أفغانستان – نهاية الاحتلال (4-9)
بقلم: نانسي ليندسفارن وجوناثان نيل
(موقع “الشبكة الدولية- “réseau internationalالفرنسي- ترجمة: أسماء بجاش, الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)
ماذا عن الأفغانيات ؟
سوف يسأل العديد من القراء أنفسهم الآن وبإصرار، ماذا عن المرأة الأفغانية؟ الجواب ليس بسيط.
علينا أن نعود إلى سبعينيات القرن الماضي, ففي جميع أنحاء العالم، تترابط نظم معينة لعدم المساواة بين الجنسين مع نظام معين لعدم المساواة بين الفئات, والوضع في أفغانستان لم يكن مختلف.
في أوائل السبعينيات، قامت نانسي بعمل ميداني أنثروبولوجي مع مجموعة من نساء ورجال البشتون القاطنون في المناطق الشمالية من البلد, حيث كانوا يقتاتون على الزراعة وتربية الماشية.
ثم نشرت نانسي كتاباً بعنوان “العرائس المتبادلة: السياسة والزواج” في المجتمع القبلي, شرحت من خلاله الروابط بين الانقسامات الطبقية والجنسية والعرقية في ذلك الوقت.
وإذا كنت تريد أن تعرف ما رأي هؤلاء النسوة بأنفسهن وفي نمط حياتهن ومشاكلهن وأفراحهن, أصدرت نانسي وشريكها السابق ريتشارد تابر, مؤخرا “صوت القرية الأفغانية”، وهي ترجمة للعديد من التسجيلات التي أدلت بها العديد من النساء والرجال لهم في الميدان.
هذه الحقيقة كانت معقدة ومريرة وقمعية ومليئة بالحب, وبهذا المعنى العميق، لا يختلف عن تعقيدات التحيز الجنسي والطبقات الاجتماعية في الولايات المتحدة.
لكن مأساة نصف القرن القادم ستغير الكثير من الأشياء, حيث وقد أسفرت هذه المعاناة الطويلة من التحيز الجنسي الخاص لطالبان الذي ليس نتاجا تلقائيا للتقاليد الأفغانية.
يبدأ التاريخ بنقطة التحول الجديدة هذه في العام 1978, ثم بدأت الحرب الأهلية بين الحكومة الشيوعية والمقاومة الإسلامية للمجاهدين.
كان الإسلاميون يجتاحون ساحة المعركة، لذا قام الاتحاد السوفييتي بغزو البلد في أواخر العام 1979 لدعم الحكومة الشيوعية.
تبعتها سبع سنوات من الحرب الوحشية بين السوفييت والمجاهدين, وفي العام 1987, غادرت القوات السوفيتية الأراضي الأفغانية وهُزمت.
وعندما عشنا في أفغانستان في أوائل السبعينيات، كان الشيوعيون من أفضل الناس, وكانوا مدفوعين بثلاث عواطف, حيث أرادوا تطوير البلد, كما أرادوا كسر قوة كبار ملاك الأراضي وتقاسم الأرض, كما أرادوا المساواة للمرأة.
ولكن في العام 1978, تمكن الشيوعيون من بسط سيطرتهم على السلطة في أعقاب انقلاب عسكري بقيادة الضباط التقدميين.
وفي المقابل, لم يحصلوا على الدعم السياسي من أغلبية القرويين، في بلد يغلب عليه الطابع الريفي.
ونتيجة لذلك، فإن الوسيلة الوحيدة للتعامل مع المقاومة الإسلامية الريفية هي شن حملة الاعتقالات والتعذيب وشن الغارات التفجيرية, وكلما كان الجيش بقيادة الشيوعيين يمارسون هذه القسوة، كلما نمت الثورة.
توالت الأحداث, وغزا الاتحاد السوفياتي البلد لدعم الشيوعيين, حيث كان سلاحهم الرئيسي هو الغارات الجوية، وبهذا أصبحت أجزاء كبيرة من البلد تعيش تحت وطأة العمليات القتالية, حيث نتج عن ذلك, مقتل ما بين نصف مليون ومليون أفغاني.
كما أدى ذلك إلى إصابة ما يقرب من مليون شخص بإعاقات دائمة وتشوهات, دفع هذا الوضع ما بين ستة ملايين وثمانية ملايين أفغاني إلى النزوح في إيران وباكستان، وأصبح ملايين آخرون لاجئين داخليين, وكل هذا في بلد لا يتجاوز عدد سكانه خمسة وعشرين مليون نسمة.
وعندما أحكموا قبضتهم على مقاليد الحكم, كان أول ما حاول الشيوعيون القيام به هو الإصلاح الزراعي والتشريع من أجل حقوق المرأة.
ومع غزو الروس للبلد، انحاز معظم الشيوعيين إلى جانبهم وكان العديد من هؤلاء الشيوعيين من النساء وكانت النتيجة تشويه اسم الحركة النسائية بدعم التعذيب والمذابح.
تخيل أن الولايات المتحدة الأمريكية تتعرض للغزو من قِبَل قوة أجنبية قتلت ما بين اثني عشر إلى أربعة وعشرين مليون أميركي، وعذبت الناس في كل مدينة، ودفعت بـ 100 مليون أميركي إلى النزوح, تخيل أيضا أن تقريبا جميع النساء في الولايات المتحدة الأمريكية عملت على دعم الغزاة.
بعد هذه التجربة، كيف تعتقد أن معظم الأمريكيين سوف يتجاوبون مع غزو ثان من قبل قوة أجنبية أخرى، أو مع النسوية؟
كيف ترى في تفكير معظم النساء الأفغانيات في غزو أخر، هذه المرة من قبل الأمريكيين، مبررة ذلك بالحاجة إلى إنقاذ النساء الأفغانيات؟ ولا ننسى أن هذه الإحصائيات المتعلقة بالأموات وذوي الإعاقات واللاجئين تحت الاحتلال السوفياتي لم تكن أرقام مجردة, وهم نساء لا يزلن إلى أبناؤهن وبناتهن، وأزواجهن، وأخواتهن وأخواتهن وأمهاتهم وآبائهم على قيد الحياة.
لذلك عندما غادر الاتحاد السوفياتي الأراضي الأفغانية بعد أن مُني بالهزيمة، تنفس معظم الناس الصعداء, ولكن القادة المحليين للمجاهدين الذين يقاومون الشيوعيين والغزاة, أصبحوا بعد ذلك أمراء حرب محليين وقاتلوا فيما بينهم من أجل الظفر بغنائم النصر.
أيد أغلبية الأفغان المجاهدين، ولكنهم الآن يشعرون بالاشمئزاز من الجشع والفساد والحرب التي لا نهاية لها.
* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع