السياسية : أمل باحكيم

اضطراب الوسواس القهري عند الأطفال حالة مرضية شائعة الحدوث بكل أرجاء العالم تصاحبها أفكار ومشاعر ومخاوف غير مرغوب فيها تُسمى “الهواجس” تجعلهم في حالة من القلق الدائم وعادةً ما تدفعهم هذه الهواجس للقيام بسلوكيات قهرية ” لا ارادية” وتعيق سير الأنشطة المهمة في حياتهم اليومية، كالدراسة والرياضة وتكوين الصداقات وغيرها.

ويُشكل الوسواس القهري عند الأطفال ضغطًا نفسيًا حادًا يتسبب في ظهور الكثير من المخاطر سواء الجسدية أم المعنوية.

يبدأ اضطراب الوسواس القهري في المتوسِّط في عمر يتراوح بين 19 إلى 20 عامًا تقريبًا، ولكن تبدأ نسبة 25% من الحالات تقريبًا قبل عُمر 14 عامًا ويستمر المرض لعدة سنوات ويعتمد سرعة العلاج على حسب حدة المرض وتفاعل الطفل والناس المحيطين به مع سلوكيات الطفل.

 

ما هو الوسواس القهري عند الأطفال؟

الوسواس القهري حالة عصبية بيولوجية تدفع الطفل لإجراء مجموعة من السلوكيات المضطربة القهرية؛ نتيجة لشعوره المستمر بالخوف، أو ظهور بعض الأفكار الغريبة في رأسه.

الوسواس القهري اضطراب يتحكم في الطفل حتى يتمكن منه، ويشكل ضغطًا شديدًا عليه، يدفعه لإجراء سلوكيات غريبة بعض الشيء، وقد لا يتمكن الوالدين من تحديد سبب ما يمر به الطفل، فقد يكتفون بوصفه بالنظافة الشديدة، أو الجُبن، وهذا ما قد يزيد الأمر سوءًا.

ما أنواع الوسواس القهري لدى الأطفال؟

هناك نوعان من الوسواس القهري لدى الأطفال وهما كالآتي:-

وسواس معرفي: في تلك الحالة تظهر بعض الهواجس الداخلية لدى الطفل، بحيث تلح عليه بصفة مستمرة لكره ذاته، والتقليل من شأنه، بحيث يشعر بوجود صوت داخلي يخبره بأنه أحمق، وأن لا أحد يحبه، وأن شقيقته أفضل منه… وما إلى ذلك من أفكار على نفس المنوال.

 

وسواس سلوكي: الأكثر شيوعا يتسبب الوسواس السلوكي في منع الطفل من القيام بأنشطته، وممارسة حياته بصورة طبيعية، بحيث يستمر في تكرار بعض السلوكيات حتى يتأكد من إجرائه لها بشكل صحيح كل تلك التصرفات تتسبب في انعزال الطفل لاحقًا عن الناس، وهذا ما يجعله النوع الأخطر على الإطلاق.

ما اهم الاعراض؟

تظهر أعرَاض اضطراب الوسواس القهريّ تدريجيًا عادةً، ولكن يستطيع معظم الأطفال إخفاء أعراضهم في البِدَاية حيث يكُون الأطفال مهووسين غالبًا بهموم ومخاوف من التعرُّض إلى الأذى، مثل التقاط مرض قاتل أو حدوث إصابة لهم أو للآخرين، ويشعرون بأنهم مرغمون على فعل شيء لتحقيق التوازن أو لتحييد همومهم ومخاوفهم، فعلى سبيل المثال، قد يقومون بالأمور التالية بشكلٍ متكرر:

  • غسل الأيدي بشكل مفرط واتخاذ التدابير الشديدة؛ نتيجة الخوف الحاد تجاه البكتيريا، والإصابة بالأمراض.
  • هوس النتف ” شد الشعر”.
  • قرص الجلد او جرحة بالأظافر.
  • التحقق من أنَّهم قاموا بإلغاء المنبِّه أو أقفلوا الباب.
  • عد الأشياء المتنوعة كالأقلام، أو الخطوات.
  • الجلوس والنهوض عن الكرسيّ.
  • إجراء العديد من التصحيحات في الواجب المدرسيّ.
  • مضغ الطعام لعدد معين من المرات.
  • تجنب لمس أشياء معينة.
  • القيام بطلبات متكررة لعشرات او مئات المرات يوميا للطمأنينة لبعض الأشياء.
  • الهوس المستمر باقتناء، وشراء نفس الأشياء.
  • الفحص المستمر للأشياء نتيجة الشك المفرط.
  • تنظيم، وتنسيق الأشياء بأسلوب دقيق، ومنظم.
  • الإصرار على اختيار الثياب بالأكمام الطويلة للحد من تعرضه للجراثيم.
  • الاهتمام الشديد بالتفاصيل.
  • الأفكار والسلوكيات العدوانية ” اذا احد حرك او خالف كلامة وترتيباته”.
  • تنظيف أشياء معيَّنة وترتيبها باستمرار.
  • تكرار نفس الكلمات او الاسئلة لأكثر من مرة

كيف يمكن الكشف عن الوسواس القهري لدى الأطفال؟

من الصعب اكتشاف الوسواس القهري عند الأطفال، بسبب عدم قدرتهم على الإفصاح عما يعايشونه؛ خوفًا من انتقاد والديهم، أو المحيطين بهم، لكن بمجرد أن يلاحظ الوالدان ظهور أعراض تلك الحالة القاسية على طفلهم يجب تتبعها، وسؤال الطفل عن سبب دفعه للقيام بمثل تلك التصرفات غير المبررة، بمجرد أن يتأكد الوالدين من وجود شيء غريب بطفلهم، وأن ما يقوم به ليس منطقيًّا، من الأفضل أن يتوجهوا لطبيب نفسي مختص، والتحدث معه عما يلاحظونه على طفلهم.

وهنا يأتي دور الطبيب في سؤال الطفل أكثر من سؤال يتمحور حول: الأعراض، ودرجة حدتها حتى يتمكن من تحديد درجة خطورة الحالة كما يسعى معظم الأطباء إلى إجراء الفحص البدني، أو المعملي “بهدف استبعاد وجود إصابة طبية أخرى تتسبب في ظهور نفس الأعراض” وبصفة عامة سيُشخص الطفل بمرض الوسواس القهري عند ملاحظة الطبيب وجود تأثير سلبي كبير على الطفل، وحياته اليومية..

ما هي أسبابه؟

  • القلق او الخوف من التعرُّض إلى الأذى أو تعرُّض شخص عزيز إلى الأذى (عن طريق المرض مثلًا أو التلوُّث أو الوفاة).
  • انخفاض الناقل العصبي ” السيروتونين” في المخ المسؤول عن التواصل بين الخلايا وبعضها ” وتلك الحالة دائمًا ما تكون وراثية”.
  • العوامل البيئية القاسية المحيطة بالطفل تتسبب في قلقه الشديد المسؤول عن ظهور تصرفات قهرية
  • عدوى الحمى القرمزية، أو المكورات العقدية، أو التهاب الحلق
  • العيوب الخلقية في المخ، تحديدًا بالقشرة المدارية، سببًا في الإصابة بتلك الحالة، حيث يكون ذلك الجزء هو المسؤول عن المهارات المعرفية، وآلية اتخاذ القرارات، وعند تعرضه للتشوهات يسبب الوسواس القهري عند الأطفال.
  • الوراثة: عادةً ما يُورث الوسواس القهري في العائلات، لذا قد يكون السبب وراثيًّا نتيجة طفرة جينية معينة، ولكنه قد يحدث دون وجود تاريخ عائلي للإصابة بالمرض أيضًا.
  • عدوى المكورات العقدية: تسببها البكتيريا التي تنتج عن التهاب الحلق عند الأطفال، وتربك جهاز المناعة لدى الطفل، فيهاجم الدماغ بدلاً من العدوى” يُسمى هذا النوع من الوسواس القهري باضطراب المناعة الذاتية العصبية لدى الأطفال المرتبط بالمكورات العقدية (PANDAS)”.

ما الاثار الجانبية المرتبة لأفكار وسلوكيات الطفل؟

 

  • قلق دائم
  • خوف شديد
  • ظهور الهواجس الداخلية المتعلقة بشيء واحد أو أكثر
  • القيام بسلوكيات قهرية لا يستطيع ان يتوقف عن عملها
  • الأذى النفسي او الجسدي
  • التوحد والانعزال
  • البكاء والصراخ المتواصل
  • الشعور بالضيق والتوتر لعدم عمل سلوك معين
  • سريع الغضب
  • العنف خاصة إذا منع من ممارسة السلوك
  • الانتحار

 

ما طرق الوقاية من اضطرابات الوسواس القهري لدى الأطفال؟

علاج الوسواس القهري ليست حالة يمكن للطفل التخلص منها أو السيطرة على هواجسها، لأنه يمارس هذه السلوكيات بشكل لا إرادي منه، ومع ذلك يمكن السيطرة على هذا الوسواس أو التخفيف من أعراضه، ويعتمد الأمر على حالة الطفل وعمره وصحته العامة.

ويعتمد علاج الوسواس القهري عند الأطفال على أسلوبين: أحدهما يتمثل في العلاج الدوائي الذي يساعد في التخفيف من وطأة الأعراض، والآخر علاج نفسي يزيد من قوة الطفل، ويدعمه بفعالية ضد المرض.

المعالجة بالأدوية: يشخص الأطباء اضطراب الوسواس القهريّ استِنادًا إلى الأَعرَاض حيث يصف الطبيب مضادَّات الاكتئاب السيروتونين, كلوميبرامين او المضادات الحيوية

العلاج السُّلُوكي المعرفي: يلجأ أغلب الأطباء إلى العلاج السلوكي المسمى “بالتعرض والاستجابة” وهو واحد من أكفأ العلاجات الفعالة لحالة الوسواس القهري عند الأطفال حيث يساهم الطبيب في تحسين سلوكياتهم، وتعديلها عن طريق تحديد الطبيب للطفل عددًا محددًا في اليوم لعمل السلوكيات القهرية على أن يٌقلل العدد تدريجيًا؛ وبالتالي الوصول إلى التخلص منه نهائيًّا وبدعم الوالدين والمدرسة يساعد الطبيب في علاجه بوقت قصير.

ما أهم النصائح للتعامل مع الأطفال؟

في الواقع يشكل التعامل مع مصابي الوسواس القهري تحديًّا صعبًا، لا سيما إذا كانوا في مرحلة الطفولة، أو المراهقة، حيث من الصعب السيطرة على تصرفاتهم، لا يوجد خيار أمام الآباء سوى مساندة الطفل؛ للتصدي للسلوكيات القهرية، مواجهتها بفعالية؛ لذا يجب على كل أب وأم وضع المعايير التالية في اعتبارهما عند التعامل مع طفلهما المُصاب:

  • الابتعاد عن انتقاد أفعال وسلوكيات الطفل، أو الشكوى منها.
  • الحرص على الإلمام بكل جوانب المرض، والمطلوب من المحيطين بالمريض؛ للتخفيف من وطأة الأعراض لديه.
  • ضرورة أخذ الطفل لطبيب نفسي؛ لتحديد السبب، والعمل على علاجه.
  • تفهيم الطفل بما يعانية بسلوب هادئ.
  • والبحث عما يزيد من حالة السكون، والاسترخاء لديه دون ملل، كإخباره بممارسة اليوجا.
  • منح الطفل الدعم الذي يحتاجه من “أشقائه، عائلته، أصدقائه، وزملائه” حتى يتمكن من هزم الوسواس القهري.
  • ضرورة التحلي بالصبر، والهدوء عند التعامل مع الطفل، والحرص على عدم إشعاره بصعوبة مرضه.
  • عدم تعنيفه على سلوكيات أو إجباره على عدم ممارستها
  • الالتزام بالخطة العلاجية التي يصفها الطبيب
  • احتوى الطفل بكل حنان وحب ” لأن هذه الممارسات ترهقه بالفعل وتشعره بالخوف”.
  • اشعار المدرسة بتصرفات طفلهم لتستطيع ان تتعامل معه.

خلاصة القول بعد الوسواس القهري مرض يصيب اغلب الأطفال واحيانا يتجاوز سن البلوغ بكثير له أسبابه وأعراضه و لكن من المهم معرفة كيفية التعامل مع المريض ومساعدته في التغلب على الأفكار والسلوكيات القهري ” اللاإرادية” إضافة الى الادوية والمهدات مما يساعد في تقليل فترة العلاج تدريجيا التي قد تستمر عدة سنوات ومن المهم ايضا معرفة الطفل بطريقة غير مباشرة ان هذا المرض عبارة عن أفكار يجب ان يحاول ان لا يستسلم لها وان لا شيء سيحدث أن لم يفعلها سوء له او المحيطين به مما سيعزز من قوته وسيستجيب للعلاج اسرع.