفييتي.

ويحتوي الميناء على 8 أرصفة بطول إجمالي يتجاوز 1461 متراً، بالإضافة إلى رصيفين آخرين بطول 250 متراً في حوض الميناء، تم تخصيصهما لتفريغ ناقلات النفط. ويبلغ طول الممرّ الملاحي في الميناء أكثر من 10 أميال بحرية، ويبلغ عرضه قرابة 200 متر، في حين يصل عمقه إلى 10 أمتار.

ويستطيع الميناء استقبال سفن بحمولة 31 ألف طن كحدٍّ أقصى، كما يوجد في الميناء 12 مستودعاً لتخزين البضائع المختلفة، ويمتلك 15 لنشاً بحرياً بمواصفات ومقاييس مختلفة لغرض الإنقاذ البحري والقَطر والإرشاد والمناورات البحرية.

4- ميناء الصليف (تحت سيطرة الحوثيين)
يسيطر عليه الحوثيون منذ 2014 حتى الآن، ويعد ميناء الصليف من أهم الموانئ الاستراتيجية في اليمن، حيث يقع في الشمال الغربي لمدينة الحديدة ويبعد عنها بمسافة تصل إلى 60 كم، وكان قديماً يتم تصدير الملح منه.

ويتميز ميناء الصليف بالأعماق الكبيرة التي تصل إلى 50 قدم بحيث يستطيع استقبال بواخر عملاقة تصل حمولتها إلى 55000 طن، ويتميز بحمايته الطبيعية من الأمواج بجزيرة كمران، بالإضافة إلى صلاحيته لاستقبال سفن الترانزيت.

ميناء الصليف، تويتر
يمتلك الميناء رصيفاً مجهزاً لرسو السفن العملاقة بالإضافة إلى منشآت صوامع ومطاحن القمح والحبوب، كما تشتهر المدينة التي تحتضنه “الصليف” بمناجم الجبس والملح الصخري عالي النقاوة الذي يعتبر من أجود أنواع الملح في العالم، والذي اكتشف عام 1880م وتُقدر كميات الاحتياطيات منه بحوالي 150 مليون طن.

5- ميناء المكلا (تحت سيطرة الحكومة اليمنية)
يعد ميناء المكلا المنفذ البحري الوحيد في محافظة حضرموت جنوب شرق اليمن، المطلة على بحر العرب، وقد تم إنشاء الميناء الحديث في نهاية عام 1985 كميناء متعدد الأغراض يخدم الحركة التجارية والنفطية لمحافظة حضرموت والمحافظات المجاورة.

وكان ميناء المكلا يقع تحت سيطرة الحوثيين لفترة حتى تمت استعادته من قِبَل الحكومة اليمنية بدعم من قوات التحالف، ورغم صعوبات العمل به بسبب استمرار الحرب وتعرضه لهجمات صاروخية، يؤمّن الميناء لمحافظة حضرموت والمحافظات المجاورة لها، كل احتياجاتها الضرورية من مواد غذائية متنوعة ومشتقات نفطية، ومعدات وآليات وغيرها.

ميناء المكلا اليمني، واتس (تويتر)
يبلغ عمق الجزء الخارجي للميناء 15 متراً من نقطة التفرع، حيث تتجه قناة الميناء غرباً بعمق 14.7 متر، وتوجد به أربعة مراسٍ لمناولة النفط بعمق يتراوح ما بين 11.5 متر إلى 15.8 متر بالإضافة إلى مراسٍ مباشرة بعمق 11 متراً لغرض شحن غاز البترول المسال وسفن البضاعة الجافة ومراسي الدحرجة. أما القناة المؤدية إلى الميناء الداخلي فتتجه نحو الشمال الشرقي من نقطة التفرع وبعمق 15 متراً.

6- ميناء نشطون (تحت سيطرة الحكومة اليمنية)
يقع ميناء نشطون في محافظة المهرة وهو قريب من سلطنة عمان، وقد افتتح الميناء في أبريل/نيسان عام 1984 ويتبع مؤسسة موانئ البحر العربي اليمنية. وقد أنشئ “نشطون” كميناء متعدد الأغراض ليخدم الحركة التجارية ويمتاز بحركته التجارية بين دول الخليج ومحافظة المهرة.

يوجد في ميناء نشطون رصيف واحد متعدد الأغراض بطول 210 أمتار وغاطس 7 أمتار في مقدمة الرصيف، ويصل إلى 3 أمتار في مؤخرة الرصيف.

ويستخدم ميناء نشطون لاستقبال سفن الاصطياد وبعض السفن الصغيرة والسواعي التي تفرغ المواد الغذائية والمحروقات، وفيه مرسيان لسفن البضاعة العامة التي تصل حمولتها حتى 5000 طن، كما يوفر الرصيف آلية خاصة لتفريغ المحروقات من ناقلات النفط.

وإلى جانب الإدارة المحلية، تدير القوات السعودية الميناء منذ عدة أعوام، في حين تشهد محافظة المهرة احتجاجات على الوجود العسكري السعودي فيها وخصوصاً في الميناء، حيث يقول ناشطون في المدينة إن السعودية تسعى لاستحداث مواقع عسكرية في المحافظة، وأعمال تتعلق بمشروع نفطي سعودي.

المادة الصحفية نقلت حرفيا من موقع عربي بوست ولاتعبر عن راي الموقع